أولاً: المحاور الرئيسة للتغيير الديمقراطي
1 ـ دستور جديد ونظام حكم ديمقراطي
إن التغيير الديمقراطي الشامل الذي يؤكده الوفد هو صمام الأمان لحماية البلاد من المشكلات والكوارث الناتجة عن الفساد واختلاط رأس المال مع سلطة الحكم، والتخلص من فرض رأي الحزب الحاكم في توجيه مقدرات البلاد وإخضاعها للتجارب غير المدروسة وغياب الأسس الاقتصادية والموضوعية في اتخاذ القرارات بما له تأثيرات سالبة يعاني منها المواطنون وما نتج عنها من إهدار الموارد الوطنية والتفريط في الثروة والأصول المملوكة للشعب والأجيال القادمة.
ويري الوفد أن يأتي الدستور الجديد للبلاد محققاً لعناصر البناء الديمقراطي المنشود وشاملة ما يلي:
1 ـ الأخذ بعناصر مهمة من النظام البرلماني بحيث تنفصل رئاسة الدولة عن ممارسة السلطة التنفيذية التي يباشرها مجلس الوزراء المسئول أمام البرلمان.
2 ـ أن يكون الترشيح لرئاسة الجمهورية وفق الضوابط والشروط المتعارف عليها دولياً بحيث تزال العوائق التي تفرضها المادة رقم 76من الدستور الحالي، وفي نفس الوقت أن تكون هناك ضوابط تهدف إلي تأكيد الجدية في عملية الترشيح من دون أن تتحول إلي موانع غير مقبولة.
3 ـ تحديد فترة رئاسة الجمهورية بحيث تكون قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.
4 ـ يعين رئيس الجمهورية رئيس الوزراء، الذي يتوجب عليه الحصول علي ثقة البرلمان. ويقبل استقالته إذا فقد تلك الثقة. كما يعين نواب رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم بناء علي اقتراح رئيس الوزراء.
5 ـ فعيل آليات ديمقراطية تسمح بتداول السلطة سلمياً وحضارياً بين الأحزاب السياسية، وضرورة تحديد مدة شغل المناصب القيادية في الدولة ومنع تجاوزها.
6 ـ إلغاء لجنة شئون الأحزاب وإتاحة الحرية كاملة للمواطنين الراغبين في تأسيس أحزاب سياسية في الدعوة لتأسيسها وحشد الأعضاء، ويعتبر الحزب قائماً وشرعياً بمجرد إخطار الجهة الإدارية المختصة وفق القانون الذي يبين إجراءات اعتراض الجهة الإدارية في حالة تعارض أهدافه ومبادئه وبرنامجه مع الدستور والقانون.
7 ـ تطوير النظام الانتخابي ليكون بالقائمة النسبية غير المشروطة باعتباره النظام الأفضل لتفعيل التعددية السياسية في هذه المرحلة من التطور الديمقراطي، وفي ذات الوقت يجب فصل جميع الهيئات والآليات ذات الصلة بأعمال الانتخابات والاستفتاءات عن السلطة التنفيذية، وأن تقوم علي تلك الشئون هيئة وطنية مستقلة تماماً عن السلطة التنفيذية وعن رئاسة الدولة، وأن ينص علي ذلك في الدستور الجديد علي أن تنظم طريقة تشكيلها وأسلوب عملها بقانون خاص. ويري الوفد ضرورة الأخذ بالتقنيات الحديثة في إنشاء جداول الانتخابات وكافة عمليات التصويت وفرز الأصوات وإعلان النتائج. كما يؤكد علي ضرورة رفع يد الشرطة والأجهزة الأمنية وكافة وحدات وهيئات السلطة التنفيذية عن أعمال الانتخابات وإزاحة كل المعوقات الأمنية والإدارية والسياسية التي تحول بين المواطنين وبين ممارسة حقوقهم السياسية وواجباتهم الانتخابية الكاملة.
8 ـ تأكيد الحرية الاقتصادية وآليات السوق وحرية المبادرة كأسس لتنظيم الاقتصاد الوطني، مع تأكيد مسئولية الدولة عن تطوير سياسات اقتصادية واجتماعية تؤمن المواطنين ضد الفقر، وتضمن توزيعاً عادلاً للدخل القومي في ظل إستراتيجية وطنية للتنمية الشاملة والنمو الاقتصادي المستدام وتضع حداً لتهميش الفئات الأضعف والأفقر في المجتمع.
9 ـ تأكيد الحقوق والحريات المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين، وفي مقدمتها حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، وحرية التعبير وتداول المعلومات، والإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي، وحرية تكوين الأحزاب والجمعيات، وحق التظاهر والإضراب السلميين في حدود النظام والآداب العامة، والحق في الحرية والأمان الشخصي وسلامة الجسد، والالتزام بكافة العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وتأكيد عدم التفرقة أو التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العرق أو العقيدة أو النوع أو أي معيار آخر.
10 ـ تأكيد حق المصريين المقيمين بالخارج في مباشرة حقوقهم السياسية والمشاركة في إبداء الرأي في الانتخابات التشريعية والرئاسية والاستفتاءات الوطنية.
11 ـ تقييد حرية الحكومة في إعلان حالة الطوارئ وقصرها علي حالة الحرب الفعلية والكوارث العامة فقط، والنص علي انتهائها بانتهاء مبرر إعلانها، والتأكيد علي خضوع الحكومة للرقابة القضائية في ممارستها للسلطات الخاصة بحالة الطوارئ.
12 ـعتماد نظام ديمقراطي للحكم المحلي يقوم علي اللامركزية وتوسيع صلاحيات الوحدات المحلية، كما ينص علي أن تكون جميع مناصب المحافظين ورؤساء المدن والقري بالانتخاب ، وتأكيد سلطة المجالس المحلية المنتخبة في الرقابة علي الأجهزة التنفيذية ودعم سلطتها عليها، كل ذلك في إطار الدولة الموحدة.
13 ـ تحرير الصحافة وأجهزة الإعلام من سيطرة الحكومة وإلغاء تملك الدولة للصحف، وتعديل قانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون ليصبح هيئة وطنية مستقلة عن الدولة، تشارك في إدارتها عناصر تمثل كافة التيارات السياسية والفكرية، وتمنح جميع الأحزاب والقوي الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني فرصاً متكافئة لمخاطبة الشعب والتعبير عن مبادئها وأفكارها.
14 ـ إلغاء المجلس الأعلي للصحافة وتحويل المؤسسات الصحفية »القومية« إلي مؤسسات اقتصادية يملكها أفراد أو شركات أو مؤسسات المجتمع المدني.
كذلك يري الحزب ضرورة إطلاق حرية إصدار الصحف وإنشاء القنوات التليفزيونية الأرضية والفضائية ورفع كافة القيود الرقابية عليها، وترك أمر متابعة وتصويب الممارسات المهنية والإعلامية للنقابات والاتحادات المهنية المشرفة عليها.
15 ـ تأكيد مسئولية الدولة عن حماية الآثار والتراث الثقافي المصري.
إن صياغة الدستور الجديد ليست كافية في حد ذاتها لضمان تحقيق غاياته ومبادئه، وإنما يبقي الدور المهم أن تقوم الدولة بتفعيل هذا الدستور واحترام مبادئه، ويتم ذلك بتأكيد الانتقال من السلطة الشخصية للحاكم إلي سلطة المؤسسات الدستورية في الدولة وضرورة فصل السلطة عن أشخاص ممارسيها.
2 ـ تأكيد استقلال القضاء واستقراره
يؤكد الوفد مبدأ استقلال القضاء بحيث يكون مجلس القضاء الأعلي هو المختص بجميع أمور القضاة من تعيين وترقية ونقل وندب وتأديب. ويتعين فصل ميزانية القضاء عن وزارة العدل، علي أن يتولي مجلس القضاء الأعلي تحديد أوجه الإنفاق بعيداً عن سيطرة السلطة التنفيذية. مما يتعين أن يقوم المجلس الأعلي للقضاء باختيار النائب العام والإشراف علي التفتيش القضائي. ويتطلب تحقيق استقلال القضاء أيضا تشكيل المحكمة الدستورية العليا من بين رؤساء الهيئات القضائية بحكم مناصبهم ، وتوفير ضمانات التقاضي وإلغاء جميع صور القضاء الاستثنائي وحظر محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وإعادة محاكمة كل من سبق الحكم عليه من محكمة عسكرية أمام قاضيه الطبيعي.
3 ـ الإصلاح التشريعي
يعتبر الإصلاح التشريعي عاملاً مكملاً لفلسفة استقلال القضاء وضمانات التقاضي من خلال برنامج شامل لمراجعة قاعدة التشريعات المصرية وتنقيتها من جميع التشريعات المقيدة للحريات والمعاكسة لروح الديمقراطية. كما يجب تعديل التشريعات التالية التي تتنافي والقيم الأساسية لحقوق الإنسان:
قانون الإجراءات الجنائيـة
قانون العقوبات
قانون السجون
قانون الطوارئ
قانون القضاء العسكري
قانون تنظيم سلطة الصحافة
قانون المطبوعات
قانون الأحزاب السياسية
قانون مباشرة الحقوق السياسيـة
قانون الجمعيات والمؤسسات الأهليـة
قانون الرقابة علي المصنفات والأشرطة السينمائية
قانون التجمهر
قانون العمل
قانون النقابات العمالية
قانون النقابات المهنية
قانون التأمينات الاجتماعية
4ـ تأكيد حقوق الإنســـان
يري الوفد ضرورة تفعيل المبادئ الأساسية التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948 والاتفاقيات الدولية السبع الرئيسية لحقوق الإنسان، وضرورة تفعيل كافة الآليات العامة لحقوق الإنسان، وأهمها منع التمييز، حقوق المرأة، حقوق الطفل، حقوق كبار السن، حقوق الأشخاص المعوقين، حقوق الإنسان في مجال إقامة العدل، حماية الأشخاص المعرضين للاحتجاز أو السجن، الحق في الصحة، الحق في العمل وفي شروط استخدام منصفة، حرية الاشتراك في النقابات، معاقبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة الجماعية ووضع حد نهائي لممارسات العنف والتعذيب في تعامل الشرطة والأجهزة الأمنية مع المواطنين، ومساءلة مرتكبي العنف والتعذيب. ويري الوفد ضرورة تفعيل الإجراءات التالية لتأكيد احترام حقوق الإنسان :
* الشفافية والحق في المعرفــــــــة
ضرورة الالتزام بأقصي درجات الشفافية والإفصاح في جميع ممارسات السلطات والمؤسسات العامة وإعلان الأسس والمبادئ والاتفاقيات والقرارات والتصرفات ذات التأثير علي الصالح العام، وإتاحة الفرص الكاملة للمواطنين لمناقشتها وإبداء الرأي بشأنها، والمطالبة بتغييرها أو نقضها في حالة تضاربها مع المصلحة العامة والقيم والأعراف المجتمعية المرعية.
* الإفراج عن المعتقلين السياسيين
إن ظاهرة الاعتقال خارج الإجراءات القضائية تخالف أبسط القواعد الدستورية وتنسف دولة القانون من أساسها، لذلك يطالب الوفد بالإفراج عن جميع المعتقلين الذين لم تصدر ضدهم أحكام قضائية أو قضوا فترة العقوبة المحكوم بها. كما يمتنع في جميع الأحوال اعتقال من يصدر حكم أو قرار قضائي بالبراءة أو إخلاء سبيله.
* تحرير النقابات المهنية والعمالية ومؤسسات المجتمع المدني
يري الوفد ضرورة رفع يد السلطة التنفيذية تماماً عن النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، وكفالة حرياتها في التأسيس والممارسة من دون عوائق وبمجرد الإخطار وذلك في حدود النظام العام والآداب.
5 ـ تعميق قيم الوحدة الوطنية
إن الوحدة الوطنية مبدأ ثابت حرص الوفد علي تأكيده عبر مسيرته وقيادته للحركة الوطنية المصرية. فعندما رفع الوفد شعار الدين لله والوطن للجميع أكد أن الوطن يحتضن ويحمي كل أبنائه دون تفرقة بينهم علي أساس الدين أو العقيدة أو العرق أو الجنس أو الانتماء الاجتماعي، وأن المصريين جميعهم متساوون أمام القانون لا فرق بين رجل وامرأة، فقير وغني، شيخ وشاب، هم كلهم يملكون الوطن علي قدم المساواة دون تمييز ويتمتعون بحقوق المواطنة وعليهم أداء واجباتها بصفتهم مواطنين.
ومن ناحية أخري يؤكد برنامج الوفد حتمية التزام الدولة بقيم وأسس المواطنة في جميع مجالات مسئولياتها وصلاحياتها، ومن ذلك ضرورة التزامها بما يلي:
1 ـ لجميع المواطنين الحق في فرص متكافئة وعضوية المجالس واللجان والهيئات العامة وفقاً للقانون، والاستفادة من الخدمات التي تقدمها الدولة واستخدام المرافق والأماكن العامة التي تقدمها الدولة لخدمة المواطنين ورفاهيتهم، وعدم شرعية أي إجراءات أو تدابير حكومية يقصد بها تمييز فرد أو أفراد أو طائفة أو حرمان آخرين أو التضييق عليهم في الفرص والحقوق الدستورية والطبيعية المقررة لجميع المواطنين.
2 ـ التمييز بين المواطنين في شغل الوظائف العامة والترقي لشغل الوظائف القيادية سواء في الجهاز الإداري للدولة والهيئات القضائية والجامعات ومراكز البحث العلمي و قطاع الأعمال العام وفي الوحدات المحلية، كذلك في هيئة الشرطة والقوات المسلحة علي أن تكون الكفاءة هي معيار المفاضلة الوحيد .
3 ـ سرعة إصدار قانون دور العبادة الموحد لإرساء القواعد القانونية والمعايير الموضوعية في التصريح بإنشاء وتطوير دور العبادة وفقا للنص الدستوري الذي تكفل بمقتضاه الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية.
6 ـ نحو دبلوماسية مصرية جديدة
إن إعادة البناء الديمقراطي للبلاد لابد وأن يواكبه وضع قواعد جديدة للتعامل مع دول العالم والتفاعل مع المتغيرات علي الساحتين الإقليمية والدولية تقوم في الأساس علي تحقيق المصالح الوطنية العليا، وتدعم التضامن العربي وتؤكد فعالية الدور المصري في التعاطي مع المشكلات الإقليمية والعالمية بما يرسخ المصالح المصرية علي أساس الشرعية الدولية وبما يحقق السلام العادل .
ويري الوفد أن حل القضية الفلسطينية وفقا للمبادرة العربية يبقي التزاما وطنيا مصريا وعربيا يعلو علي أي اعتبار آخر في اطار سياستنا الخارجية وذلك تحقيقا لهدف اقامة الدولة الفلسطينية علي حدود 4 يونية 1967، وعاصمتها القدس.
كما يري الوفد ان سلامة السودان ووحدة اراضيه واستقراره أساس رئيسي من أسس الأمن القومي المصري. كما ان العلاقات الخاصة التاريخية بدول حوض النيل ضرورة من ضرورات الأمن القومي.
7 ـ مسئولية الدولة عن إدارة التنمية وضمان العدل الاجتماعي
يؤكد الوفد أن نمط الدولة المركزية وما تقوم به من مهام تغطي كافة مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وما تتمتع به من سلطات لا محدودة و الذي ساد مصر في الستينيات وحتي منتصف السبعينيات من القرن الماضي متأثراً بالفكر الشمولي لا يصلح للواقع المصري الآن، كما أنه لا يتفق مع التوجهات الديمقراطية التي ينبني عليها »برنامج الوفد لإعادة تملك الوطن وحل مشاكله«.
كذلك يري الوفد أن التحول نحو اقتصاد السوق لا يعني انسحاب الدولة من تنظيم الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية الشاملة، ومن الاضطلاع بمسئولياتها الاجتماعية والسيطرة علي القطاعات الإستراتيجية التي تمكنها من أداء هذا الدور.
ويري الوفد أن مسئوليات الدولة في العصر الديمقراطي تتمثل بالدرجة الأولي في إعداد وتهيئة البنية الأساسية لإدارة المجتمع وتوفير السياسات والمعايير والمبادرات المؤدية إلي الاستقرار السياسي، والنمو الاقتصادي السريع، والتنمية المستدامة والتكامل الاقتصادي الإقليمي بما يحقق أعلي مستويات الرفاهية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي والحرية والعدالة للمواطنين.
ثانياً: التنمية الاقتصادية الشاملة
إن بناء نظام اقتصادي يستهدف تنمية وطنية شاملة تقوم علي تدعيم طاقات الإنتاج وبناء القدرات التنافسية لمؤسسات الاقتصاد الوطني يعد من العناصر الاساسية في برنامج الوفد . إن النظام الاقتصادي المواكب لنظام حكم ديمقراطي ينبغي أن يتجه بالأساس إلي حماية مصالح المواطنين والحفاظ علي فرصهم في العمل والإنتاج والحصول علي نصيب عادل من الدخل القومي يتناسب مع ما يبذلونه من جهد ويسمح لهم بحياة كريمة. في نفس الوقت يكافئ النظام الاقتصادي أصحاب الأعمال والمستثمرين علي جهودهم وإبداعاتهم في خلق فرص العمل واستثمار موارد الوطن وذلك علي أسس عادلة تسمح بتوازن وعدالة توزيع الثروة وكذا الأعباء الاقتصادية.
إن ديمقراطية النظام الاقتصادي المنشود تفرض الشفافية في اتخاذ القرارات ذات التأثير علي المواطنين وضرورة إشراكهم من خلال ممثليهم في المجالس التشريعية المنتخبة في فحص ودراسة السياسات والقرارات الاقتصادية وإقرارها. كما يجب أن يعمل النظام الاقتصادي علي حماية المنافسة ومحاربة الاحتكارات والتكتلات الاقتصادية المضرة بمصلحة المستهلك.
إن النظام الاقتصادي المستهدف يؤكد مسئولية الدولة عن رعاية المواطنين وضمان حد معقول لهم من الرفاهية الاجتماعية والأمان الاقتصادي باعتبارهم أصحاب المصلحة الحقيقيين في كل ما يجري في الوطن. إن إطلاق قواعد ومعايير الاقتصاد الحر وتوجهات النظام الرأسمالي من دون ضوابط العدالة الاجتماعية يهدد بأخطار عانت منها دول كثيرة حتي تبينت ضرورة وجود دور واضح ومسئول للدولة في ضبط وتنظيم النظام الاقتصادي من دون إهدار الأصول الموضوعية في اقتصاد السوق. كما أن النظام الاقتصادي المنشود يستهدف القضاء علي الفقر ورفع متوسط دخل المواطن مع الحفاظ علي حقوق العاملين ورعاية الدولة للتوازن الواجب بين العمل ورأس المال .
إن الانطلاقة الاقتصادية المأمولة لابد وأن تبدأ ببناء إستراتيجية وطنية للتنمية الاقتصادية الشاملة تتبني مفاهيم عصرية وعادلة لإعادة هيكلة مؤسسات الاقتصاد الوطنــي بما يحقق زيادة الإنتاج من السلع والخدمات ويخلق فرص العمل الحقيقية، وتعالج مشكلة تضخم الدين المحلي العام، وهو ما يؤدي في النهاية إلي معدلات نمو حقيقية في الناتج القومي الإجمالي يلمس المواطن آثارها ويتمتع بنتائجها في شكل مستويات أفضل للمعيشة.
ويقوم برنامج الوفد الاقتصادي علي المحاور الآتية:
1 ـ تحديد معدل نمو مستهدف للناتج القومي الإجمالي، وقطاعات الاقتصاد الوطني المستهدف تنميتها أخذاً في الاعتبار الميزات النسبية التي تتمتع بها.
2 ـ تحديث خطط وآليات تنمية الثروات الطبيعية وأسس استثمارها ومعايير ترشيد استخدامها والمحافظة علي حقوق الأجيال القادمة فيها.
3 ـ تشجيع الادخار لرفع معدلاته وتعظيم الاستثمار الوطني، الخاص والعام، والعمل علي جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحيث لا يقل إجمالي الاستثمارات السنوية عن 25٪ من الناتج المحلي.
4 ـ تحديد أسس ومعايير توزيع مسئوليات التنمية بين أجهزة الدولة وقطاع الأعمال العام، والقطاع الخاص الوطني والأجنبي، والقطاع الأهلي.
5 ـ تحديد خطط وبرامج التنمية التكنولوجية الشاملة لتحسين قدرات مؤسسات الإنتاج والخدمات الوطنية وزيادة إنتاجيتها.
6 ـ تطوير السياسات الاقتصادية والتنسيق بينها لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية وفي مقدمتها سياسة نقدية تهدف إلي الحفاظ علي القيمة الشرائية للعملة الوطنية وتخفيض معدلات التضخم، سياسة مالية تهدف إلي الارتقاء بمستوي الخدمات العامة والبنية الأساسية وعدالة توزيع الدخول وتخفيض نسبة العجز في الموازنة العامة للدولة والدين العام إلي الناتج المحلي.
7 ـ ترشيد سياسات توزيع الأموال المخصصة لدعم السلع الأساسية والخدمات الاجتماعية بتوزيع الدعم نقداً مباشرة إلي مستحقيه دون أن تؤثر سلباً علي الوضع الاقتصادي والمالي للهيئات والمؤسسات التي تنتج هذه السلع أو تقدم هذه الخدمات وبحيث تعبر عن الأولويات التي يتوافق عليها المجتمع.
8 ـ يرفض حزب الوفد رفضاً قاطعاً استخدام حصيلة بيع أي أصل من الأصول المملوكة للدولة بما فيها بيع الأراضي الصحراوية لتمويل النفقات الجارية بالموازنة العامة للدولة ويدعو الحزب إلي توجيه هذه الإيرادات إلي صندوق استثمار مخصص لتمويل المشروعات الكبري سواء كانت إنتاجية أو خدمية.
9 ـ مراجعة موقف الدولة بالنسبة لقطاع الأعمال العام ودراسة أساليب تطوير إدارة الشركات وتخليصها من المعوقات المفروضة عليها ووضعها في موقف يكافئ شركات القطاع الخاص، ثم محاسبتها علي أسس اقتصادية وإدارية سليمة.
وفي هذا المجال يرفض الوفد المشروع المسمي "الصكوك الشعبية" والذي يهدف إلي التخلص مما يقرب من تسعين من شركات قطاع الأعمال العام بزعم تمليكها مجاناً للمواطنين الذين تجاوزوا سن الواحدة والعشرين، ويري في هذا تبديداً وإهداراً لأصول وطنية ينبغي الحفاظ عليها وتنميتها، كما هي خرق لقواعد العدالة وإخلال بالمساواة بين المواطنين من أعمار مختلفة، كما هي حرمان للأجيال القادمة من نفس المعاملة حيث من المخطط أن تتم تلك العملية مرة واحدة فقط.
10 ـ تحسين مناخ الاستثمار ووضع القواعد المناسبة لضمان اتفاق مشروعات الاستثمار الأجنبي والعربي مع التوجهات الإستراتيجية للتنمية وبما يحترم قوانين البلاد وحقوق العاملين والمواطنين المصريين المتعاملين مع تلك المشروعات.
ويرتكز برنامج "الوفد " لتطوير المنظومة الاقتصادية الوطنية علي المقومات الضرورية التالية:
1 ـ تأكيد دور القطاع المصرفي في دعم وتمويل مشروعات التنمية
يؤكد الوفد أهمية دور القطاع المصرفي الوطني في تنفيذ خطط التنمية وتوفير التمويل اللازم لقطاعات الصناعة والزراعة وتمويل التجارة الخارجية والوفاء باحتياجات الحكومة في التمويل قصير المدي وسد عجز الموازنة. ويتطلب تفعيل ذلك الدور وضع حدود آمنة لمدي نفاذ رأس المال الأجنبي في ملكية القطاع المصرفي لا يجب تعديها بما يترك مساحة رحبة للبنوك الوطنية من حيث العدد ودرجة الانتشار ونوع النشاط. من أجل ذلك كانت معارضة الوفد الحاسمة لمشروع بيع بنك القاهرة إلي مستثمر أجنبي.
كذلك يطالب الوفد بتأكيد الدور الرقابي والإشرافي للبنك المركزي المصري علي جميع البنوك العاملة في مصر، وتسجيلها جميعاً لدي البنك المركزي المصري دون استثناء، وتأكيد ضرورة ممارسة البنك المركزي للسلطة المخولة له في التفتيش علي جميع البنوك بصفة مستمرة.
إن برنامج الوفد يقضي بضرورة دراسة وتحديث الحدود الآمنة والضوابط المنظمة لعمل المصارف في مصر من حيث نسبة الاحتياطي، ونسبة السيولة، ومعيار كفاية رأس المال، والحد الأقصي للتمويل الممنوح للعميل الواحد، والضوابط المتعلقة بتمويل بعض أفرع النشاط أو طبقاً لنوع العملة، والحد الأقصي لنسبة المساهمة في المشروعات. كما ينبغي مراجعة وضبط هيكل الرواتب والمكافآت وحصص الأرباح التي يحصل عليها رؤساء تلك البنوك وكبار العاملين فيها تحقيقاً للتوازن بين القطاعات الاقتصادية المختلفة وضماناً لعدالة وموضوعية الأسس التي تحدد بناء عليها.
2 ـ تنمية وتطوير الزراعة المصرية
يري الوفد ضرورة العمل علي تنمية وتحسين الإنتاج الزراعي من أجل الوفاء باحتياجات الاستهلاك المحلي وكذلك التصدير أخذاً في الاعتبار الميزات التنافسية التي تتمتع بها الزراعة المصرية فضلاً عن ضرورة زيادة القيمة المضافة وإتاحة فرص العمل في مجالات التصنيع الزراعي.
ويركز الوفد علي ضرورة تطوير برنامج وطني للتنمية الزراعية يستهدف معالجة مشكلة تفتت الملكية والحيازة الزراعية وآثارها السالبة علي الإنتاج الزراعي وتطوره، وفتح المجال للمشروعات الزراعية الكبري القائمة علي استخدام التقنيات الزراعية الحديثة والمستندة إلي البحوث العلمية لتطوير السلالات وتحسين الإنتاجية. كذلك يؤكد الوفد أهمية التعجيل بتنفيذ خطط وبرامج طموحة للتوسع الأفقي والرأسي لزيادة المساحة المزروعة، وحسم مشكلة الاستقطاعات من الأراضي المنزرعة فعلاً لأغراض غير زراعية، ووضع آليات حاسمة لوقف تلك التعديات ومحاولة استعادة الأراضي المستقطعة وإعادتها إلي الإنتاج الزراعي. ويدعو برنامج "الوفد " إلي إعادة هيكلة قطاع الائتمان الزراعي علي أسس اقتصادية وإدارية واضحة، وإعادة تنظيم أساليب توزيع الأسمدة والمبيدات وغيرها من المستلزمات الزراعية التي تنظم الدولة تداولها.
* تطوير البرنامج الوطني لاستصلاح الأراضي
يطلب الوفد مراجعة برامج استصلاح الأراضي الجديدة وإعادة تصميمها بالتركيز علي المناطق الأعلي إنتاجية، ويقع في مقدمة هذا المطلب مراجعة وتقييم مشروع توشكي والتحقق من إجمالي الاستثمارات المنفذة به والعائد المتحقق منه حتي الآن، ومعدلات النمو المستهدفة ونوعية المحاصيل والمساحات الفعلية التي تمت زراعتها ومستوي إنتاجيتها، كل ذلك من أجل اتخاذ قرار صريح ومؤسس علي التقييم العلمي الموضوعي لجدوي الاستمرار في هذا المشروع أو مجالات التطوير والتعديل الواجبة من أجل تحسين اقتصادياته وإنقاذ ما تم استثماره هناك.
ويري الوفد ضرورة إحياء وتفعيل خطة استصلاح الأراضي التي كانت تهدف إلي استصلاح 3.4 مليون فدان في مناطق الاستصلاح الست السابق تحديدها حسب الخطة الإستراتيجية للأراضي والتي تحددت في مناطق سيناء، منطقة القناة، البحر الأحمر، الساحل الشمالي، الوادي الجديد، وبحيرة السد العالي وذلك في حدود الموارد المائية المتاحة، والتي قد تصل إلي 7 ـ 8 ملايين فدان إذا زادت الموارد المائية.
وفي هذا الصدد ينبه الوفد إلي حتمية الإعداد لمواجهة احتمالات العجز المائي مع تنفيذ برامج التوسع الزراعي، والسعي إلي دراسة أساليب زيادة الموارد المائية بتنفيذ مشروعي بحر الغزال وقناة جونجلي في السودان ، وكذا ترشيد استخدام المياه المتاحة من النيل والمياه الجوفية ومياه الأمطار وإعادة استخدام مياه الصرف، وتطوير أساليب الزراعة في المناطق الصحراوية والجافة وغيرها من تقنيات تساعد في توفير موارد مائية متجددة . كما يوصي الوفد بدراسة إمكانيات تحلية مياه البحر لزيادة الموارد المائية للتوسع في استصلاح الأراضي والتنمية الزراعية مع الحرص علي خلق مجتمعات زراعية جديدة.
3 ـ تفعيل إستراتيجية وطنية للتنمية الصناعية
إن النهوض بقطاع الصناعة هو أساس بناء اقتصاد قوي ومجتمع قادر علي استيعاب ثقافة العصر وتطبيق مستحدثات العلم. فالصناعة قادرة علي قيادة التنمية الاقتصادية وتحريك القطاعات الأخري بما لها من علاقات تشابكية معها. لذلك يري الوفد ضرورة رسم إستراتيجية للتنمية الصناعية تستهدف رفع كفاءة عوامل الإنتاج، والأخذ بالتقنيات الحديثة، ومواكبة المعايير والمواصفات الدولية لتوفير منتجات عالية الجودة ومنخفضة الأسعار نسبياً في الأسواق المحلية والنفاذ إلي الأسواق الأجنبية.
ويري الوفد أن تتجه الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية في الأساس إلي زيادة معدل الاستثمار في الصناعة، وتوفير الحوافز المناسبة لتوجيه نسب متزايدة من المدخرات المحلية إلي مجالات التصنيع ومضاعفة الاستثمار السنوي في الصناعة لإحداث طفرة كافية في معدل مساهمتها في الناتج القومي الإجمالي. وبذلك يكون علي الدولة ـ ممثلة في قطاع الأعمال العام ـ القيام بدور واضح في تنفيذ إستراتيجية التصنيع لإنشاء صناعات جديدة، حيث لا يمكن الركون فقط إلي مبادرات القطاع الخاص لإنجاز خطة التصنيع، علي أن تتخارج الدولة أو تقلل مساهمتها في تلك المشروعات عند نضوجها.
ويعتبر الوفد أن إعادة هيكلة قطاع الصناعة التحويلية هو من أهم التحديات التي يجب علي إستراتيجية التنمية الصناعية التعامل معها، حيث تسود المصانع متناهية الصغر التي تفتقر إلي أبسط مقومات الصناعة الحديثة ولا تنتج سوي منتجات رديئة لا ترقي لأي مستوي تصنيف معروف. لذا يكون تعديل هذا الهيكل بالسعي لزيادة أعداد المصانع المتوسطة والكبيرة هو أساس جوهري في إستراتيجية الانطلاقة الصناعية المستهدفة لما تتمتع به تلك المؤسسات من قدرة علي تجميع وتوظيف الموارد والإمكانيات المالية والتكنولوجية والخبرات الإدارية، فضلاً عن القدرة علي التعامل مع المؤسسات الصناعية والتجارية الكبري في العالم والتحالف معها أو الاستعانة بها في تطوير منتجاتها وأساليبها التكنولوجية. من جانب آخر، لا بد من إعداد خطة خاصة لتطوير المصانع الصغيرة ومتناهية الصغر مما تتوفر فيها مقومات النجاح، والارتقاء بمستوي إنتاجيتها وجودة منتجاتها.
ومن المهم إعادة دراسة مشكلة توطن الصناعة المصرية وسوء توزيعها علي مناطق مصر ليس فقط بهدف المساعدة علي سرعة تنمية الريف وعلي الأخص الوجه القبلي، ولكن أيضاً للمساهمة في تخفيف الضغط السكاني علي المدن الكبري ومعالجة الآثار السلبية للممارسات الملوثة للبيئة نتيجة عدم الالتزام بالقواعد والنظم المتعارف عليها للمحافظة علي البيئة وحمايتها من مصادر التلوث الصناعية.
كذلك ينبغي مراعاة التوازن بين الاتجاه إلي الصناعات كثيفة رأس المال التي تعتمد علي التقنيات الآلية الحديثة، والصناعات كثيفة العمالة التي تفتح فرصاً أوسع لاستيعاب القوة العاملة ومن ثم تسهم في تخفيض مشكلة البطالة. كما ينبغي الأخذ بمفهوم متسع لفكرة الصناعة لا يقصره علي الصناعات التحويلية أو الاستخراجية، بل لابد من التطرق إلي الصناعات الجديدة ذات المحتوي المعرفي العالي مثل الصناعات الإلكترونية والبيولوجية وصناعات المعلومات والاتصالات فتلك هي التي تحقق أعلي قيمة مضافة في الهياكل الصناعية الحديثة.
ولا يجب الانحصار في حيز زيادة الطاقات الإنتاجية في القطاع الصناعي، بل لابد من توفير متطلبات الانطلاق أيضاً لصناعات الخدمات وثيقة الصلة بالصناعات السلعية. ويأتي في المقدمة صناعات النقل البري والنهري والبحري والسكك الحديدية. ومن المعروف أن من أهم معوقات تصدير المنتجات المصرية إلي الأسواق الإفريقية هو نقص إمكانيات أسطول النقل البحري الوطني وما أدي إليه من الاعتماد علي السفن الأجنبية ومنها الإسرائيلية لنقل المنتجات المصرية إلي موانئ أفريقيا.
ويؤكد الوفد ضرورة تخليص الصناعة المصرية من الاعتماد علي إدخال مكوّنات إسرائيلية في منتجاتها حتي تستطيع التأهل للدخول إلي الأسواق الأمريكية معفاة من الضرائب والتخارج من اتفاقية الكويز لتحرير الصناعة المصرية من الارتباط بمكونات إسرائيلية، علي أن يتم تعويض ما قد تفقده المنتجات المصرية من الإعفاءات الجمركية في الولايات المتحدة برفع مستوي الإنتاجية وتخفيض التكلفة، وطرق الأسواق الأخري في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي القديم.
وينبه الوفد إلي ضرورة الاهتمام بتطوير مشروعات التصنيع الزراعي، ومواجهة منافسة الواردات الأجنبية من السلع الغذائية ذات الأصل الزراعي. ولا شك أن منتجات الألبان والخضاروات والفواكه المحفوظة واللحوم المصنعة وغيرها هي من أهم متطلبات الوفاء باحتياجات الأمن الغذائي للمصريين التي يجب أن تكون علي قائمة أولويات برامج التنمية الصناعية الوطنية.
ويوجه الوفد إلي ضرورة أن تتحمل الحكومة مسئولياتها في دفع حركة إعادة تأهيل وتحديث الصناعة المصرية مع الأخذ في الاعتبار تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة المشاركة في العمليات الصناعية. إن مسئولية الدولة هي التوجيه الإستراتيجي للصناعة ورفع المعوقات وتوفير المساندة للمؤسسات الصناعية، وتشجيع القائمين عليها للاندماج في السوق العالمي والأخذ بمعطيات التقنيات الحديثة والدخول في شراكة وتحالفات إستراتيجية مع مؤسسات صناعية أجنبية توفر لها الدعم التقني، وكذا مع مؤسسات تجارية توفر لها قنوات انسياب منتجاتها إلي الأسواق العالمية.
كما يؤكد الوفد ضرورة الاهتمام بالتدريب الفني المستمر للعاملين في جميع المستويات الإنتاجية والإدارية لرفع كفاءتهم وزيادة إنتاجيتهم وقدرتهم علي استيعاب التقنيات المتجددة والتعامل معها، وتوفير الموارد المالية والبشرية بهذا التدريب.
4 ـ الطاقة ودعم البرنامج النووي وتنمية الطاقة الجديدة والمتجددة
يري الوفد أن الطاقة بمصادرها المختلفة هي المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم فإن أي تهديد بنضوب أو انقطاع مصدر للطاقة يمثل تهديداً مباشراً لفرص تحقيق التنمية الوطنية الشاملة، وبالتالي تهديداً لأمن الوطن ومستقبله. وفي الوقت الحالي، فإن مصادر الطاقة في مصر تنحصر في زيت البترول والغاز الطبيعي والطاقة الكهرومائية. ورغم الاهتمام بتنمية مصادر للطاقة الجديدة والمتجددة عبر سنوات طويلة مضت مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإنها لا تزال في مرحلة غير مؤثرة ولم تصل إلي مستوي الطاقة الأولية التجارية.
وفي مجال الثروة النفطية، يري الوفد ضرورة بذل مزيد من الجهد في أعمال البحث والاستكشاف وتقديم حوافز إضافية للشركات الأجنبية للتوسع في عمليات الاستكشاف والتنمية والإنتاج بغرض تعويض التآكل في الاحتياطي أو لتخفيض معدلاته إن لم يتحقق عنها تحسين لمستواها. من جانب آخر، يدعو الحزب إلي التوسع في استخدام الغاز الطبيعي كوقود بديل للمنتجات البترولية السائلة بقدر الإمكان.
ويعتبر الغاز الطبيعي أحد أهم مصادر الطاقة في مصر الآن إذ يوفر ما يقرب من ثلث الطاقة الأولية المستهلكة، ورغم ما يبدو أنه موقف مطمئن من حيث ضخامة الاحتياطيات المقدرة، إلا أن الوفد يري ضرورة مراجعة سياسات تصدير الغاز وأسس تسعيره حفاظاً علي ثروة الوطن وحماية لحق الأجيال القادمة في هذا المصدر الطبيعي المهم. وعلي سبيل الخصوص فإن حزبنا يرفض تماماً اتفاقيات تصدير الغاز الطبيعي إلي إسرائيل.
علي الجانب الآخر، فإن مصر قد استغلت ما يقارب 90٪ من الطاقة المائية لنهر النيل في توليد الكهرباء، ويدعو الوفد إلي دراسة كافة المواقع البديلة التي يمكن استخدامها لتوليد الطاقة الكهربائية بما في ذلك مراجعة وتحديث الدراسات الخاصة بمشروع منخفض القطارة.
كما يعتبر في حكم المؤكد أن ثروة مصر من الفحم تتناقص وكذا الاحتياطي المؤكد منه فضلاً عن نوعيته، وتلك كلها عوامل تقلل من فرص استخدامه كمصدر للطاقة الأولية يمكن أن يكون لها تأثير يذكر في توفير حجم الطاقة المطلوبة لمصر.
ويؤكد الحزب ضرورة بذل الاهتمام الكبير بالتوسع في استخدام مصادر الطاقة الأخري ومنها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الكتلة الحيوية المستخرجة من المخلفات النباتية الصلبة ومخلفات الحيوانات المختلفة ومخلفات الصرف الصحي والقمامة والمخلفات الصناعية.
* قضية الطاقة النووية
يري الوفد ضرورة دعم وتأمين البرنامج النووي المصري انطلاقاً من قرار وطني للتعامل مع مصادر التكنولوجيا النووية الأفضل والأخذ في الاعتبار أهمية دراسة مسألة تخصيب اليورانيوم في مصر باعتبارها قضية مهمة علي المستويين التقني والسياسي وصولاً إلي الموقف الذي يحقق الطموحات الوطنية ويؤمن المشروع النووي المصري من الوقوع تحت سيطرة دولة معينة في حالة قبول الحصول علي اليورانيوم المخصب منها وعدم تخصيبه محلياً. وفي هذا المجال يؤكد الوفد ضرورة احترام نتائج الدراسات العلمية والالتزام بما توصلت إليه من أفضلية موقع الضبعة لإقامة المحطة النووية المصرية الأولي، وإبعاد القرار في هذا الشأن عن تأثيرات رجال الأعمال والطامعين في الاستئثار بالموقع وتحويله إلي الاستثمار السياحي.
كما يطرح الوفد أنه يمكن استخدام الطاقة النووية في إزالة ملوحة مياه البحر بدلاً من الوقود الأحفوري [البترول والغاز الطبيعي] مما سيكون له انعكاسات إيجابية هائلة علي مشروعات التنمية الزراعية خاصة في مناطق الساحل الشمالي الأمر الذي يدعم التوجه نحو إقامة ظهير زراعي بالمنطقة يوفر قدراً ملموساً من احتياجات مصر للقمح ويحقق تنمية اقتصادية واجتماعية تعظم من فرص الاستفادة بما تم استثماره في بناء القري الساحلية علي طول الساحل الشمالي الغربي من الإسكندرية حتي العلمين وما بعدها
5 ـ تنمية سيناء ومشروعات الخروج من الوادي
يري الوفد أن الحكومات المصرية المتتابعة منذ نصر أكتوبر 1973 قد أهملت قطعة نادرة من الوطن، وأهدرت ثروة وطنية غالية لا تعوّض حين هجرت سيناء بكل أهلها وثرواتها وأهميتها الإستراتيجية لحماية الأمن القومي المصري والعربي. لقد أصبحت سيناء بحكم الإهمال الرسمي لها والانشغال العام عنها وعن قضاياها ثروة ضائعة كما أصبحت مصدراً لتهديد الأمن الوطني بدلاً من أن تكون خط الدفاع الأول عن الوطن.
ولا تعاني سيناء من إهمال وتباطؤ التنمية والتعمير فقط، بل يلاقي أهلها المصاعب من المعاناة في حياتهم ومن اشتداد الحملات الأمنية عليهم منذ أحداث طابا ودهب الإرهابية. كما يشكو أبناء سيناء من نظرة الحكومة إليهم وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، فهم محرومون من حق امتلاك أراضيهم وعقاراتهم، وهم يعاملون معاملة خشنة من الأجهزة الأمنية وينظر إليهم نظرة ريبة تشكك في وطنيتهم وانتمائهم لمصر.
لقد أهملت الدولة في تنفيذ المشروع القومي لتعمير سيناء والذي كانت قد بدأته في العام 1994علي أن ينتهي في عام 2017 بإجمالي استثمارات قدرت وقتها بخمسة وسبعين مليار جنيه. ولكن المشروع توقف فجأة ولم نعد نسمع عنه شيئًا، ولا نجد أي إشارة إليه في وثائق الخطة الخمسية للتنمية الاقتصادية.
إن الوفد يطرح وبقوة أهمية استثمار موارد سيناء التي تبلغ 61000 كيلومتر مربع، أي حوالي 6٪ أو 1/16من مساحة مصر أو ما يقرب من 3 أمثال مساحة الدلتا بينما يعيش فيها أقل من نصف مليون مصري! إن الخروج من الوادي الضيق والانطلاق إلي الآفاق الرحبة لسيناء سيتيح حياة أفضل لما لا يقل عن ثلاثة ملايين مصري وفرصاً مهمة للتنمية الزراعية والصناعية والتعدينية، فضلاً عن التنمية السياحية، كل ذلك بالإضافة إلي تأمين حدود مصر الشرقية وإقامة حاجز بشري صلب يمنع المعتدين والمغامرين من مجرد التفكير في إعادة السيطرة علي سيناء وتهديد الأمن الوطني.
* رفع المعاناة عن أهل سيناء
يري الوفد أن حرمان أهل سيناء من تملك الأراضي وما يقام عليها من مبان هي المشكلة الرئيسية التي تقف حجر عثرة في سبيل إقدام المواطنين علي النزوح إلي سيناء والحياة بها، وذلك إلي جانب المشكلات الكبري الناشئة عن انعدام الاستثمارات واختفاء فرص العمل الحقيقية لأبناء سيناء وتراجع الخدمات العامة وضيق فرص الحياة. ويؤكد الوفد حتمية حل تلك المشكلة ويرفض حرمان أهل سيناء من حق يقرره الدستور لجميع المواطنين المصريين.كما يرفض الوفد كل أشكال التمييز ضد أهل سيناء حين يستبعد أبناؤهم من دخول الكليات العسكرية، وكما يحظر عليهم التعيين في المواقع القيادية بالدولة ومن الوظائف الدبلوماسية والمواقع الإعلامية، وكما يستبعدون عند تجنيدهم من الخدمة في الأسلحة القتالية. ويؤكد الوفد أهمية دمج المجتمع السيناوي في النسيج الوطني المصري.
* مشروعات الخروج من الوادي
إن المطلوب زيادة الرقعة السكانية والإنتاجية إلي ما بين 10 ـ 12٪ من مساحة مصر الكلية وإعادة رسم الخريطة السكانية لمصر وإنشاء مراكز جذب سكاني جديدة في سيناء، الظهير الصحراوي للساحل الشمالي الغربي، الظهير الصحراوي الغربي بطول وادي النيل ليشمل الصعيد وهو الأعلي في نسبة الفقر والتخلف. ويأتي في هذا السياق ضرورة إحياء مشروعات المجمعات النووية الزراعية الصناعية وهي مشروعات سبق دراستها لإقامة تلك المجمعات علي طول الساحل الشمالي الغربي ، وسواحل البحر الأحمر وسواحل سيناء، وهي لا تعتمد علي مياه النيل وإنما تعتمد علي تعذيب مياه البحر وإزالة ملوحتها باستخدام الطاقة النووية. كذلك ينبغي حسم فكرة مشروع الظهير الصحراوي من العلمين إلي وادي حلفا، ومشروع ربط مريوط والقطارة، ومشروع مد فرع للنيل من أسوان إلي بحيرة قارون لزراعة وتعمير الصحراء الغربية. ويؤكد الوفد أهمية وضع مشروع وطني شامل لإزالة الألغام من منطقة العلمين وغيرها من المناطق التي زرعت بها ملايين الألغام وإعدادها للحياة وتحويلها إلي مجتمعات عمرانية تستوعب ملايين المصريين وتنشأ بها مشروعات اقتصادية زراعية صناعية متكاملة.
6 ـ إحياء التكامل المصري السوداني وتفعيل مشروعات أعالي النيل
إن الوفد يؤكد أهمية إحياء برامج ومشروعات التكامل المصري السوداني في إطار إستراتيجية مشتركة تضع العلاقات المصرية السودانية في مكانها الصحيح باعتبارها مصلحة قومية حيوية وليست مجرد مجموعة من التوجهات أو المصالح الاقتصادية الآنية محدودة الأثر. ويرتبط بذلك ضرورة إزالة المعوقات التي عطلت تنفيذ مشروعات أعالي النيل وفي مقدمتها مشروع قناة جونجلي. ويؤكد الوفد أهمية وضع برامج شاملة لحماية النيل من التعديات ومصادر التلوث.
7 ـ المقومات اللازمة للتنمية الاقتصادية المستدامة
إن تحقيق النهضة الاقتصادية التي يدعو إليها الوفد يتطلب توفير مقومات أساسية في مقدمتها:
* حماية البيئة
يري الوفد ضرورة العناية بالبيئة وتكثيف الجهود للتخلص من مشكلة السحابة السوداء بتطبيق أساليب علمية للتعامل مع مصادرها، وكذلك التعامل مع مشكلة تراكم القمامة وتلوث المصارف والقنوات المائية المتخللة في المدن والقري. ويؤكد الوفد أهمية إعداد الدراسات واتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة لحماية المناطق الساحلية التي تشير التقارير الدولية إلي احتمالات تعرضها للغرق نتيجة ارتفاع مستوي سطح البحر نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويعتبر الوفد أن التعامل مع مشكلة العشوائيات يمثل ضرورة وطنية لحماية المواطنين قاطني تلك المناطق العشوائية التي لا تتوفر بها أي مقومات للحياة الإنسانية الكريمة. ويري الوفد ضرورة زيادة الاعتماد المخصص لصندوق التعامل مع العشوائيات.
* تطوير الإدارة المحلية وتطبيق اللامركزية الإدارية
يري الوفد أن تطوير الإدارة المحلية وتعميق اللامركزية يمثل دفعة قوية في اتجاه تدعيم الحكم الديمقراطي وإشاعة العدل والمساواة بين مناطق الجمهورية ومحافظاتها بحيث لا تتركز الخدمات ومصادر النمو في القاهرة الكبري والدلتا، بينما تحرم محافظات الصعيد وجنوب الوادي والمناطق الريفية عامة من فرص النمو المتكافئة.
ويري الوفد أن التوجه لتطبيق اللامركزية ليس هدفاً في ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق غايات محورية تتمثل في تحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وتمكينهم لمباشرة قدراتهم وطاقاتهم وإبداعاتهم في خدمة الأهداف والقضايا العامة، وكذلك تحقيق أهدافهم ومصالحهم الخاصة من دون تعارض بين الاثنين.كما تحقق اللامركزية تأمين مستقبل الوطن، بتوزيع السلطات والصلاحيات وحق اتخاذ القرارات لتجنب الانحصار والتجمد فيما يتاح لسلطة مركزية من خبرات وقدرات.
إن الغاية من تطوير نظام الإدارة المحلية تتركز في تخفيض سيطرة الحكومة المركزية علي شئون المحليات التي يكون مواطنوها أعرف بمشكلاتها ويجب أن يكون للأجهزة الإدارية ومقدمي الخدمات بها الصلاحيات الكافية لإدارة شئونهم باستقلال يتناسب مع طبيعة الظروف المحلية التي تتباين من محافظة لأخري ولا يستقيم معها فرض ذات النظم والإجراءات والقواعد التي تحددها الحكومة المركزية علي جميع تلك المحافظات والوحدات المحلية. ويؤكد الوفد أن مجرد اتخاذ بعض القرارات لتفويض جانب من سلطات الوزراء المركزيين إلي المحافظين لن يحقق الطفرة المطلوبة في التنمية المحلية حيث لا يملك المحافظون السيطرة الكاملة علي الأجهزة التنفيذية المحلية التي تدين بالولاء والطاعة للوزارات المركزية التي يتبعونها. ويؤكد الوفد ضرورة تفعيل نظام الأقاليم الاقتصادية الصادر به القانون رقم 475 لسنة 1977 وتعديلاته، بهدف تحقيق التكامل والتناسق بين عمليات ومشروعات التنمية المتكاملة فيما بين المحافظات التي يتكون منها كل إقليم اقتصادي.
* تطوير ورفع كفاءة الجهاز الإداري للدولة
يري الوفد أن عيوباً كثيرة قد أصابت الجهاز الإداري للدولة وساد الفساد وسوء الإدارة كثيراً من وحداته، الأمر الذي ينعكس سلباً علي المواطنين وجودة ما يمكنهم الحصول عليه من الخدمات العامة. ويركز برنامج الوفد علي أهمية تطوير ذلك الجهاز ورفع كفاءته من خلال العناصر التالية:
1 ـ إعادة هيكلة النظام الإداري في الدولة من منظور إستراتيجي يتكامل ويتزامن مع عملية إصلاح مجتمعي شامل بأبعاده الدستورية والسياسية والاقتصادية والثقافية وفق إستراتيجية شاملة تحدد أسس ومعايير التشكيل الوزاري وتحقق درجة كافية من الاستقرار الإيجابي في تكوين واختصاصات الوزارات وتمنع عمليات الفك والدمج والإحداث والإلغاء المتعاقبة مع كل تشكيلة وزارية جديدة، وتضع قواعد لتوجيه عمل الحكومة بكل وزاراتها وهيئاتها ومجالسها.
2 ـ التنسيق بين أنشطة الجهاز الإداري للدولة ومبادرات ومشروعات وبرامج الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة بما يضمن الترابط والتكامل بينها، والالتزام بمنهجية التخطيط لحزم من البرامج وليس لمشروعات منفصلة وغير مترابطة.
3 ـ مراجعة الدور الذي ينهض به جهاز الدولة - في ضوء الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الجديد الذي نعيشه ـ والذي نري أن يتركز في وضع الإستراتيجيات العامة والسياسات الرئيسية لتنظيم حركة المجتمع ووضع معايير وأولويات إدارة الموارد الوطنية وتنسيق مساهمات وعلاقات وأدوار طوائف المجتمع المختلفة في القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والأنشطة الأهلية وتحقيق التكامل بينها وبين دور الدولة في استثمار موارد المجتمع وتحقيق غايات التنمية.
4 ـ الاختيار الديمقراطي الحر في شغل الوظائف القيادية بأجهزة الدولة وهيئاتها المركزية والمحلية تكون قادرة علي الأداء الأفضل وإخضاعهم للمحاسبة والمساءلة عن النتائج.
5 ـ التحول من نمط الموازنة الحكومية الحالية كونها موازنة اعتمادات ونفقات موزعة إلي أبواب، إلي موازنة للبرامج والأداء توزع فيها الاعتمادات علي برامج لها أهداف قابلة للقياس، ومن ثم تتحول طريقة متابعة الإنفاق إلي قياس لمدي تحقيق الأهداف.
6 ـ إعادة تصميم مشروع الحكومة الإلكترونية اعتماداً علي رؤية جديدة تماماً للجهاز الحكومي وما يجب أن يقوم به وأن تركز بالأساس علي تصفية وتنقية وتطوير نمط التعاملات البينية بين الوزارات والهيئات الحكومية ذاتها وهي الأساس في أغلب ما يعانيه المواطنون في تعاملاتهم مع جهاز الحكومة سواء علي المستوي المركزي أو المحلي.
7 ـ تحسين الرواتب للعاملين في الجهاز الإداري للدولة ووضع آليات لمراجعتها دورياً لضمان تناسبها مع مستويات الأسعار ومؤشرات تكلفة المعيشة. كذلك توفير مستوي لائق من ظروف العمل ومقومات الرعاية الاجتماعية والصحية لهم ولأسرهم.
8 ـ تفعيل إستراتيجية متكاملة للتدريب المستمر والتنمية المتكاملة لقدرات ومهارات العاملين، وتطوير القيادات الإدارية. وتوفير الموارد اللازمة لذلك.
ثالثاً: تطوير التعليم ودعم البحث العلمي والتنمية التكنولوجية والثقافة
1 ـ تطوير التعليم قبل الجامعي
يتعرض التعليم في مصر لحالة شديدة من النقد المجتمعي وعدم الرضا عن نظمه وآلياته ومخرجاته علي كافة المستويات. ومن أخطر النتائج المترتبة علي هذا التدهور في المنظومة التعليمية - والتي قد تكون أيضاً من أسبابه - تغير نظرة المواطنين إلي التعليم من كونه مصدراً للعلم والمعرفة وتمكين الفرد من اكتساب المهارات اللازمة لمواجهة متطلبات الحياة العملية، إلي اعتباره وسيلة للحصول علي شهادة تعتبر مسوغاً للتعيين في وظيفة حكومية أو أداة للبحث عن وظيفة خارج البلاد. وبذلك تدنت نظرة المواطنين إلي المؤسسات التعليمية- خاصة الرسمية أو الحكومية - وشاعت بينهم ظواهر سلبية تستهدف تعويض ما يستشعرونه من نقص في تلك المؤسسات مثل الدروس الخصوصية والغش في الامتحانات والذي قد يتخذ شكلاً جماعياً.
وقد تجلي فقدان المواطنين ذ خاصة من الطبقات العليا وفريق من الطبقة الوسطي - للثقة في مؤسسات التعليم الرسمية في زيادة إقبالهم علي إلحاق أولادهم بالمدارس والمعاهد العليا والجامعات الخاصة. وشاع الإقبال علي ما يسمي " مدارس اللغات" التي يجري التعليم فيها بلغة أجنبية وبعضها يقدم المناهج التعليمية الأجنبية المؤدية للحصول علي شهادات أجنبية مثل الشهادة البريطانية والدبلومة الأمريكية والشهادة الألمانية والكندية وغيرها.
كذلك يتجلي تدني المستوي التعليمي في افتقاد المؤسسات التعليمية لأي صلات ذات معني مع المجتمع المحلي، وبذلك تزايدت الفجوة بين ما يقدمه النظام التعليمي من مناهج ومقررات وبين ما تحتاجه مؤسسات المجتمع ومتطلبات الاحتياجات المهنية المعاصرة.
ويسود النظام التعليمي المصري الآن مجموعة من الظواهر غير الصحية تتركز في غلبة الدراسات النظرية في التعليم الثانوي العام وفي الجامعات والمعاهد العليا، وتفاقم الثنائيات التعليمية حيث يوجد جنباً إلي جنب تعليم رسمي/ تعليم خاص، تعليم عام/ تعليم فني، تعليم وطني/ تعليم أجنبي، تعليم مدني/ تعليم ديني، مما يفقد مرفق التعليم لدوره الاساسي في تحقيق الانتماء الوطني والتجانس الاجتماعي.
إن تدني مستوي جودة المنظومة الوطنية للتعليم هو أحد أبرز ملامح الهم الوطني العام والشغل الشاغل لملايين الأسر المصرية التي تعاني من مشكلات عدم قدرة المنظومة الحالية علي الوفاء بمتطلبات تعليم أبنائها بمستوي الجودة والجدية المأمولة، وما يسببه ذلك من قلق ألا يحقق هؤلاء الأبناء المجموع المناسب في امتحان شهادة الثانوية العامة مما يهدد فرصهم في الالتحاق بالجامعات.
وترتب علي تدهور منظومة التعليم الوطنية نتائج خطيرة بالنسبة لفكرة التعليم في ذاتها، فضلاً عن تأثيراتها السلبية علي الاقتصاد والمجتمع.
*** رؤية »الوفد« لتطوير المنظومة الوطنية للتعليم
يتطلب تطوير واستمرار فعالية المنظومة التعليمية توفير مقومات رئيسية من إستراتجيات وتوجهات وطنية تحدد الأولويات وترتب ممارسات الدولة وطوائف المجتمع المتعددة في منظومة التعليم. كما يحتاج تطوير نظم التعليم توفر الموارد البشرية المدربة ذات الكفاءة والقدرة علي ممارسة مختلف الأنشطة التعليمية والتربوية، والتقنيات التعليمية والتربوية الحديثة، والأجهزة والمعدات اللازمة للعمليات التعليمية علي اختلاف أنواعها. ويكون توفر الموارد المالية عنصراً ضرورياً لتدبير تلك الاحتياجات بالكميات ومستويات الجودة المناسبة لحجم ومعدلات الطلب المجتمعي علي الخدمات التعليمية والتربوية.
وفضلاً عن كل ذلك فلا بد من توفر الإدارة الكفء لتطوير العملية التعليمية والوصول بها إلي المستويات المعتمدة في نظم التعليم العالمية.
ويقوم برنامج الوفد لتطوير التعليم علي أساس ضرورة التعامل مع المنظومة التعليمية بكامل عناصرها وليس التركيز فقط علي بعضها - كالثانوية العامة - حيث إنه من الثابت علي سبيل المثال أن هدف مرحلة التعليم الابتدائي هو تمكين التلميذ من إجادة القراءة والكتابة والحساب، فإن لم يتحقق ذلك تصبح جميع المراحل التعليمية التالية بناء علي غير أساس. ومن ثم يتعين تحقيق التكامل والترابط بين عناصر المنظومة.
ويري الوفد:
1 ـ إعطاء أولوية قصوي لتدريب المعلمين ورفع كفاءتهم وإكسابهم الثقافة الديمقراطية.
2 ـ تطوير المناهج التعليمية والمقررات الدراسية لتتضمن قيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والمواطنة والتسامح وقبول الآخر.
3 ـ زيادة موازنة التعليم بما يكفل تطوير المدارس وتجهيزها بما يتناسب وتوفير مناخ تعليمي صحي ومحابي لإطلاق طاقات الطلاب وإبداعاتهم، ويؤدي إلي تقليل كثافة الفصول لتصل إلي المعايير المقبولة عالميا.
4 ـ التوسع في تطبيق وسائل التعليم الحديثة المستندة إلي تقنيات الاتصالات والمعلومات.
5 ـ إعطاء أهمية قصوي للأنشطة المدرسية واعتبارها جزءاً محورياً في العملية التعليمية والمساعدة علي بناء الشخصية المتكاملة.
*** قضية مجانية التعليم
لقد كانت مجانية التعليم إحدي منجزات حكومات الوفد قبل 1952، وكانت عبارة الدكتور طه حسين وزير المعارف في حكومة الوفد" التعليم كالماء والهواء" هي الترجمة الحقيقية لرؤية الوفد لقضية حق المواطن في التعليم بغض النظر عن قدرته المالية. وينص دستور 1971 في المادة رقم 18علي أن التعليم حق تكفله الدولة كما نصت المادة 20علي أن التعليم في مؤسسات الدولة التعليمية مجاني في مراحله المختلفة. وقد تصاعدت أصوات كثيرة تنادي بإلغاء مجانية التعليم باعتبار أن الدولة غير قادرة علي توفير الموارد اللازمة لتمويل التعليم المجاني وفي نفس الوقت الإنفاق علي تطوير وتحسين المنظومة التعليمية والارتقاء بمستواها.
ويري الوفد أن المجانية بشكلها الحالي قد أفرغت من محتواها حيث يتحمل أولياء الأمور نفقات باهظة في تدبير الدروس الخصوصية لأولادهم نتيجة التردي في أوضاع المؤسسات التعليمية علي كافة المستويات. ومن ثم فحقيقة الأمر أن ما يقرب من 20 مليار جنيه توجهها الدولة سنوياً للتعليم قبل الجامعي لا تحقق العائد المستهدف منها مما يتطلب مراجعة شاملة للقضية مع تأكيد التزام الدولة بمبدأ مجانية التعليم في جميع مراحله، علي أن يكون التعليم الأساسي متاحاً للجميع مجاناً دون قيد أو شرط، أما في المراحل اللاحقة تكون المجانية حقاً يحصل عليه التلميذ متي التزم بمستويات أداء محددة ، وفي حالة فشله توفر له الدولة مسارات تعليمية موازية تتناسب وقدراته . وفي جميع الأحوال تلتزم الدولة بتوفير برامج تعليمية مساعدة للفئات الاجتماعية الضعيفة لتضمن لهم المساواة في سعيهم للحصول علي التعليم.
*** قضية الأمية
تعتبر مشكلة الأمية من أكبر التحديات التي تهدد مسيرة التنمية والتقدم في مصر. وحسب التقديرات الرسمية يقترب عدد الأميين من 16مليونا، ونسبة الأمية 26٪ ويري الوفد ضرورة تكثيف جهود الدولة ومؤسسات المجتمع المدني للقضاء علي وصمة الأمية، وضرورة تخصيص الموارد المالية والتجهيزات التقنية للانطلاق ببرامج محو الأمية وتأمين من تمحي أميتهم من الارتداد إلي الأمية. ولا يوافق الوفد علي ما اتجهت إليه الحكومة من نقل المسئولية عن مشروعات محو الأمية ـ بدعوي اللامركزية ـ إلي المحافظين، وما ترتب علي ذلك من تفتيت اعتمادات الهيئة القومية لتعليم الكبار علي المحافظات، وبذلك تحولت مسئولية تنفيذ مشروعات وبرامج محو الأمية من هيئة واحدة إلي ثمانية وعشرين محافظاً فضلاً عن رئيس مدينة الأقصر. كما يؤكد الوفد علي ضرورة التنسيق الكامل بين مشروعات وبرامج محو الأمية وبين سياسات التعليم ووضع ضمانات للحد من ظاهرة التسرب من مؤسسات التعليم والتي تعتبر من أهم مصادر الأمية.
2 ـ تطوير التعليم الجامعي والعالي
إن الجامعات ومعاهد التعليم العالي هي المسئولة عن إعداد الشباب وتأهيله علمياً وفكرياً وسياسياً وثقافياً كي يكون قادراً علي العمل بكفاءة وعلي مواجهة أعباء الحياة ومتطلباتها الاقتصادية والاجتماعية وليشارك بفعالية في الارتقاء بمستوي المجتمع الذي يعيش فيه.. ويري الوفد أن الجامعات والمعاهد العليا الحكومية تعاني من مشكلات خطيرة تحد من قدرتها علي أداء وظائفها العلمية والبحثية وتعوّق تحقيق رسالتها في بناء صرح العلم والبحث العلمي لمساندة جهود ومشروعات التنمية الوطنية الشاملة والتطوير المجتمعي المستمر.
ويؤكد الوفد أن غاية التعليم الجامعي والعالي هي تكوين الموارد البشرية تكويناً علمياً وتقنياً وفكرياً وثقافياً متكاملاً ومتوافقاً مع متطلبات العصر ومتغيراته ومرتكـزاً إلي تقنياته، وتوفير سبل التنمية المستمرة لتلك الموارد بما يهيئها للمشاركة الفاعلة المتميزة في تفعيل ثروات المجتمع وتحقيق نموه وتطوره ودعم قدراته. لذلك نري ضرورة التزام الدولة والمجتمع بالتطوير العلمي لمنظومة التعليم الجامعي والعالي باعتباره حق للطالب القادر علي مواصلة التعليم بتميز والذي تتوفر فيه الشروط الموضوعية للنجاح في الدراسة، وأنه خدمة مجتمعية تلبي مطلباً إنسانياً متجددا لا يقتصر فقط علي سنوات الدراسة المحددة في نظم التعليم الحالية، وإنما يستمر ويتصل علي مدي حياة الإنسان ورغبته المتجددة في العلم والمعرفة.
ويري الوفد أهمية إصدار قانون موحد للتعليم الجامعي والعالي يشمل كافة منظمات التعليم الجامعي والعالي الحكومية والخاصة ، وينص فيه علي المبادئ العامة والقواعد الإستراتيجية الحاكمة لعمليات إنشاء وإدارة وتقييم الجامعات والمعاهد العليا، علي أن يكون لكل جامعة ومعهد عال لائحة خاصة تصدر من السلطة المختصة بها تبين كافة القواعد والإجراءات التفصيلية في تشغيل وإدارة الجامعة / المعهد العالي وتدبير الموارد والتصرف فيها. ويتضمن القانون كل المسائل المتعلقة بشئون الجامعة أو المعهد العالي ويكون شاملاً لكافة المبادئ المنظمة لها من مختلف القوانين الأخري، بحيث يكون هو القانون الوحيد الذي ينظم شئون التعليم الجامعي والعالي ومنظماته. ومن المهم أن ينص القانون علي تطوير أسلوب القبول بالجامعات والمعاهد وفق نظام يقوم علي تفعيل سلطة الجامعات والمعاهد العليا في إدارة عمليات القبول، مع خضوعها للمراقبة من هيئة الاعتماد وضمان الجودة للتحقق من سلامة معايير وأساليب وقرارات القبول. كما يجب أن يؤكد المناخ الديمقراطي داخل الجامعات واحترام حرية التعبير والإبداع لأعضاء هيئات التدريس والطلاب، وفتح قنوات التعبير لهم للمشاركة بالرأي في المسائل الجامعية والقضايا الوطنية والسياسية.
كما يري الوفد أن أعضاء هيئات التدريس بالجامعات والمعاهد العليا عنصر فاعل ورئيسي في العمل الجامعي ولهم الحق في مباشرة الإبداع والابتكار العلمي والبحثي دون قيود، كما يشاركون في الإدارة الأكاديمية للجامعات والمعاهد العليا وفق لوائحها ونظمها المعتمدة. ويتم اختيارهم وفق المعايير والأساليب الأكاديمية المتعارف عليها عالمياً، وهم متفرغون للعمل الجامعي مع تعويضهم التعويض العادل و المكافئ لجهودهم و خبراتهم.
ويؤكد الوفد أهمية الاختيار الديمقراطي بانتخاب القيادات الجامعية من رؤساء الجامعات ونوابهم وعمداء الكليات وفق معايير موضوعية معلنة.
كما يركز الوفد علي أهمية تطوير الدراسات العليا ومراكز البحث العلمي في الجامعات والمعاهد العليا، وإعادة هيكلة برامج الدراسات العليا في الجامعات الحالية في ضوء توفر المقومات والموارد المناسبة ومستوي القدرات العلمية والموارد الأكاديمية والبشرية المتاحة بها.
كما يؤكد الوفد ضرورة رسم سياسة واضحة لإرسال بعثات علمية في الخارج سواء للحصول علي درجة الدكتوراه للمعيدين أو المشاركة في البحث العلمي بالنسبة لباقي أعضاء هيئات التدريس بالجامعات.
3 ـ تطوير منظومة البحث العلمي والتنمية التكنولوجية
يؤكد الوفد أهمية إعادة هيكلة المنظومة الوطنية للبحث العلمي والتنمية التكنولوجية لتكون أداة رئيسية في تحريك وقيادة التنمية الوطنية الشاملة في جميع مجالات الحياة ولصالح كل المواطنين، بالارتكاز إلي المنهجية العلمية وباستثمار الإمكانات التي تتيحها التطويرات التكنولوجية المتجددة وتوظيفها في حل المشكلات وتطوير وسائل الإنتاج ونظم إدارة المجتمع. ويري الوفد:
1 ـ إنشاء »المجمع الوطني للعلوم والتكنولوجيا« ليضم النخبة العلمية والبحثية في مصر من شوامخ العلماء والباحثين وأصحاب المدارس العلمية والإنجازات الأكاديمية والتطبيقية المشهودة علي المستويين الوطني والدولي. وأن تلتزم الدولة بما يصدر عن المجمع من سياسات وتوجيهات لترقية المستوي العلمي والبحثي والتكنولوجي بالبلاد وتأكيد مواكبته للتقدم في العالم.
2 ـ الوصول إلي نسبة لا تقل عن 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي لتمويل أنشطة البحث العلمي والتنمية التكنولوجية.
3 ـ تأكيد الاستقلال العلمي والإداري والمالي لجميع مراكز ومعاهد البحث العلمي والتنمية التكنولوجيــة التابعة لمختلف الوزارات والجهات الحكومية والجامعات ومؤسسات التعليم العالي، علي أن تنظم شئونها لوائح خاصة تصدرها السلطة المختصة في كل مركز ومعهد.
4 ـ ضمان التنسيق بين مؤسسات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي وربطها بمؤسسات الإنتاج والخدمات في المجتمع.
5 ـ تقديم حوافز ضريبية لمؤسسات الإنتاج والخدمات لتشجيعها علي استخدام خدمات مؤسسات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي لحل مشكلات الإنتاج وتطوير المنتجات والخدمات ورفع قدراتها التنافسية.
6 ـ تطبيق نظام لضمان الجودة والاعتماد وفق المعايير العالمية علي كافة مؤسسات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي الحكومية والخاصة واعتبار الحصول علي الاعتماد شرط لاستمرار الترخيص بمزاولة النشاط.
4 ـ دعم الثقافة:
كانت مصر في العصور القديمة والوسيطة والحديثة منارة للثقافة في العالم. عرفت عصور ازدهار كما عرفت دائمًا استيعاب ما يرد إليها من ثقافات وافدة وإعادة انتاجها نبتًا مصرىًا صميمًا. فالعقل المصري في خصوبة الأرض المصرية ما إن ترتوي حتي تنتج أطيب الثمار.
وحرية الفكر في أيامنا هذه هي المياه التي تحيي الزرع. لقد جددت مصر اللغة العربية بعد عصور الانحطاط. وكانت مع لبنان أول من خاض غمار الحداثة دون أن تفقد الاصالة. فكانت صاحبة لواء التجديد في الشعر والأدب والمسرح والموسيقي والفن التشكيلي وكانت أول من أقام صرح فن السينما في الشرق.
ولكن شهدنا في العقود الأخيرة شيئًا من التراخي في هذه الريادة علي أكثر من صعيد. والسبب الرئيسي في هذا يرجع إلي سنوات طويلة تعرضت فيها حرية الفكر لانتكاسة كبري. فتوقف المد الثقافي. وتراجع الذوق العام. وتخلت الدولة عن دورها الطبيعي في دعم النشاط الثقافي بعد أن افرطت في محاولة السيطرة علي العقل المصري.
ويري الوفد أن هذا الخطأ المزدوج لابد من اصلاحه أولاً بحماية حرية الفكر ورفع القيود البيروقراطية والايديولوجية ايا كانت طبيعتها.
وثانيًا علي الدولة أن توفر الوسائل اللازمة لدعم الأنشطة الثقافية باعتبارها استثمارا بشريًا لا غني عنه لتحقيق التنمية الشاملة.
رابعًا: دعم مقومات العدالة الاجتماعية وشبكة الضمان الاجتماعي
1 ـ مواجهة الفقر وتأمين الحق في الغذاء للجميع
تمثل مشكلة الفقر أحد أهم المشاكل التي تحظي بعناية البرنامج الاقتصادي للوفد، إذ تؤكد الدراسات الدولية التزايد المطرد لأعداد الفقراء في مصر. وتشير أكثر الدراسات تفاؤلاً إلي أن 7.16٪ من المواطنين 13 مليون مصري يعيشون عند خط الفقر القومي الأدني [ما يعادل 1 دولار في اليوم] و أن 42٪ من المصريين أي 32 مليونًا يعيشون تحت خط الفقر القومي الأعلي [2ما يعادل دولار يوميا]، وأن أعلي معدلات الفقر يتركز في الوجه القبلي .
ويتواكب مع مشكلة الفقر ويؤثر فيها تزايد أعداد المتعطلين عن العمل، إذ تبلغ نسبة البطالة وفقاً للأرقام الرسمية ما يقرب من 10٪ من قوة العمل، وتتزايد هذه النسبة إذا أخذنا في الاعتبار أعداد الذين يعملون في أعمال هامشية غير منتجة أو في أعمال لا تتناسب ومؤهلاتهم العلمية.
لذا يري الوفد ضرورة صياغة إستراتيجية واضحة وملزمة تهدف إلي تخفيض نسبة الفقر إلي النصف في عام 2015، وتتضمن هذه الإستراتيجية ما يلي:
1 ـ ضرورة اعتبار وزارة الضمان الاجتماعي [أو الوزارة المسئولة عن إدارة شبكات الضمان الاجتماعي ومقاومة الفقر] هي الجهاز الوطني المسئول عن وضع وتنفيذ إستراتيجية شاملة للقضاء علي الفقر تركز علي تحقيق المساواة وتمكين الفقراء وخلق فرص العمل لهم، وترشيد استثمار الموارد المتاحة والمحتملة لبرامج تخفيض الفقر، وتطوير الإدارة و الرقابة الفعالة في تلك البرامج.
2 ـ تتولي وزارة الضمان الاجتماعي تنسيق جهود كافة الوزارات والأجهزة الحكومية ذات العلاقة، وحشد مساهمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، فضلاً عن قطاع الأعمال العام، والتأكيد علي إشراكهم جميعاً في صياغة إستراتيجية مواجهة الفقر وتطوير برامجها، وتحديد أدوار كل منها بأسلوب يضمن التناغم ويتجنب التضارب أو التصادم بين ما تقوم به تلك الجهات.
3 ـ إيجاد مزيد من الفرص الاقتصادية للفقراء من خلال إعادة توجيه الصندوق الاجتماعي للتنمية إلي هدفه الأصيل الذي أنشئ من أجله وهو المساعدة في تخفيف مشكلة الفقر.
4 ـ حفز القطاع الخاص علي التوسع في الاستثمار من أجل خلق المزيد من فرص العمل.
5 ـ مراجعة وترشيد برامج الدعم التي تقدمها الدولة لتحقيق مزيد من الضبط بحيث تتجه فعلاً إلي المستحقين ويتم التخلص من أشكال الهدر والفاقد نتيجة سوء الإدارة وعدم التحديد الدقيق للمستهدفين بالدعم، وكذا افتقاد الضوابط الدقيقة للتحقق من فعالية هذا الدعم.
6 ـ تنمية مهارات الفقراء حتي يستطيعوا رفع قدراتهم المهنية وتحسين فرصهم للحصول علي عمل منتج وذلك بتطوير برامج التعليم خاصة للإناث.
7 ـ تحسين مستوي الخدمات الصحية وبرامج مكافحة الأمراض خاصة في المناطق الريفية. 8 ـ توجيه نسبة متزايدة من الاستثمارات الحكومية للتطوير الاقتصادي وخلق فرص العمل في الريف وصعيد مصر حيث تبلغ معدلات الفقر أعلاها.
9 ـ تفعيل شبكات الضمان الاجتماعي للمساعدة في مواجهة الاضطرابات المتوقعة وغير المتوقعة في الدخل/الاستهلاك للفقراء وذلك بزيادة المبالغ المخصصة لبرنامج المعونات الغذائية، وتوفير المزيد من الإعانات النقدية التي تقدمها وزارة الضمان الاجتماعي.
10 ـ تصميم برنامج وطني لتحسين تغذية الفئات المهمشة مع التركيز علي حماية الأطفال، ودعم جهود المجتمع المدني في مشروعات بنك الطعام.
11 ـ الربط الموضوعي بين إستراتيجية مكافحة الأمية وتعليم الكبار وإستراتيجية القضاء علي الفقر نظراً للتفاعل الشديد بين حالات الفقر وانخفاض مستوي التعليم أو الأمية.
12 ـ توفير نظام للإعانات الاجتماعية للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا تتوفر لهم فرص العمل ولا يوجد لهم عائل يرعاهم. ويتم احتساب قيمة الإعانة الشهرية بما يعادل الحد الأدني من الدخل اللازم لتوفير احتياجات الإنسان فوق خط الفقر مضافاً إليه التكلفة التقديرية للعلاج ومقابل الأجهزة التعويضية التي قد يحتاجها المواطن.
13 ـ توفير نظام متطور لتوفير السكن البديل لمن يعيشون في المناطق العشوائية، أو الذين تنهار مساكنهم أو تتقرر إزالتها كونها آيلة للسقوط. وينص النظام علي توفير السكن البديل أو سداد قيمة إيجاريه معادلة لقيمة الإيجار المحتسبة للسكن البديل. ويتم تحديد الترتيبات الخاصة بمدة الاستفادة من هذه الخدمة وشروط الاستمرار في الحصول عليها.
14 ـ تطوير نظام دعم المواد الغذائية وإحلال نظام بديل يقوم علي فكرة تسليم المواطن المستحق للدعم بطاقة ذكية تشحن دورياً بقيمة الدعم المستحق للمواطن، وتستخدم في شراء احتياجاته من السلع التي يحتاجها من فروع شركات التجارة الداخلية المملوكة لقطاع الأعمال العام أو من متاجر مماثلة في القطاع الخاص متعاقد معها وفق نظام وشروط الضمان الاجتماعي. وتتحدد قيمة الدعم للفرد باحتساب متوسط تكلفة سلة الغذاء العادية للمواطن العادي والتي توفر له الحد المعقول من احتياجاته الغذائية.
*** تطوير سياسة الحد الأدني للأجور
يري الوفد ضرورة تطوير سياسة الحد الأدني للأجور نظراً لارتباطها الوثيق بقضية القضاء علي الفقر وتأمين الحق في الغذاء. لا سيما وأن الحد الأدني الحالي للأجر سواء للعاملين في الحكومة أو القطاع العام أو الخاص ضئيل ويجب مراجعته في ضوء معدلات التضخم المرتفعة التي سادت الأسواق المصرية في السنوات الأخيرة.
ويري الوفد ضرورة تصويب سياسة الحد الأدني للأجور بإعمال المقترحات التالية:
1 ـ تنشيط المجلس القومي للأجور - المنشأ بموجب قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 لمباشرة مهامه في وضع الحد الأدني للأجور علي المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة، وإيجاد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، وإعادة النظر فيه بصفة دورية لا تجاوز ثلاث سنوات، فضلاً عن باقي المهام المكلف بها حسب وثائق إنشاءه.
2 ـ رفع الحد الأدني للأجور بما يتلاءم مع تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ووفقاً لمعدلات التضخم المعلنة رسمياً منذ عام 1987 الذي بدأت فيه الدولة منح علاوات خاصة للعاملين بها، أو رفعه ليمثل 50٪ من متوسط الأجور الشهرية للعاملين في الحكومة والقطاعين العام والأعمال العام.
3 ـ ربط الحد الأدني للأجور بإستراتيجية تخفيف حدة الفقر، وبذلك ينبغي زيادته بالنسبة للعاملين في المناطق الريفية بالصعيد حيث تشتد حدة الفقر.
4 ـ ربط الأجر بالإنتاجية، بحيث يجري تعديل الحد الأدني للأجر بالزيادة بنفس نسبة تحسن الإنتاجية، مما يحفز العاملين علي التجويد في أعمالهم.
*** تأكيد الحق في الغذاء
يري الوفد أهمية وضع برنامج وطني لتأمين حق الإنسان المصري في الغذاء الكافي الآمن، وذلك بالنظر إلي الحالة المتدنية التي وصل إليها مستوي ونوعية الغذاء المتداول في كثير من المناطق بالبلاد والتي يعتمد عليها غالبية المواطنين مما يؤثر سلباً علي المستوي الصحي ويهدد بتأثيرات سلبية علي كفاءة وقدرات رأس المال البشري والذي يمثل الدعامة الرئيسية للتنمية.
ويبدي الوفد مزيد القلق من تأثير عدم توفر الغذاء الكافي والآمن علي نمو الأطفال وصحتهم، وما يؤدي إليه سوء التغذية من تأثير سيئ علي القدرات الذهنية للأطفال ومدي قابليتهم للتحصيل الدراسي، ويري أن النهوض بمستوي التغذية هو خطوة مهمة في سبيل القضاء علي الفقر بتحسين قدرات الفرد المصري وتمكينه من مواجهة متطلبات العمل مما يساعد علي إخراجه من دائرة الفقر.
ويؤكد الوفد أن قضية توفير الغذاء الكافي والآمن للإنسان المصري مسئولية مشتركة تتحملها قطاعات متعددة في الدولة، يجب أن تخضع للتخطيط والتنسيق، مضافة إليها جهود ومبادرات المجتمع المدني والأسر والأفراد في جميع أنحاء مصر.
وفي سبيل تهيئة أفضل الظروف للمساعدة في نجاح البرنامج الوطني لتوفير الغذاء الكافي والآمن، يتبني الوفد الدعوة إلي إنشاء وحدة خاصة بالرقابة علي الغذاء ضمن منظومة الهيئة المصرية للرقابة الدوائية حتي تكتمل حلقات الرقابة علي الأغذية والأدوية وخاصة من حيث السلامة والجودة. كما يتبني الحزب اقتراح إصدار قانون موحد للغذاء في مصر يحدد الجهات المسئولة عن هذه القضية الوطنية ويضع أسس التنسيق بين فعالياتها، ويقرر المعايير اللازم توافرها لسلامة الغذاء المصري.
2 ـ مواجهة البطالة وتنمية المشروعات الصغيرة
تمثل البطالة أخطر مشكلة تواجه الاقتصاد المصري وتهدد استقرار الوطن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. فقد بلغت نسبة المتعطلين وفقاً لآخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ما يقرب من 10٪ من قوة العمل البالغ حجمها 26 مليونًا، كما تؤكد الأرقام انتشار البطالة بين الشباب من خريجي الجامعات والمعاهد المتوسطة والعليا.
وقد حاولت الحكومة التصدي لهذه المشكلة بخلق وظائف في الأجهزة الحكومية لاستيعاب طالبي العمل فتضخم الجهاز الإداري والحكومي وتفاقم حتي بلغ قوامه 5.6 مليون عامل وأصبح يشكل عبئاً ثقيلاً علي موازنة الدولة وبيروقراطية تعوق عجلة الإنتاج.
ولعله كان من الأفضل ما دامت الدولة قد خصصت أموالاً لمواجهة مشكلة البطالة أن توجه هذه الأموال لإستثمار إنتاجي لخلق فرص عمل حقيقية منتجة بدلاً من زيادة أعداد البطالة المقنعة.
وفي جميع الأحوال يري حزب الوفد أن مواجهة مشكلة البطالة تتطلب:
1 ـ زيادة معدلات الاستثمار ومعدلات النمو لخلق أكثر من 750000 فرصة عمل سنوياً لاستيعاب الداخلين الجدد في سوق العمل وتخفيض عدد المتعطلين تدريجياً.
2 ـ تدريب العمالة الفنية ورفع كفاءتها الإنتاجية وزيادة قدرتها التنافسية لفتح مجالات عمل لها في الدول المستوردة للعمالة خاصة العربية منها.
3 ـ ترشيد التوزيع الجغرافي للاستثمارات وإنشاء وحدات إنتاجية قريبة من مراكز التجمعات السكانية خاصة في الريف.
4 ـ تنمية المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر.
*** تنمية المشروعات الصغيرة للحد من البطالة
تعتبر تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من أهم الأساليب التي تصلح كوسيلة مناسبة في سبيل التعامل مع قضية البطالة في مصر، ويري الوفد ضرورة التزام الدولة بتيسير فرص بدء مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر وفق المحاور التالية:
1 ـ نقل الاهتمام بتنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من حيز الشعارات والأقوال المرسلة إلي مجال التفعيل من خلال إستراتيجية وطنية شاملة واضحة الأهداف وبرامج عمل محددة الأولويات والتوقيتات الزمنية ومصادر واضحة ومستمرة للتمويل، مع توفير الفرص الحقيقة لتدريب المستفيدين من تلك المشروعات ومساندتهم للتغلب علي ما قد يصادفهم من مشكلات.
2 ـ إنشاء شركة مساهمة كبري لتوفير خدمات الدعم الإداري ومصادر التمويل والمساندة التكنولوجية وتسويق المنتجات لأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
3 ـ تطوير دور الصندوق الاجتماعي للتنمية ليتوسع في إعداد دراسات الجدوي للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتجهيزها في شكل يمكن للباحثين عن فرص العمل المنتج الاستفادة بها في إقامة مشروعات لها جدوي.
4 ـ زيادة مساهمة الصندوق الاجتماعي في تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وفق شروط ميسرة وبفائدة تمويل رمزية.
5 ـ تشجيع البنوك التجارية الوطنية علي توفير التمويل اللازم للتوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتقديم المساندة الفنية للحاصلين علي القروض.
6 ـ تشجيع إنشاء جمعيات أهلية تتولي رعاية أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتوفير الدعم اللوجيستي لهم في تسويق منتجاتهم وتنظيم المعارض والأنشطة الترويجية المناسبة.
7 ـ توجيه المؤسسات الحكومية وشركات قطاع الأعمال العام إلي تطبيق نظام التعهيد وذلك بطرح ما تحتاجه من خدمات بسيطة [أعمال نقل العاملين، إدارة المطاعم والكافيتريات، أعمال النظافة،....] في مناقصات بين أصحاب المشروعات الصغيرة التي يرشحها الصندوق الاجتماعي للتنمية، وبذلك تتخفف من أعباء إدارة تلك الأنشطة الهامشية في نفس الوقت الذي تخلق فيه سوقاً مهمة للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر.
8 ـ تحفيز رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص علي مساندة إنشاء وتنمية المشروعات الصغيرة في مجالات الصناعات المغذية والخدمات الإنتاجية البسيطة وذلك بتخصيص نسبة من أرباحها لتمويل ومساندة تلك المشروعات وخصم تلك النسبة من وعائها الضريبي.
3 ـ تطوير منظومة الخدمات الصحية
يبدي »الوفد« مزيداً من القلق لما يعانيه المواطنون من سلبيات النظام الحالي للرعاية الصحية والعلاجية، فهم يتحملون العبء الأكبر من نفقات العلاج [61٪ تقريبا]، بينما تساهم الدولة بنسبة 34٪ من إجمالي تمويل العلاج، وتساهم جهات التأمين الصحي الاجتماعي وشركات التأمين الخاصة وجهات العمل بنسبة آخذة في الانخفاض، كما تسهم المنح والمعونات الخارجية بنسبة ضئيلة من إجمالي التمويل.
من جانب آخر، فإن النظام الحالي للرعاية الصحية يفتقد الترتيب المنطقي لأولويات الإنفاق علي الخدمات الصحية التي تقوم علي إدارتها وزارة الصحة، إذ يتم توجيه الجزء الأكبر من الإنفاق علي الرعاية الصحية العلاجية عالية التكلفة بدلاً من الاهتمام بالرعاية الصحية الوقائية والأساسية، وذلك فضلاً عن ارتفاع المصروفات الإدارية وانخفاض كفاءة الإدارة. كذلك يتوجه أكثر من ثلث الإنفاق علي شراء الدواء وهي نسبة تفوق المعدلات العالمية التي تتراوح بين 20٪ ـ 25٪ من الإنفاق الكلي علي الصحة. وأخطر تلك السلبيات عدم التمييز بين الأغنياء والفقراء في تقديم الدعم الصحي فيتحمل الفقراء عبئًا مادىًا يفوق نسبيًا ما يتحمله الأغنياء.
من ناحية أخري، يبدي الوفد القلق نتيجة انخفاض نسبة تغطية التأمين الصحي الاجتماعي، حيث يشمل أقل من نصف السكان فقط، ولا يغطي فئات كبيرة من المجتمع مثل الفلاحين وربات المنازل والعمالة غير المنتظمة وغير العاملين وممن لا يتوفر لهم مصادر دخل ثابتة.
ولمواجهة تلك السلبيات يهدف برنامج الوفد إلي إعادة هيكلة المنظومة الوطنية للخدمات الصحية لتحقيق أعلي مستويات الرعاية الصحية والخدمات العلاجية للمواطنين واستثمار الموارد المتاحة أفضل استثمار ممكن. ويقوم البرنامج علي تأكيد مسئولية الدولة عن توفير المستوي اللائق من الخدمات الصحية والعلاجية بما يحقق للمواطنين القدر المناسب من الحياة الآمنة. ويري الوفد ضرورة إحداث أعلي درجات التنسيق والترابط بين عناصر المنظومة الوطنية للخدمات الصحية وتحقيق التكامل بين عناصرها سواء الأجهزة الحكومية المختصة بالتخطيط والتنظيم والرقابة أو مقدمي الخدمات الصحية من أفراد ومؤسسات في القطاعين العام والخاص. كما يؤكد الوفد أهمية دور هيئات المجتمع المدني ذات العلاقة بقطاع الخدمات الصحية من جمعيات أهلية ومراكز رعاية المعاقين ذهنياً أو عضوياً، والنقابات المهنية القائمة علي تنظيم ممارسة المهن الطبية والصيدلانية والمهن الطبية المساعدة.
ويري الوفد ضرورة بناء إستراتيجية وطنية تتولي وضعها "هيئة وطنية للصحة" لتوفير الاستقرار للسياسات والبرامج الصحية، التي تتغير بتغير الوزراء، للارتقاء بمستويات الصحة العامة، علي أن تلتزم الدولة وجميع مقدمي الخدمات الصحية والعلاجية بتلك الإستراتيجية وتكون أساساً لتقييم الأداء.
*** عناصر محورية في برنامج الوفد لإعادة هيكلة منظومة الخدمات الصحية
1 ـ إعادة ترتيب أولويات الإنفاق علي قطاع الصحة والسعي لزيادة الإنفاق علي الخدمات الصحية الوقائية والأساسية، وتخفيف الأعباء المالية عن المواطنين مع مراعاة العدالة في توزيع الأعباء بين الفقراء والأغنياء.
2 ـ تطوير نظام التأمين الصحي الاجتماعي ليغطي جميع فئات المجتمع ويضمن لكل مواطن الحصول علي مجموعة الخدمات الأساسية.
3 ـ الاستمرار في تقديم العلاج المجاني للفقراء، وتنسيق الإفادة من المساهمات المجتمعية في تمويل برامج الرعاية الصحية.
4 ـ تعظيم الاستفادة من البنية الأساسية والطاقات الصحية والعلاجية المتاحة حالياً لدي جميع مقدمي الخدمات الصحية والعلاجية في قطاعات الخدمة الحكومية والخاصة والتنسيق بينها لمنع تكرار الخدمات أو الازدواج في شراء المعدات والتجهيزات.
5 ـ تنسيق توزيع مصادر الرعاية الصحية والعلاجية توزيعاً متناسباً بين جميع مناطق الجمهورية وعدم تركزها في مناطق بعينها وافتقاد مناطق أخري تلك الخدمات.
*** نظام جديد للتأمين الصحي الاجتماعي
يري الوفد أن يتم تطوير النظام الحالي للتأمين الصحي بدمجه في قانون التأمين الاجتماعي مما يحقق التنسيق والتكامل بين النوعين من التأمين، ويجعل الرعاية والخدمات الصحية عنصراً أساسياً في منظومة الرعاية الاجتماعية المتكاملة للمواطن، علي أن يكون التأمين الصحي الاجتماعي إلزامياً لجميع الخاضعين لقانون التأمين الاجتماعي الحالي من العاملين في الحكومة وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، فضلاً عن الفئات من غير العاملين مثل الطلاب وربات المنازل وغيرهم من الفئات الذين يري الوفد ضرورة ضمهم للاستفادة من نظام التأمين الصحي الاجتماعي وتلافي أوجه القصور الحالية.
ويري الوفد ضرورة إصدار قانون جديد للتأمين الصحي الاجتماعي يوحد التشريعات الحالية ويكفل تحسين مصادر التمويل ويمنح الهيئات المسئولة عن تنفيذه قدراً كافياً من المرونة.
*** إنشاء الصندوق الوطني للرعاية الصحية
ينشأ "الصندوق الوطني للرعاية الصحية" ضمن هيكل "الهيئة الوطنية للصحة" ليتولي إدارة الأموال التي تخصصها الدولة لتمويل الخدمات الصحية والعلاجية للمواطنين، واشتراكات المواطنين وما تتحمله مؤسسات الأعمال وهيئات المجتمع المشاركة في نظام التأمين الصحي عن العاملين بها والمؤمن عليهم وفقاً للنظام، وأي موارد أخري ينجح في الحصول عليها لتغطية نفقات العلاج للمواطنين. ويجري التعاقد بين الصندوق - وبين مقدمي الخدمات الصحية والعلاجية من مستشفيات ومستوصفات ومعامل متخصصة ومراكز علاجية متخصصة وأطباء وإخصائيين علي أساس قوائم أسعار معتمدة لمختلف الخدمات وشروط معيارية لجودة الخدمات، وبحيث يتقدم المواطنون المنتفعون بنظام التأمين الصحي إلي تلك الجهات للحصول علي الخدمات المطلوبة بناء علي إحالة من طبيب الأسرة أو طبيب الرعاية الأولية الذي تحدده هيئة التأمين الصحي لكل مجموعة من المواطنين حسب التوزيع الجغرافي. وتتم الإحالة إلي مقدمي الخدمات للرعاية الصحية من المستويات المختلفة حسب النظام المعتمد من هيئة التأمين الصحي. ويتولي فرع الصندوق في كل محافظة سداد قيمة المطالبات المقدمة من مقدمي الخدمات الصحية والمعتمدة من هيئة التأمين الصحي بالمحافظة.
ويري الوفد أن تكون الخدمات الصحية مجانية لجميع المواطنين الذين يقل دخل الفرد منهم سنوياً عن 3000 جنيه ويشارك المواطنون الذين يزيد الدخل السنوي للفرد منهم علي هذا الحد الأدني بنسبة من تكلفة العلاج تتراوح بين 5٪ ـ 30٪ بحسب مستويات الدخل والتي يصدر بتحديدها قرار من الهيئة الوطنية للصحة، علي أن تتحمل الدولة [ ممثلة في الصندوق الوطني للرعاية الصحية ] ومؤسسات الأعمال وهيئات المجتمع المشاركة في نظام التأمين الصحي باقي التكلفة وفق نسب يصدر بها أيضا قرار من الهيئة الوطنية للصحة.
4 ـ تطوير التأمين الاجتماعي وتأمين عمال الزراعة
يري الوفد أن التنمية الاقتصادية ليست نزهة بلا ألم، فهناك دائما ثمن يدفع وآلام يتحملها الكثيرون في مسيرة التنمية. فضلا عن أن نقطة البدء ليست خالية من المظالم والقسوة. ولذلك فإن برنامج الحزب يركز علي ضرورة إفساح المجال لتعويض وعلاج أوضاع الفئات المهشمة. ولا يقتصر الأمر علي النظر إلي الجيل الحالي بل ينبغي أخذ مستقبل الأجيال القادمة في الاعتبار. كذلك فإنه من الضروري عدم الوقوع في الخطأ بالاعتقاد إن زيادة الناتج الإجمالي والدخل الفردي هو المعيار الوحيد للتقدم، فإلي جانب ما يتحقق عنه من زيادة في "كم" السلع والخدمات التي تطرح ولها أثمان في الأسواق، فإن هناك معاني لا تقل أهمية في سعادة الفرد ورفاهيته والتي يجب توفيرها للإنسان المصري وفي مقدمتها الحرية والعدل والكرامة وفرص الإبداع وهي قيم لا تقدر بثمن.
ويري الوفد أن قوانين التأمينات الاجتماعية تمس مصالح ملايين المصريين المؤمن عليهم وذويهم المستحقين للمعاشات من بعدهم، الأمر الذي يحتم أن يتم التعامل مع تلك القوانين بالتعديل أو التغيير بحرص شديد وشفافية تامة، وأن تتاح الفرص كاملة لجميع طوائف المجتمع ذوي العلاقة لدراسة أي مقترحات في هذا المجال والاستجابة بكل الاحترام والإيجابية لرغباتهم وتفضيلاتهم، مع مراعاة الاتفاقيات والتوصيات الدولية المتعلقة بالتأمينات الاجتماعية والصادرة عن المؤتمرات السنوية لمنظمة العمل الدولية منذ عام 1918، وحتي الآن والتي تحكم المبادئ العامة لتلك النظم ذات الطابع العالمي لتعاملها مع أخطار يتعرض لها كافة البشر في جميع دول العالم.
وبذلك يكون ضرورياً تطوير شبكة متكاملة من آليات الضمان الاجتماعي تحافظ علي كرامة المواطنين وتوفر لهم المساندة الاقتصادية والرعاية الاجتماعية مع احترام خصوصياتهم وحقهم في الحياة الكريمة علي أن تشتمل علي الآليات التالية:
1 ـ نظام متطور للمعاشات يوفر للمواطنين دخلاً مناسباً بعد التقاعد ويتم تمويله بمساهمات مشتركة من العاملين وأصحاب الأعمال. ويجري صرف المعاشات المستحقة من خلال شبكة البنوك ومكاتب البريد المنتشرة في جميع أنحاء البلاد من دون تحميل المواطنين أية أعباء مالية إضافية.
2 ـ نظام متطور لتأمين البطالة يوفر للمتعطلين عن العمل والقادرين عليه تعويضاً شهرياً مناسباً يعادل نسبة لا تقل عن 65٪ من الراتب الذي يحصل عليه المشتغل والذي يتصف بنفس مواصفات المتعطل من حيث مستوي التعليم والخبرة والتخصص المهني. ويستمر حصول المتعطل علي هذا التعويض إلي حين يتم تشغيله بواسطة مكاتب التوظيف الحكومية التابعة لوزارة القوي العاملة، أو حصوله علي عمل نتيجة جهده الشخصي.
3 ـ نظام متطور لمعاشات كبار السن الذين لم يسبق لهم الاشتغال بوظيفة منتظمة في الحكومة أو القطاع الخاص. ويتم احتساب قيمة المعاش الشهري بما يعادل الحد الأدني من الدخل اللازم لتوفير احتياجات الإنسان فوق خط الفقر.
*** المحاور الرئيسة في نظام التأمينات الاجتماعية المستهدف
يري الوفد أن يقوم نظام التأمينات الاجتماعية المستهدف علي أساس المحاور التالية:
1 ـ أن المعاش حق لا يجب أن يرتبط بدخل المؤمن عليه وهو ما يوفره النظام التأميني القائم علي أساس التكافل، ومن ثم يجب تجنب تحويل نظام التأمينات إلي نظام ادخار يعتمد في تمويله بالكامل علي اشتراكات الممولين.
2 ـ ينبغي أن يكون النظام التأميني متعدد الركائز يضم نظاماً للتأمين الإجباري تديره الدولة، ونظم معاشات إلزامية مكملة تعتمد علي فكرة الحسابات الشخصية والمساهمات المحددة تدار بواسطة وحدات القطاع الخاص لحساب العاملين بها ويخضع لإشراف الهيئة القومية للتأمينات والهيئة المصرية للرقابة علي التأمين، ثم برامج لضمان حد أدني من المساعدات الاجتماعية التي لا تعتمد علي الاشتراكات وتمول من الموازنة العامة للدولة.
3 ـ الفصل بين النظام التأميني كنظام اقتصادي يقوم علي أسس فنية وحسابات اكتوارية تجعله قادراً علي تمويل التزاماته ذاتياً، وبين نظم الضمان الاجتماعي لإعادة توزيع الدخل ومواجهة مشكلة الفقر باعتبارها وظائف أصيلة للدولة يجب تمويلها مباشرة من موارد الخزانة العامة.
4 ـ أن يتضمن النظام آلية مستمرة ومنتظمة لزيادة المعاشات دورياً ما يتناسب مع مستوي الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة.
5 ـ ضرورة التغطية التأمينية لعمال الزراعة والصيد وخدم المنازل وذوي الأعمال المماثلة والذين يبلغ عددهم حوالي خمسة ملايين مواطن يمثلون ثلث حجم القوي العاملة. وهذه الفئة من المواطنين لا يمكن لغير الدولة تحمل أعباء التأمين عليهم، فأغلبهم إن لم يكن جميعهم مستثنون من قوانين العمل ولا توجد لديهم القدرة المالية علي تمويل معاشاتهم أو مجرد المساهمة في التمويل حيث هم جميعاً ينتمون إلي فئة الـ40٪ من السكان الأكثر فقراً.
6 ـ أن يتم احتساب المعاشات علي أساس الأجر المتوسط علي أن يكون لذوي الأجور الأعلي التمتع بنظم التأمين التكميلية التي يمولونها هم.
7 ـ الحرص علي تنمية فرص التراكم الرأسمالي لإجمالي اشتراكات المؤمن عليهم والتي تسمح بتكوين فوائض يجري استثمارها لصالحهم مع حمايتها من استيلاء الدولة عليها لتمويل عجز الموازنة العامة.
8 ـ أهمية ضمان كفاءة استثمار أموال المعاشات في أصول أكثر تنوعاً والسعي إلي تعظيم العائد الحقيقي عليها بأقل قدر ممكن من المخاطر بما يحقق مصلحة المشتركين في النظام، وأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم، والاقتصاد الوطني في مجموعة.
9 ـ ضمان معاش أساسي لجميع المواطنين الذين يبلغون سن الخامسة والستين دون اشتراط الاشتراك في النظام، علي أن يحتسب بواقع 15٪ علي الأقل من متوسط الأجر السنوي علي المستوي القومي في يوليو من كل عام وبحد أدني ثلاثمائة جنيه شهرياً وتتحمل به الخزانة العامة. كما يجب تضمين معادلة احتساب المعاش معاملاً يعكس نسب التضخم حتي تكون قيمة المعاش المحتسبة علي هذا الأساس صحيحة ومعبرة عن واقع تكلفة المعيشة في المجتمع.
10 ـ تجنب تعدد الأجهزة والهيئات والمجالس في نظام التأمينات والمحافظة علي بساطة الإطار التنظيمي للنظام، مع كفالة الاستقلال المالي والإداري لهيئات التأمينات الاجتماعية وإبعادها عن سيطرة وزارة المالية وغيرها من الأجهزة الحكومية.
ويري الوفد ضرورة وفاء الدولة بالتزاماتها المالية تجاه نظام التأمينات الاجتماعية وخاصة المديونية المتراكمة علي الخزانة العامة نتيجة قيام صندوقي المعاشات بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بصرف الزيادات السنوية في المعاشات التي تقررها الحكومة، بينما هي شريك مسئول دولياً عن تدعيم وتمويل التأمينات وفقاً للتوصيات الدولية. كما يجب علي الحكومة سداد أموال التأمينات التي حصلت عليها من بنك الاستثمار القومي وأصدرت مقابلها صكوكاً.
5 ـ تنمية المورد البشري ورفع الكفاءة الإنتاجية
نحن نؤمن بأن الثروة الحقيقية في مصر هم أبناؤها إذ يمثلون رأسمالها الحقيقي، فهم القوة المنتجة لكل السلع والخدمات والقيم، وهم القوة الفكرية المبدعة الخلاقة في المجتمع، وهم الأداة المحورية في تفعيل واستثمار موارد المجتمع المادية والطبيعية وتحقيق القيمة المضافة ، وباختصار هم أصحاب الوطن ومصدر قوته وأداة بناءه ونموه.
ويري الوفد ضرورة التعامل مع الأبعاد الأربعة للهيكل السكاني؛ حيث البعد الأول هو الزيادة العددية، والبعد الثاني هو الخصائص والصفات المميزة من النوع والفئات العمرية والخصائص النفسية والاجتماعية ومستويات المعرفة والمهارة. ثم يتعلق البعد الثالث بالتوزيع الجغرافي للهيكل البشري أي توزع السكان في المحافظات والتقسيمات الإدارية المختلفة للدولة، وأخيراً فإن البعد الرابع هو توزيع السكان علي مجالات النشاط الاقتصادي المختلفة من الصناعة، الزراعة، التجارة، قطاعات الخدمات، وكذلك توزيعهم بين العمل في الجهاز الحكومي وقطاعات الأعمال الخاصة والعامة. كما يهتم هذا البعد بنسبة العاطلين من السكان الراغبين في العمل والقادرين عليه ولكنهم لا يجدون فرص العمل.
إننا نري ضرورة تطوير نظم تنمية وتفعيل دور الثروة البشرية بالتوافق مع المعايير المتعارف عليها عالمياً، والسعي لتنمية مهارات ومعارف وتوجهات السكان علي أسس تواكب حركة العلم والتقنية وتجعلهم قادرين علي التعامل في السوق العولمية الجديدة. إن الشفافية والمصداقية واحترام حقوق الإنسان وبناء الديمقراطية الصادقة كلها ركائز أساسية في تنمية الثروة البشرية وفق مفاهيم ومعايير عصر العولمة.
ومن اللافت للنظر غياب إستراتيجية وطنية لتنمية وتطوير الموارد البشرية رغم إيجاد ما يسمي بوزارة السكان والأسرة.
ومما لا شك فيه أن كل الجهود التي بذلت طوال العقود الأربعة الأخيرة لتنظيم الأسرة والسيطرة علي المعدل الرهيب للزيادة السكانية قد باءت بالفشل، ومما زاد الأمر خطورة هو أن الزيادة السكانية تزامنت مع معدلات تنمية اقتصادية منخفضة ومعدلات تضخم متزايدة.
وغني عن البيان أن الحلقة المفرغة التي تتكون من زيادة معدلات الفقر وارتفاع معدلات الزيادة السكانية تؤدي حتما إلي مزيد من تآكل المرافق العامة، وانتشار الجريمة المنظمة، وتزايد العنف وتمكين الفساد الكبير والصغير.
لذلك يري الوفد ضرورة اعادة النظر في الوسائل المتبعة سابقًا لتحقيق السيطرة علي ظاهرة الانفجار السكاني، مع التأكيد علي ضرورة إعادة الثقة بين الدولة والأمة لنجاح هذه الجهود.
ويطالب الوفد بضرورة وضع إستراتيجية متكاملة للتنمية البشرية تتوافق وتتكامل مع الإستراتيجية العامة للتنمية الوطنية الشاملة باعتبارها شرطًا ضرورىًا ومسئولية محورية يجب أن تلتزم بها الدولة وتعمل علي تفعيلها من خلال نظم متطورة للتعليم والإعداد والتأهيل والتدريب والتنمية المستمرة.
إن الوفد يطالب بتخصيص نسبة لا تقل عن 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً توجه للاستثمار في إنشاء وتشغيل مراكز التدريب والتطوير المهني ورفع كفاءة المورد البشري.
ويري الوفد أهمية حفز شركات القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام علي إنشاء مراكز للتدريب تهتم بإعداد وتنمية مهارات أبناء العاملين بها والمواطنين الباحثين عن فرص للعمل، علي أن تخصم تكاليف تلك المراكز من الوعاء الضريبي لتلك الشركات.
كما يطالب الوفد بإعفاء جميع الأنشطة التدريبية الموجهة لإعداد العمالة ورفع كفاءتها الإنتاجية من جميع الرسوم والضرائب.
6 ـ الشباب
يري الوفد أن الشباب هو الأقدر علي صنع التغيير، والأصلح لتقديم فكر المستقبل.. والتعامل مع الشباب تلزمه إستراتيجية قومية متكاملة تقوم علي محاور عدة:
أولاً: تعميق روح الانتماء المفقودة ومواجهة رغبة الشباب في الهجرة غير المنضبطة التي تعرضهم للمخاطر، بدعم الروابط بين الشباب والأسر، والحي، والمدرسة، والجامعة وصولاً إلي الوطن في النهاية.
ثانياً: تطوير المناهج والمقررات التعليمية لمسايرة التقدم العالمي، مع التأكيد علي الهوية المصرية والثوابت الاجتماعية والدينية، والموروثات الوطنية التي لا تتعارض مع عقل أو دين.
ثالثاً: الاهتمام بدعم مراكز الشباب خاصة في المناطق الأكثر فقراً وحرماناً لتكوين الأبطال الرياضيين، مع الاهتمام بالنابهين رياضياً وإعادة تنشيط مشروع البطل الأوليمبي.
رابعاً: تشجيع روح البحث العلمي لدي الشباب وتشجيعهم علي الابتكار والاختراع.. وتيسير إجراءات تسجيل اختراعات الشباب، وتحفيزهم علي الحصول علي الشهادات العلمية، والمشاركة في المؤتمرات والمحافل العلمية العالمية.
خامساً: مشاركة أجهزة الإعلام ـ خاصة التليفزيون ـ في تنشئة الشباب، وإمدادهم بالمعلومات الصحيحة التي تسهم في بناء شخصياتهم.
سادساً: تشجيع الشباب علي المشاركة السياسية وذلك بدعوتهم لحضور أنشطة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، وتشجيعهم علي الانضمام إلي هذه المؤسسات خاصة المؤسسات الحزبية.
سابعاً: تنشيط إرادة الاختيار لدي الشباب ودعمها من خلال تشجيعهم علي المشاركة في الانتخابات الطلابية المدرسية والجامعية دون وصاية أو تدخل، مع ضرورة إلغاء اللائحة المشبوهة للاتحادات الطلابية.
ثامناً: إعفاء مشروعات الشباب الجادة ، خاصة الصغيرة منها، من الضرائب وفوائد القروض البنكية للقضاء علي البطالة، ولتكوين جيل من المستثمرين الجدد، لإحداث توازن بين كبار المستثمرين وصغارهم.
تاسعاً: التوسع في إنشاء المدن الشبابية وتيسير حصول الشباب علي مسكن إنساني ملائم لاحتياجاتهم وإمكاناتهم.
كما يري الوفد أنه يجب إطلاق حرية التعبير للطلاب وذلك بإلغاء أي قيد عليهم في إصدار صحفهم ومجلاتهم الجامعية وعقد ندواتهم ومؤتمراتهم. وأن تقتصر مهمة الحرس الجامعي ومكاتب الأمن علي المحافظة علي سلامة المنشآت الجامعية دون التدخل في الشئون والأنشطة الطلابية.
7 ـ المرأة والطفل
يؤمن الوفد بأن المرأة هي نصف المجتمع، ولها دور رئيسي في حياة الأسرة والمجتمع والوطن، ولذلك يري الوفد ما يلي:
1 ـ كفالة حق المرأة في التعليم تماماً مثل الرجل حتي تتمكن من ممارسة دورها في إعداد أجيال صالحة.
2 ـ للمرأة الحق الكامل في ممارسة كافة الحقوق السياسية من الانتخاب والترشيح وتولي المناصب الإدارية المختلفة.
3 ـ للمرأة دور مهم في العمل المدني، وبخاصة في مؤسسات رعاية الأمومة والطفولة ورعاية الأطفال الذين حرموا من الحياة الكريمة داخل أسرة.
4 ـ تبني التشريعات والقوانين التي تكفل حقوق المرأة، وتنظم علاقتها بالعمل في حالة الولادة وتربية الأطفال.
5 ـ دعم مؤسسات رعاية الأطفال.
6 ـ التوعية اللازمة لضمان حصول كل طفل علي نصيبه كاملاً من التطعيم ضد الأمراض المختلفة.
7 ـ التركيز علي صحة الطفل وبنائه عقلياً وجسدياً وفكريا.
8 ـ الاهتمام ببرامج رعاية الأطفال خلال فترات الإجازات الصيفية من المدارس.
خامساً: دور المواطن في تحقيق النهضة الوطنية الشاملة
يؤكد"الوفد" ضرورة مشاركة المواطنين بفعالية في تنفيذ برنامج إعادة تملك الوطن وحل مشاكله ويري أن المصريين جميعاً مطالبون بالمشاركة في تحقيق النهضة الوطنية الشاملة من خلال:
* الالتزام بالواجبات المفروضة عليه والتمسك بحقوقه المشروعة.
* الحرص علي الحـق العـام والمحافظة علي الممتلكات العامة وعناصر الثروة الوطنية.
* المشاركة في تنفيذ مهام التغيير في موقع عمله وعلي مستوي الحياة الشخصية وفي النطاق الأسري والعلاقات المجتمعية المباشرة.
* الحرص علي قيد اسمه في جداول الانتخاب والتأكد من صحة المعلومات الخاصة به وفق النظام المعمول به، والحرص علي الإدلاء بصوته في كافة عمليات الانتخابات والاستفتاء الجماهيرية وعلي كل المستويات.
الخاتمة
إن البرنامج الانتخابي الذي يتقدم به الوفد برنامج طموح يتطلب تنفيذه توفير الموارد المالية لتمويل المشروعات الكبيرة والإنفاق لرفع كفاءة البنية الأساسية والارتقاء بمستوي الخدمات العامة وعلي رأسها التعليم والصحة والتدريب والنقل والمواصلات .
ويري الوفد أنه في الامكان تدبير الموارد المالية المطلوبة إذا تم تنفيذ برنامج للإصلاح المالي يهدف إلي:-
أولا: زيادة الإيرادات العامة من خلال:ـ
أ ـ تحسين نسب تحصيل الضرائب سواء كانت ضرائب دخل أو مبيعات أو ضرائب جمركية.
ب ـ إصلاح الهيكل المالي للهيئات العامة ورفع كفاءة إدارتها حتي تحقق أرباحا.
ثانيا: ترشيد الإنفاق العام من خلال :-
أ ـ الأخذ بموازنة البرامج والأداء لضمان فعالية النفقة.
ب ـ الكف عن الإنفاق المظهري غير المبرر.
ج ـ ترتيب أولويات الإنفاق علي أساس الأهداف المنشودة.
ثالثا: مشاركة الحكومة للقطاع الخاص في تنفيذ بعض المشروعات الخدمية خاصة في قطاعات التعليم والتدريب والصحة وغيرها.
رابعا: تهيئة المناخ لتحفيز الاستثمارات الوطنية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
خامسا:إنشاء صندوق استثمار يغذي من حصيلة بيع الأصول المملوكة للدولة بما فيها بيع الأراضي الصحراوية لتمويل المشروعات الكبري إنتاجية كانت أم خدمية.
إنما أهم من كل ذلك فإن تنفيذ هذا البرنامج الطموح يتطلب إرادة سياسية قوية وقدرة مستندة علي تأييد شعبي لمواجهة فساد استشري في المجتمع ومصالح استقرت منذ عشرات السنوات، وذلك لن يتحقق إلا في إطار مناخ ديمقراطي وتوافق وطني يستهدف الاصلاح والنهضة.
********
ضميرالأمة وهو الابن الشرعى لثورة 1919 وهى الثورة الأم التى الهمت كل الانتفاضات والحركات الشعبية التى قامت من أجل الحرية وحقوق الإنسان والوحدة الوطنية, وحماية الطبقات الكادحة والمحرومة من أبناء هذا الشعب, وحتى ثورة الضباط الأحرار سنة 1952, هى امتداد للثورة الأم التى فجرها الشعب المصرى سنة 1919.
من هذا المنطلق.. فإن وجدان وقلب الوفد يتسع لكل مصرى مخلص للوطن, بغض النظر عن ديانته أو جنسيته أو عقيدته, نحن نحترم الجميع ونتعاون مع الجميع دون استثناء من أجل رفعة الوطن.
وإيمانا بحق مصر ومواطنيها فى حياة كريمة, وبما يفرضه الوطن على أبنائه من العمل الدائب والجهد المتواصل لتقدمه وازدهاره, يتقدم حزب الوفد الجديد بهذا البرنامج ويعاهد الله والمواطنين على العمل الجاد لتنفيذه, لا يعارض ولا يؤيد إلا ابتغاء وجه الوطن وتحقيق المصلحة العامة.
ويؤمن حزب الوفد بأن الاصلاح الحقيقى يبدأ بالانسان المصرى, وإقامة ما انهار من بنيانه, ليعيد إليه ثقته بنفسه وبحكامه, فيعود سيرته الأولى فى العمل والانتاج والالتزام والتفانى فى خدمة وطنه. والخطوة الواجبة فى هذا السبيل أن يحاط المواطن علماً بالحقائق كاملة حلوها ومرها, حتى ينطلق منها بلا خوف لمناقشة الحاكم ومساءلته إن حاد عن الصواب. ويؤمن الوفد بسيادة القانون وإقرار أحكامه وفرض احترامه على جميع المواطنين دون تمييز, فلا يفلت منه أحد أياً كان موقعه الرسمى أو مركزه الاجتماعى.
كما يعلن تمسكه بالقيم والمبادىء والمفاهيم التى استقرت فى ضمير الشعب, وتتمثل فى الديمقراطية والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والحريات العامة, وضمان حقوق الفئات الكادحة من عمال وفلاحين والعمل على دعمها والاستزادة منها.
ويرى الوفد أن استمرار التفاوت الكبير القائم حالياً بين مستوى الدخول العليا والدنيا يشكل خطرا جسيما على أمن المجتمع, فحتى القادرون فيه لن يهنأ لهم عيش أو يستقر لهم أمن إلا إذا كفل المجتمع للفئات الكادحة ذات الدخل المحدود حداً أدنى من الحياة الكريمة.
وقد أصدر الوفد برنامجه الأول فى نوفمبر سنة 1977 والآن وبعد مضى نحو 28 عاماً وما طرأ على الحياة المصرية من تغيرات يصدر الوفد هذا البرنامج الجديد ليواجه هذه المتغيرات التى لا تمس المبادىء الاساسية والأسس العامة فى برنامجه الأول.
ويرى الوفد أن الديمقراطية السياسية بما تكفله للفرد والمجتمع من حريات أساسية.. ومن قدرة على اختيار حكامه ومحاسبتهم عند الاقتضاء هو المدخل الطبيعى لكل إصلاح اقتصادى واجتماعى, ومن ثم فإن التقدم والارتقاء رهين بمنظومة سياسية رشيدة تفرض سيادة الأمة وتؤكد قدرتها على التحكم فى مصيرها وصياغة حاضرها ومستقبلها فى عالم متفتح تتسارع متغيراته وتتعاظم تحدياته.. وتتحدد رؤية الوفد فى هذا البرنامج.
1 ـ دستور جديد ونظام حكم ديمقراطي
إن التغيير الديمقراطي الشامل الذي يؤكده الوفد هو صمام الأمان لحماية البلاد من المشكلات والكوارث الناتجة عن الفساد واختلاط رأس المال مع سلطة الحكم، والتخلص من فرض رأي الحزب الحاكم في توجيه مقدرات البلاد وإخضاعها للتجارب غير المدروسة وغياب الأسس الاقتصادية والموضوعية في اتخاذ القرارات بما له تأثيرات سالبة يعاني منها المواطنون وما نتج عنها من إهدار الموارد الوطنية والتفريط في الثروة والأصول المملوكة للشعب والأجيال القادمة.
ويري الوفد أن يأتي الدستور الجديد للبلاد محققاً لعناصر البناء الديمقراطي المنشود وشاملة ما يلي:
1 ـ الأخذ بعناصر مهمة من النظام البرلماني بحيث تنفصل رئاسة الدولة عن ممارسة السلطة التنفيذية التي يباشرها مجلس الوزراء المسئول أمام البرلمان.
2 ـ أن يكون الترشيح لرئاسة الجمهورية وفق الضوابط والشروط المتعارف عليها دولياً بحيث تزال العوائق التي تفرضها المادة رقم 76من الدستور الحالي، وفي نفس الوقت أن تكون هناك ضوابط تهدف إلي تأكيد الجدية في عملية الترشيح من دون أن تتحول إلي موانع غير مقبولة.
3 ـ تحديد فترة رئاسة الجمهورية بحيث تكون قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.
4 ـ يعين رئيس الجمهورية رئيس الوزراء، الذي يتوجب عليه الحصول علي ثقة البرلمان. ويقبل استقالته إذا فقد تلك الثقة. كما يعين نواب رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم بناء علي اقتراح رئيس الوزراء.
5 ـ فعيل آليات ديمقراطية تسمح بتداول السلطة سلمياً وحضارياً بين الأحزاب السياسية، وضرورة تحديد مدة شغل المناصب القيادية في الدولة ومنع تجاوزها.
6 ـ إلغاء لجنة شئون الأحزاب وإتاحة الحرية كاملة للمواطنين الراغبين في تأسيس أحزاب سياسية في الدعوة لتأسيسها وحشد الأعضاء، ويعتبر الحزب قائماً وشرعياً بمجرد إخطار الجهة الإدارية المختصة وفق القانون الذي يبين إجراءات اعتراض الجهة الإدارية في حالة تعارض أهدافه ومبادئه وبرنامجه مع الدستور والقانون.
7 ـ تطوير النظام الانتخابي ليكون بالقائمة النسبية غير المشروطة باعتباره النظام الأفضل لتفعيل التعددية السياسية في هذه المرحلة من التطور الديمقراطي، وفي ذات الوقت يجب فصل جميع الهيئات والآليات ذات الصلة بأعمال الانتخابات والاستفتاءات عن السلطة التنفيذية، وأن تقوم علي تلك الشئون هيئة وطنية مستقلة تماماً عن السلطة التنفيذية وعن رئاسة الدولة، وأن ينص علي ذلك في الدستور الجديد علي أن تنظم طريقة تشكيلها وأسلوب عملها بقانون خاص. ويري الوفد ضرورة الأخذ بالتقنيات الحديثة في إنشاء جداول الانتخابات وكافة عمليات التصويت وفرز الأصوات وإعلان النتائج. كما يؤكد علي ضرورة رفع يد الشرطة والأجهزة الأمنية وكافة وحدات وهيئات السلطة التنفيذية عن أعمال الانتخابات وإزاحة كل المعوقات الأمنية والإدارية والسياسية التي تحول بين المواطنين وبين ممارسة حقوقهم السياسية وواجباتهم الانتخابية الكاملة.
8 ـ تأكيد الحرية الاقتصادية وآليات السوق وحرية المبادرة كأسس لتنظيم الاقتصاد الوطني، مع تأكيد مسئولية الدولة عن تطوير سياسات اقتصادية واجتماعية تؤمن المواطنين ضد الفقر، وتضمن توزيعاً عادلاً للدخل القومي في ظل إستراتيجية وطنية للتنمية الشاملة والنمو الاقتصادي المستدام وتضع حداً لتهميش الفئات الأضعف والأفقر في المجتمع.
9 ـ تأكيد الحقوق والحريات المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين، وفي مقدمتها حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، وحرية التعبير وتداول المعلومات، والإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي، وحرية تكوين الأحزاب والجمعيات، وحق التظاهر والإضراب السلميين في حدود النظام والآداب العامة، والحق في الحرية والأمان الشخصي وسلامة الجسد، والالتزام بكافة العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وتأكيد عدم التفرقة أو التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العرق أو العقيدة أو النوع أو أي معيار آخر.
10 ـ تأكيد حق المصريين المقيمين بالخارج في مباشرة حقوقهم السياسية والمشاركة في إبداء الرأي في الانتخابات التشريعية والرئاسية والاستفتاءات الوطنية.
11 ـ تقييد حرية الحكومة في إعلان حالة الطوارئ وقصرها علي حالة الحرب الفعلية والكوارث العامة فقط، والنص علي انتهائها بانتهاء مبرر إعلانها، والتأكيد علي خضوع الحكومة للرقابة القضائية في ممارستها للسلطات الخاصة بحالة الطوارئ.
12 ـعتماد نظام ديمقراطي للحكم المحلي يقوم علي اللامركزية وتوسيع صلاحيات الوحدات المحلية، كما ينص علي أن تكون جميع مناصب المحافظين ورؤساء المدن والقري بالانتخاب ، وتأكيد سلطة المجالس المحلية المنتخبة في الرقابة علي الأجهزة التنفيذية ودعم سلطتها عليها، كل ذلك في إطار الدولة الموحدة.
13 ـ تحرير الصحافة وأجهزة الإعلام من سيطرة الحكومة وإلغاء تملك الدولة للصحف، وتعديل قانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون ليصبح هيئة وطنية مستقلة عن الدولة، تشارك في إدارتها عناصر تمثل كافة التيارات السياسية والفكرية، وتمنح جميع الأحزاب والقوي الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني فرصاً متكافئة لمخاطبة الشعب والتعبير عن مبادئها وأفكارها.
14 ـ إلغاء المجلس الأعلي للصحافة وتحويل المؤسسات الصحفية »القومية« إلي مؤسسات اقتصادية يملكها أفراد أو شركات أو مؤسسات المجتمع المدني.
كذلك يري الحزب ضرورة إطلاق حرية إصدار الصحف وإنشاء القنوات التليفزيونية الأرضية والفضائية ورفع كافة القيود الرقابية عليها، وترك أمر متابعة وتصويب الممارسات المهنية والإعلامية للنقابات والاتحادات المهنية المشرفة عليها.
15 ـ تأكيد مسئولية الدولة عن حماية الآثار والتراث الثقافي المصري.
إن صياغة الدستور الجديد ليست كافية في حد ذاتها لضمان تحقيق غاياته ومبادئه، وإنما يبقي الدور المهم أن تقوم الدولة بتفعيل هذا الدستور واحترام مبادئه، ويتم ذلك بتأكيد الانتقال من السلطة الشخصية للحاكم إلي سلطة المؤسسات الدستورية في الدولة وضرورة فصل السلطة عن أشخاص ممارسيها.
2 ـ تأكيد استقلال القضاء واستقراره
يؤكد الوفد مبدأ استقلال القضاء بحيث يكون مجلس القضاء الأعلي هو المختص بجميع أمور القضاة من تعيين وترقية ونقل وندب وتأديب. ويتعين فصل ميزانية القضاء عن وزارة العدل، علي أن يتولي مجلس القضاء الأعلي تحديد أوجه الإنفاق بعيداً عن سيطرة السلطة التنفيذية. مما يتعين أن يقوم المجلس الأعلي للقضاء باختيار النائب العام والإشراف علي التفتيش القضائي. ويتطلب تحقيق استقلال القضاء أيضا تشكيل المحكمة الدستورية العليا من بين رؤساء الهيئات القضائية بحكم مناصبهم ، وتوفير ضمانات التقاضي وإلغاء جميع صور القضاء الاستثنائي وحظر محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وإعادة محاكمة كل من سبق الحكم عليه من محكمة عسكرية أمام قاضيه الطبيعي.
3 ـ الإصلاح التشريعي
يعتبر الإصلاح التشريعي عاملاً مكملاً لفلسفة استقلال القضاء وضمانات التقاضي من خلال برنامج شامل لمراجعة قاعدة التشريعات المصرية وتنقيتها من جميع التشريعات المقيدة للحريات والمعاكسة لروح الديمقراطية. كما يجب تعديل التشريعات التالية التي تتنافي والقيم الأساسية لحقوق الإنسان:
قانون الإجراءات الجنائيـة
قانون العقوبات
قانون السجون
قانون الطوارئ
قانون القضاء العسكري
قانون تنظيم سلطة الصحافة
قانون المطبوعات
قانون الأحزاب السياسية
قانون مباشرة الحقوق السياسيـة
قانون الجمعيات والمؤسسات الأهليـة
قانون الرقابة علي المصنفات والأشرطة السينمائية
قانون التجمهر
قانون العمل
قانون النقابات العمالية
قانون النقابات المهنية
قانون التأمينات الاجتماعية
4ـ تأكيد حقوق الإنســـان
يري الوفد ضرورة تفعيل المبادئ الأساسية التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948 والاتفاقيات الدولية السبع الرئيسية لحقوق الإنسان، وضرورة تفعيل كافة الآليات العامة لحقوق الإنسان، وأهمها منع التمييز، حقوق المرأة، حقوق الطفل، حقوق كبار السن، حقوق الأشخاص المعوقين، حقوق الإنسان في مجال إقامة العدل، حماية الأشخاص المعرضين للاحتجاز أو السجن، الحق في الصحة، الحق في العمل وفي شروط استخدام منصفة، حرية الاشتراك في النقابات، معاقبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة الجماعية ووضع حد نهائي لممارسات العنف والتعذيب في تعامل الشرطة والأجهزة الأمنية مع المواطنين، ومساءلة مرتكبي العنف والتعذيب. ويري الوفد ضرورة تفعيل الإجراءات التالية لتأكيد احترام حقوق الإنسان :
* الشفافية والحق في المعرفــــــــة
ضرورة الالتزام بأقصي درجات الشفافية والإفصاح في جميع ممارسات السلطات والمؤسسات العامة وإعلان الأسس والمبادئ والاتفاقيات والقرارات والتصرفات ذات التأثير علي الصالح العام، وإتاحة الفرص الكاملة للمواطنين لمناقشتها وإبداء الرأي بشأنها، والمطالبة بتغييرها أو نقضها في حالة تضاربها مع المصلحة العامة والقيم والأعراف المجتمعية المرعية.
* الإفراج عن المعتقلين السياسيين
إن ظاهرة الاعتقال خارج الإجراءات القضائية تخالف أبسط القواعد الدستورية وتنسف دولة القانون من أساسها، لذلك يطالب الوفد بالإفراج عن جميع المعتقلين الذين لم تصدر ضدهم أحكام قضائية أو قضوا فترة العقوبة المحكوم بها. كما يمتنع في جميع الأحوال اعتقال من يصدر حكم أو قرار قضائي بالبراءة أو إخلاء سبيله.
* تحرير النقابات المهنية والعمالية ومؤسسات المجتمع المدني
يري الوفد ضرورة رفع يد السلطة التنفيذية تماماً عن النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، وكفالة حرياتها في التأسيس والممارسة من دون عوائق وبمجرد الإخطار وذلك في حدود النظام العام والآداب.
5 ـ تعميق قيم الوحدة الوطنية
إن الوحدة الوطنية مبدأ ثابت حرص الوفد علي تأكيده عبر مسيرته وقيادته للحركة الوطنية المصرية. فعندما رفع الوفد شعار الدين لله والوطن للجميع أكد أن الوطن يحتضن ويحمي كل أبنائه دون تفرقة بينهم علي أساس الدين أو العقيدة أو العرق أو الجنس أو الانتماء الاجتماعي، وأن المصريين جميعهم متساوون أمام القانون لا فرق بين رجل وامرأة، فقير وغني، شيخ وشاب، هم كلهم يملكون الوطن علي قدم المساواة دون تمييز ويتمتعون بحقوق المواطنة وعليهم أداء واجباتها بصفتهم مواطنين.
ومن ناحية أخري يؤكد برنامج الوفد حتمية التزام الدولة بقيم وأسس المواطنة في جميع مجالات مسئولياتها وصلاحياتها، ومن ذلك ضرورة التزامها بما يلي:
1 ـ لجميع المواطنين الحق في فرص متكافئة وعضوية المجالس واللجان والهيئات العامة وفقاً للقانون، والاستفادة من الخدمات التي تقدمها الدولة واستخدام المرافق والأماكن العامة التي تقدمها الدولة لخدمة المواطنين ورفاهيتهم، وعدم شرعية أي إجراءات أو تدابير حكومية يقصد بها تمييز فرد أو أفراد أو طائفة أو حرمان آخرين أو التضييق عليهم في الفرص والحقوق الدستورية والطبيعية المقررة لجميع المواطنين.
2 ـ التمييز بين المواطنين في شغل الوظائف العامة والترقي لشغل الوظائف القيادية سواء في الجهاز الإداري للدولة والهيئات القضائية والجامعات ومراكز البحث العلمي و قطاع الأعمال العام وفي الوحدات المحلية، كذلك في هيئة الشرطة والقوات المسلحة علي أن تكون الكفاءة هي معيار المفاضلة الوحيد .
3 ـ سرعة إصدار قانون دور العبادة الموحد لإرساء القواعد القانونية والمعايير الموضوعية في التصريح بإنشاء وتطوير دور العبادة وفقا للنص الدستوري الذي تكفل بمقتضاه الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية.
6 ـ نحو دبلوماسية مصرية جديدة
إن إعادة البناء الديمقراطي للبلاد لابد وأن يواكبه وضع قواعد جديدة للتعامل مع دول العالم والتفاعل مع المتغيرات علي الساحتين الإقليمية والدولية تقوم في الأساس علي تحقيق المصالح الوطنية العليا، وتدعم التضامن العربي وتؤكد فعالية الدور المصري في التعاطي مع المشكلات الإقليمية والعالمية بما يرسخ المصالح المصرية علي أساس الشرعية الدولية وبما يحقق السلام العادل .
ويري الوفد أن حل القضية الفلسطينية وفقا للمبادرة العربية يبقي التزاما وطنيا مصريا وعربيا يعلو علي أي اعتبار آخر في اطار سياستنا الخارجية وذلك تحقيقا لهدف اقامة الدولة الفلسطينية علي حدود 4 يونية 1967، وعاصمتها القدس.
كما يري الوفد ان سلامة السودان ووحدة اراضيه واستقراره أساس رئيسي من أسس الأمن القومي المصري. كما ان العلاقات الخاصة التاريخية بدول حوض النيل ضرورة من ضرورات الأمن القومي.
7 ـ مسئولية الدولة عن إدارة التنمية وضمان العدل الاجتماعي
يؤكد الوفد أن نمط الدولة المركزية وما تقوم به من مهام تغطي كافة مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وما تتمتع به من سلطات لا محدودة و الذي ساد مصر في الستينيات وحتي منتصف السبعينيات من القرن الماضي متأثراً بالفكر الشمولي لا يصلح للواقع المصري الآن، كما أنه لا يتفق مع التوجهات الديمقراطية التي ينبني عليها »برنامج الوفد لإعادة تملك الوطن وحل مشاكله«.
كذلك يري الوفد أن التحول نحو اقتصاد السوق لا يعني انسحاب الدولة من تنظيم الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية الشاملة، ومن الاضطلاع بمسئولياتها الاجتماعية والسيطرة علي القطاعات الإستراتيجية التي تمكنها من أداء هذا الدور.
ويري الوفد أن مسئوليات الدولة في العصر الديمقراطي تتمثل بالدرجة الأولي في إعداد وتهيئة البنية الأساسية لإدارة المجتمع وتوفير السياسات والمعايير والمبادرات المؤدية إلي الاستقرار السياسي، والنمو الاقتصادي السريع، والتنمية المستدامة والتكامل الاقتصادي الإقليمي بما يحقق أعلي مستويات الرفاهية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي والحرية والعدالة للمواطنين.
ثانياً: التنمية الاقتصادية الشاملة
إن بناء نظام اقتصادي يستهدف تنمية وطنية شاملة تقوم علي تدعيم طاقات الإنتاج وبناء القدرات التنافسية لمؤسسات الاقتصاد الوطني يعد من العناصر الاساسية في برنامج الوفد . إن النظام الاقتصادي المواكب لنظام حكم ديمقراطي ينبغي أن يتجه بالأساس إلي حماية مصالح المواطنين والحفاظ علي فرصهم في العمل والإنتاج والحصول علي نصيب عادل من الدخل القومي يتناسب مع ما يبذلونه من جهد ويسمح لهم بحياة كريمة. في نفس الوقت يكافئ النظام الاقتصادي أصحاب الأعمال والمستثمرين علي جهودهم وإبداعاتهم في خلق فرص العمل واستثمار موارد الوطن وذلك علي أسس عادلة تسمح بتوازن وعدالة توزيع الثروة وكذا الأعباء الاقتصادية.
إن ديمقراطية النظام الاقتصادي المنشود تفرض الشفافية في اتخاذ القرارات ذات التأثير علي المواطنين وضرورة إشراكهم من خلال ممثليهم في المجالس التشريعية المنتخبة في فحص ودراسة السياسات والقرارات الاقتصادية وإقرارها. كما يجب أن يعمل النظام الاقتصادي علي حماية المنافسة ومحاربة الاحتكارات والتكتلات الاقتصادية المضرة بمصلحة المستهلك.
إن النظام الاقتصادي المستهدف يؤكد مسئولية الدولة عن رعاية المواطنين وضمان حد معقول لهم من الرفاهية الاجتماعية والأمان الاقتصادي باعتبارهم أصحاب المصلحة الحقيقيين في كل ما يجري في الوطن. إن إطلاق قواعد ومعايير الاقتصاد الحر وتوجهات النظام الرأسمالي من دون ضوابط العدالة الاجتماعية يهدد بأخطار عانت منها دول كثيرة حتي تبينت ضرورة وجود دور واضح ومسئول للدولة في ضبط وتنظيم النظام الاقتصادي من دون إهدار الأصول الموضوعية في اقتصاد السوق. كما أن النظام الاقتصادي المنشود يستهدف القضاء علي الفقر ورفع متوسط دخل المواطن مع الحفاظ علي حقوق العاملين ورعاية الدولة للتوازن الواجب بين العمل ورأس المال .
إن الانطلاقة الاقتصادية المأمولة لابد وأن تبدأ ببناء إستراتيجية وطنية للتنمية الاقتصادية الشاملة تتبني مفاهيم عصرية وعادلة لإعادة هيكلة مؤسسات الاقتصاد الوطنــي بما يحقق زيادة الإنتاج من السلع والخدمات ويخلق فرص العمل الحقيقية، وتعالج مشكلة تضخم الدين المحلي العام، وهو ما يؤدي في النهاية إلي معدلات نمو حقيقية في الناتج القومي الإجمالي يلمس المواطن آثارها ويتمتع بنتائجها في شكل مستويات أفضل للمعيشة.
ويقوم برنامج الوفد الاقتصادي علي المحاور الآتية:
1 ـ تحديد معدل نمو مستهدف للناتج القومي الإجمالي، وقطاعات الاقتصاد الوطني المستهدف تنميتها أخذاً في الاعتبار الميزات النسبية التي تتمتع بها.
2 ـ تحديث خطط وآليات تنمية الثروات الطبيعية وأسس استثمارها ومعايير ترشيد استخدامها والمحافظة علي حقوق الأجيال القادمة فيها.
3 ـ تشجيع الادخار لرفع معدلاته وتعظيم الاستثمار الوطني، الخاص والعام، والعمل علي جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحيث لا يقل إجمالي الاستثمارات السنوية عن 25٪ من الناتج المحلي.
4 ـ تحديد أسس ومعايير توزيع مسئوليات التنمية بين أجهزة الدولة وقطاع الأعمال العام، والقطاع الخاص الوطني والأجنبي، والقطاع الأهلي.
5 ـ تحديد خطط وبرامج التنمية التكنولوجية الشاملة لتحسين قدرات مؤسسات الإنتاج والخدمات الوطنية وزيادة إنتاجيتها.
6 ـ تطوير السياسات الاقتصادية والتنسيق بينها لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية وفي مقدمتها سياسة نقدية تهدف إلي الحفاظ علي القيمة الشرائية للعملة الوطنية وتخفيض معدلات التضخم، سياسة مالية تهدف إلي الارتقاء بمستوي الخدمات العامة والبنية الأساسية وعدالة توزيع الدخول وتخفيض نسبة العجز في الموازنة العامة للدولة والدين العام إلي الناتج المحلي.
7 ـ ترشيد سياسات توزيع الأموال المخصصة لدعم السلع الأساسية والخدمات الاجتماعية بتوزيع الدعم نقداً مباشرة إلي مستحقيه دون أن تؤثر سلباً علي الوضع الاقتصادي والمالي للهيئات والمؤسسات التي تنتج هذه السلع أو تقدم هذه الخدمات وبحيث تعبر عن الأولويات التي يتوافق عليها المجتمع.
8 ـ يرفض حزب الوفد رفضاً قاطعاً استخدام حصيلة بيع أي أصل من الأصول المملوكة للدولة بما فيها بيع الأراضي الصحراوية لتمويل النفقات الجارية بالموازنة العامة للدولة ويدعو الحزب إلي توجيه هذه الإيرادات إلي صندوق استثمار مخصص لتمويل المشروعات الكبري سواء كانت إنتاجية أو خدمية.
9 ـ مراجعة موقف الدولة بالنسبة لقطاع الأعمال العام ودراسة أساليب تطوير إدارة الشركات وتخليصها من المعوقات المفروضة عليها ووضعها في موقف يكافئ شركات القطاع الخاص، ثم محاسبتها علي أسس اقتصادية وإدارية سليمة.
وفي هذا المجال يرفض الوفد المشروع المسمي "الصكوك الشعبية" والذي يهدف إلي التخلص مما يقرب من تسعين من شركات قطاع الأعمال العام بزعم تمليكها مجاناً للمواطنين الذين تجاوزوا سن الواحدة والعشرين، ويري في هذا تبديداً وإهداراً لأصول وطنية ينبغي الحفاظ عليها وتنميتها، كما هي خرق لقواعد العدالة وإخلال بالمساواة بين المواطنين من أعمار مختلفة، كما هي حرمان للأجيال القادمة من نفس المعاملة حيث من المخطط أن تتم تلك العملية مرة واحدة فقط.
10 ـ تحسين مناخ الاستثمار ووضع القواعد المناسبة لضمان اتفاق مشروعات الاستثمار الأجنبي والعربي مع التوجهات الإستراتيجية للتنمية وبما يحترم قوانين البلاد وحقوق العاملين والمواطنين المصريين المتعاملين مع تلك المشروعات.
ويرتكز برنامج "الوفد " لتطوير المنظومة الاقتصادية الوطنية علي المقومات الضرورية التالية:
1 ـ تأكيد دور القطاع المصرفي في دعم وتمويل مشروعات التنمية
يؤكد الوفد أهمية دور القطاع المصرفي الوطني في تنفيذ خطط التنمية وتوفير التمويل اللازم لقطاعات الصناعة والزراعة وتمويل التجارة الخارجية والوفاء باحتياجات الحكومة في التمويل قصير المدي وسد عجز الموازنة. ويتطلب تفعيل ذلك الدور وضع حدود آمنة لمدي نفاذ رأس المال الأجنبي في ملكية القطاع المصرفي لا يجب تعديها بما يترك مساحة رحبة للبنوك الوطنية من حيث العدد ودرجة الانتشار ونوع النشاط. من أجل ذلك كانت معارضة الوفد الحاسمة لمشروع بيع بنك القاهرة إلي مستثمر أجنبي.
كذلك يطالب الوفد بتأكيد الدور الرقابي والإشرافي للبنك المركزي المصري علي جميع البنوك العاملة في مصر، وتسجيلها جميعاً لدي البنك المركزي المصري دون استثناء، وتأكيد ضرورة ممارسة البنك المركزي للسلطة المخولة له في التفتيش علي جميع البنوك بصفة مستمرة.
إن برنامج الوفد يقضي بضرورة دراسة وتحديث الحدود الآمنة والضوابط المنظمة لعمل المصارف في مصر من حيث نسبة الاحتياطي، ونسبة السيولة، ومعيار كفاية رأس المال، والحد الأقصي للتمويل الممنوح للعميل الواحد، والضوابط المتعلقة بتمويل بعض أفرع النشاط أو طبقاً لنوع العملة، والحد الأقصي لنسبة المساهمة في المشروعات. كما ينبغي مراجعة وضبط هيكل الرواتب والمكافآت وحصص الأرباح التي يحصل عليها رؤساء تلك البنوك وكبار العاملين فيها تحقيقاً للتوازن بين القطاعات الاقتصادية المختلفة وضماناً لعدالة وموضوعية الأسس التي تحدد بناء عليها.
2 ـ تنمية وتطوير الزراعة المصرية
يري الوفد ضرورة العمل علي تنمية وتحسين الإنتاج الزراعي من أجل الوفاء باحتياجات الاستهلاك المحلي وكذلك التصدير أخذاً في الاعتبار الميزات التنافسية التي تتمتع بها الزراعة المصرية فضلاً عن ضرورة زيادة القيمة المضافة وإتاحة فرص العمل في مجالات التصنيع الزراعي.
ويركز الوفد علي ضرورة تطوير برنامج وطني للتنمية الزراعية يستهدف معالجة مشكلة تفتت الملكية والحيازة الزراعية وآثارها السالبة علي الإنتاج الزراعي وتطوره، وفتح المجال للمشروعات الزراعية الكبري القائمة علي استخدام التقنيات الزراعية الحديثة والمستندة إلي البحوث العلمية لتطوير السلالات وتحسين الإنتاجية. كذلك يؤكد الوفد أهمية التعجيل بتنفيذ خطط وبرامج طموحة للتوسع الأفقي والرأسي لزيادة المساحة المزروعة، وحسم مشكلة الاستقطاعات من الأراضي المنزرعة فعلاً لأغراض غير زراعية، ووضع آليات حاسمة لوقف تلك التعديات ومحاولة استعادة الأراضي المستقطعة وإعادتها إلي الإنتاج الزراعي. ويدعو برنامج "الوفد " إلي إعادة هيكلة قطاع الائتمان الزراعي علي أسس اقتصادية وإدارية واضحة، وإعادة تنظيم أساليب توزيع الأسمدة والمبيدات وغيرها من المستلزمات الزراعية التي تنظم الدولة تداولها.
* تطوير البرنامج الوطني لاستصلاح الأراضي
يطلب الوفد مراجعة برامج استصلاح الأراضي الجديدة وإعادة تصميمها بالتركيز علي المناطق الأعلي إنتاجية، ويقع في مقدمة هذا المطلب مراجعة وتقييم مشروع توشكي والتحقق من إجمالي الاستثمارات المنفذة به والعائد المتحقق منه حتي الآن، ومعدلات النمو المستهدفة ونوعية المحاصيل والمساحات الفعلية التي تمت زراعتها ومستوي إنتاجيتها، كل ذلك من أجل اتخاذ قرار صريح ومؤسس علي التقييم العلمي الموضوعي لجدوي الاستمرار في هذا المشروع أو مجالات التطوير والتعديل الواجبة من أجل تحسين اقتصادياته وإنقاذ ما تم استثماره هناك.
ويري الوفد ضرورة إحياء وتفعيل خطة استصلاح الأراضي التي كانت تهدف إلي استصلاح 3.4 مليون فدان في مناطق الاستصلاح الست السابق تحديدها حسب الخطة الإستراتيجية للأراضي والتي تحددت في مناطق سيناء، منطقة القناة، البحر الأحمر، الساحل الشمالي، الوادي الجديد، وبحيرة السد العالي وذلك في حدود الموارد المائية المتاحة، والتي قد تصل إلي 7 ـ 8 ملايين فدان إذا زادت الموارد المائية.
وفي هذا الصدد ينبه الوفد إلي حتمية الإعداد لمواجهة احتمالات العجز المائي مع تنفيذ برامج التوسع الزراعي، والسعي إلي دراسة أساليب زيادة الموارد المائية بتنفيذ مشروعي بحر الغزال وقناة جونجلي في السودان ، وكذا ترشيد استخدام المياه المتاحة من النيل والمياه الجوفية ومياه الأمطار وإعادة استخدام مياه الصرف، وتطوير أساليب الزراعة في المناطق الصحراوية والجافة وغيرها من تقنيات تساعد في توفير موارد مائية متجددة . كما يوصي الوفد بدراسة إمكانيات تحلية مياه البحر لزيادة الموارد المائية للتوسع في استصلاح الأراضي والتنمية الزراعية مