الخميس، أبريل 14، 2011

آل مبارك وعصابتهم استثمروا الأموال عبر نظام »الويدج« المالي


بقلم: حنان البدري

- النائب العام وجه مذكرة للإدارة الأمريكية مكونة من 14 صفحة حول سحب جمال مبارك 75 طن ذهب
- سر تحويل 22 مليار دولار من مصر إلي البنك المركزي الأمريكي
في الوقت الذي كان الجميع في مصر يتابع مجريات التحقيق مع الرئيس السابق حسني مبارك وولديه كان كثيرون في واشنطن يتابعون التطورات السريعة علي الارض في مصر حول الموضوع ذاته فيما استمر الجدل في اروقة واشنطن السياسية حول ثروات آل مبارك، بل وثروات الدائرة التي احاطت به علي مدي ثلاثين عاماً وكان من المؤكد معرفة جهات بعينها أين ذهبت هذه الاموال، كانت الدهشة مما نشر في صحيفة الواشنطن بوست حول حجم الثروات الخاصة بآل مبارك وقيام جمال مبارك بسحب 75 طناً من الذهب من البنك الفيدرالي الامريكي باعتباره عضواً في مجلس ادارة البنك المركزي حسب ما نشرته الصحيفة من مضمون مذكرة تطلب التعاون والمساعدة القضائية ارسلها النائب العام المصري مدونة في 12 صفحة وباللغة العربية »!!«.

هذه المذكرة تحديداً والتي قال لي دبلوماسي مصري مخضرم انه علم بأن الوزير نبيل العربي أمر باعادة كتابتها قانونياً وبالانجليزية كانت سبب الدهشة الأمريكية، وهي دهشة للأسف وصلت الي حد التهكم ـ في بعض وسائل الاعلام الامريكية علي الأقل ـ وخضعت لفحص امريكي دقيق علي المستوي الرسمي لقد كان الأمر يستلزم الاستطلاع علي المستوي الرسمي وغير الرسمي الأمريكي، وايضاً المراجعة مع عدد من مخضرمي الدبلوماسية المصرية بالقاهرة وحول العالم.
وقبل الخوض في تفصيل ما كشفه وقاله هؤلاء ينبغي أولاً توضيح ما اكده لي البيت الابيض من الرغبة الامريكية في التعاون مع السلطات القضائية المصرية لمساعدتهم وكيف ان هناك فريق عمل امريكياً يلتقي ما بين مرتين وثلاث مرات مع فريق عمل مصري بالقاهرة لبحث الامر وسبل التعاون وان الفريق الامريكي يضم ملحقاً مختصاً بالشق القانوني وآخر من الـ أف بي أي »مكتب التحقيق الفيدرالي« ومعينيين اخرين، وأيضاً اكدوا ان الولايات المتحدة كانت الدولة الاولي التي بادرت بالتعاون مع مصر في هذا الشأن بل وناشدت الاوروبيين التعاون.
وعودة لحصيلة ما قالته مصادر امريكية نافذة اجد أن اهم ما قيل لي صراحة يتلخص في الآتي:
أنه ينبغي علينا كمصريين ألا نتوقع الكثير من الكشف عن الاموال الموجودة في الولايات المتحدة والمتداولة بمعرفة آل مبارك وشركاه وذلك لأن ما حصلوا عليه حتي الان ليس بكبير ولا يقارن بحجم المبلغ الذي يتردد عبر وسائل الاعلام وحتي من خلال خطاب النائب العام.
وقالوا انهم لن يتمكنوا بقدر كبير من متابعة كل ما جاء في مذكرة النائب العام لانها ببساطة عبارة عن بلاغات من اشخاص أو معلومات مرسلة مأخوذة من تقارير صحفية دون ادلة واضحة أو تفاصيل مفيدة وان هناك خشية امريكية من ان تكون تلك المبالغات متعمدة لسد الطريق امام معرفة الحقيقة أو ان تكون مبالغات حسنة النية ولكنها غير مطلوبة ولا تساعد علي فتح تحقيق واقعي وعملي وانه من الافضل للمصريين التركيز علي بلاغات مضمونة حتي وان كان المتاح قليلاً لأن ذلك من شأنه المساعدة للتوصل الي نتيجة مضمونة.
انه بالنسبة لما قيل عن سحب جمال مبارك للذهب فقد شكك كل الامريكيين الذين التقيتهم بمن فيهم شخصيات بارزة لديهم علاقات وطيدة مع مصر وقال لي احدهم إنه من المعروف ان الذهب المصري انفق معظمه في الفترة من 58 إلي 1966 »لاسيما في فترة حرب اليمن« وتأكدت من السفير حسين شاش بعد ذلك من ان اخر كمية من الذهب خرجت للاستعمال القومي قبل وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر »حوالي 17 طناً« وذلك علي متن طائرة استقلها المصرفي المصري علي نجم وقتها.
وإذا كان هناك ذهب مصري سواء في البنك الفيدرالي الامريكي او في قاعدة الذهب الامريكية »قلعة فورت نوكس« فقد اكد الامريكيون انه لا يوجد ذهب في تلك القلعة بكنتاكي التي يرمي فيها احتياطي الذهب الامريكي بالاطنان وبما يساوي المليارات.
واستوقفني ما كشفه لي احدهم عن قيام مصر بتحويل احتياطي مالي يقدر بـ22 ميار دولار للبنك المركزي الامريكي رافضاً الادلاء بتفاصيل اكثر ليعيدني الي سؤال مشابه واجهت به الوزير السابق رشيد محمد رشيد خلال احدي زياراته وكان الاقتصاد العالمي يمر بأزمة كبيرة وسألته عما ستفعله مصر في احتياطيها ونسبة الفائدة مع هذه الازمة وهو بالطبع راوغ ورفض الاجابة عن هذا السؤال وفي حضور دبلوماسي مصري. أما عن هذا الاحتياطي الذي رفض البنك الفيدرالي الامريكي الافصاح عن اي معلومات حوله فإنه من غير المتوقع كما فهمت امريكا ان تتحصل عليه مصر الا بعد اطمئنان واشنطن لوصول حكومة شرعية واستقرار واضح ووفق الترجمة السياسية الامريكية فهذا يعني ان علي امريكا التأكد اولاً من عدم وصول الاسلاميين للحكم، هذا المفهوم كان واضحاً لي تماماً لاسيما عندما اشار نفس المصدر الي مثال التعامل الامريكي مع الصومال كنموذج مع الفارق وحيث مازالت اموال الصومال مجمدة للآن واضاف أن الامر يندرج علي اية اموال مصرية مطلوبة بالخارج بما فيها المنسوبة لآل مبارك خصوصاً في البنوك السويسرية والتي اعتادت في حالة وفاة المودع أو عدم تمكنه من الوصول للأموال بنفسه من ابتلاع تلك الاموال وبالتالي ضياعها علي الطرفين المودع أو ورثته ـ من ناحية ـ أو الدولة المسروق منها المال من ناحية اخري.
ولكن هذه المساحة المظلمة تراجعت عندما شرح لي آخر بعض المعلومات حول اموال آل مبارك مرجحاً وحسب معلوماته ان يكون جانب كبير منها يتم استثماره عبر انظمة مضاربة خاصة بأثرياء العالم تسمي »الويدج« وعادة ما تتم عبر شركات مقارها في اماكن خارج امريكا مثل جزر الكايمان »بشقيها التابع لامريكا ولبريطانيا« بينما تدار الاموال في الولايات المتحدة بل وحول العالم وهذا النظام يمنح اصحابه اجراءات حماية صارمة تحمي اسماء المضاربين واستثماراتهم وخصوصية معلوماتهم الشخصية والمالية »ويكفي ان نعرف ان راتب من يدير احدي هذه الشركات الاستثمارية يصل الي ثلاثة مليارات دولار في العام« لكي تدرك حجم الاستثمارات التي تتم عبر هذا النظام والذي يسمح لصاحبه باستخدام آليات مضاربة غير مسموحة للغير مثل القيام بعمليات مضاربة بالبيع للاسهم قبل ان يشتريها أو يمتلكها بالفعل.
* ان بقية الثروات لآل مبارك في امريكا والعقارية منها اي المكشوفة او التي تم شراؤها وادارتها عبر شركات عقارية وشركات محاماة كتلك التي كانت تدير حملة التوريث في واشنطن وتمول من جيب الشعب المصري، فهذه امرها سهل كما قال هؤلاء.
* ان الولايات المتحدة لديها معلومات خارجية حول بعض ثروات آل مبارك في اطار شركات اجنبية او عقارية بدبي وقد ذكر لي احدهم انهم تلقوا معلومات حول اموال بالسعودية وبمملكة البحرين وان هناك بعض الاموال التي تم تحويلها من اوروبا الي مملكة خليجية صغيرة بعد ثورة 25 يناير.
وجدير ان اذكر هنا انني عندما سألت عن حقيقة ما أشيع في مصر مؤخراً حول قيام السفير الامريكي السابق لدي مصر فرانك وزنر بمساعدة مبارك في ادارة او تهريب امواله، ان انكر مصدر امريكي رفيع الامر تماماً وقال ان وزنر ذهب برسالة محددة الي مبارك الذي استقبله وكانت طلباً أمريكياً منه بالنظر في مسألة التنحي، وكيف أن مبارك وعده بالرد، انتظر وزنر طويلاً في غرفته بأحد الفنادق القريبة من مطار القاهرة علي أمل أن يطلبه مبارك للقاء لإبلاغه بالرد، لكنه لم يفعل فما كان من »وزنر« الذي اتصل بواشنطن وعبر السفارة إلا أن يعود لواشنطن دون أية إجابة من مبارك ـ هذا كل ما حدث،وعندما سألته لماذا لم يرد وزنر قال المصدر أن وزنر لم يرد أن تحدث إجابته المزيد من الجدل حول أمر لم يحدث قط، علي الرغم من أن وزنر والذي كان علي علاقة وطيدة بمبارك يعتبر نفسه صديقاً للمصريين أكثر منه معرفة طويلة مع مبارك.
علي أية حال فما يمكن استنتاجه من ما يزيد علي ثماني مقابلات مهمة في أقل من »48 ساعة« حول أفضل السبل والحلول لاسترداد ثروات آل مبارك وكافة المتهمين بالفساد في عصره، تكمن بالأساس في ضرورة أن يتفهم المصريون الواقع الحالي بالنسبة للطرق الرسمية وهي حتي مع وجود حكم قضائي مدني مطلوب أمريكياً وأوروبياً إلا أنها تظل مسألة صعبة، وحسب هؤلاء فإن ميدوف الملياردير الأمريكي المسجون حالياً أخفي »80« ملياراً ولم تتمكن السلطات من الحصول سوي علي ما يزيد علي »3« مليارات بقليل، أي أن الأموال تختفي أيضاً في أمريكا، بعضهم نصح الحكومة المصرية باستيضاح الأمر لها من محافظ البنك المركزي فاروق العقدة لاسيما ما يتعلق باحتياطي الأموال المصرية وهي التي وافق مبارك »فوراً« حسب تعبير هؤلاء علي نقلها حين نصحته أمريكا بذلك، قبل أن يضيفوا بأن علاء مبارك أيضاً ربما كان معنياً بالأمال أكثر من أخيه لفترة طويلة، علي الرغم من عمل الأول أي جمال بمجال البنوك ومعرفته بكبار دافوس.
عموماً فإنه حتي مع ذلك فإن هناك حلولاً يمكن من خلالها استعادة ما يمكن استعادته من الأموال المنهوبة من قبل نظام مبارك علي مدي عشرين عاماً علي الأقل وهي:
1ـ أن يطالب الأمن القومي المصري نظيره الأمريكي بدين قديم وأن تبلغ المخابرات المصرية الـCIA بأن الوقت قد حان لتسديد الدين،لمصر التي ساعدت الولايات المتحدة علي مدي ثلاثة عقود ممتدة بشكل لم تفعله حتي أقرب الحلفاء أي إسرائيل لأمريكا.
ـ وهذا التعبير ليس لي بل لمسئول أمريكي اعترف به ـ وذلك بمساعدة مصر بالمعلومات المطلوبة من قبل الـCIA التي تسجل كل تحركات الأموال حول العالم.
2ـ أن يتم الاستمرار في الملاحقات القضائية والتحقيقات في الوقت الذي يتم فيه الاستعانة عبر مناقصة بشركات أمريكية معروفة ومتخصصة وعادة ما تتقاضي نسبة ما بين 5 ـ 10 بالمائة من المبالغ التي يتم ملاحقتها ولديها مخبرون معظمهم رجال أمن سابقون ومتخصصون في متابعة الأموال حول العالم.
ولهؤلاء يد طولي ومدفوعون بالأجر الضخم الذي يتحصلون عليه عادة ما ينجحون بنسبة نجاح تبلغ أضعاف ما تستطيعه الحكومة الأمريكية المقيدة بسياسات ومصالح وأحياناً بقوانين وبالمناسبة فقد صدر موخراً قانون أمريكي تمنح بموجبه الحكومة من يبلغ عن أي مخالفات تهريب مالية نفس النسبة.
3ـ أن تحاول مصر سياسياً ودبلوماسياً اقناع الدول العربية الشقيقة لاسيما تلك التي يمتلك فيها آل مبارك عقارات ضخمة وشركات وأموالاً بالتعاون مع الشعب المصري مساعدتهم في استعادة هذه الأموال.
4ـ أن تطرح مصر نداء عاماً للمصريين والحقوقيين لاسيما منظمات مكافحة الفساد لتقصي الحقائق والابلاغ عن معلومات حول ممتلكات المدانين في مصر وقد سبقنا الي هذه الفكرة بالفعل مجموعة من المصريين في كاليفورنيا وتترأسهم أمريكية من أصل مصري وهي سيدة ثرية ولديها معلومات موثقة وخطيرة عن ممتلكات الفاسدين في كاليفورنيا وقد دعت وهي تجمع المعلومات رجال الأعمال والمتعاملين في العقار بالتقدم بما لديهم من معلومات موثقة وحيث تنوي اللجوء للقضاء الأمريكي لاثبات فساد أموال هؤلاء.
وهذه الخطوة يمكن تعميمها عبر العالم لملاحقة الفساد واستعادة أموال المصريين.
5ـ الخطوة الخامسة والأهم هي »المقايضة« أي مقايضة مبارك وأولاده وكافة الفاسدين بحكم مخفف لابد منه لاثبات العبرة وحكم القانون حتي لا يجرؤ أحد علي سرقة مصر مرة أخري، وذلك مقابل إعادتهم للأموال.
وفي كل الأحيان فإنه بالمستطاع استعادة جانب من هذه الأموال عبر تلك الطرق، إلا أنه وإن كان مبارك يواجه اتهامات إدانة بجرائم شتي باعتباره مسئولاً عنها كرئيس للجمهورية مهما حاول آخرون أن »يشيلوا القضايا«، فهذا الرجل قد فقد شرعيته منذ أن أبي للمرة الأولي تنفيذ حكم قضائي الأهم فهو شريك منذ أن سمح لولديه بأن يقبلا التربح واستغلال السلطة والمشاركة في شركات أضرت بالاقتصاد الوطني وقد كشف لي أحدهم في واشنطن ان وظيفة جمال علي سبيل المثال في بنك أوف أمريكا كانت رشوة  مقنعة لمبارك الأب مسئول أيضاً عن السماح لابنه بتولي وظيفة يتعامل فيها مع ديون مصر الميتة والتي لا يفترض أن يدفع فيها أكثر من »20٪« في أن يشتريها بأكثر من ذلك بقليل ثم يعيد بيعها للمصريين بثمنها الأصلي، أيضاً من جرائمه.



ا 

ليست هناك تعليقات: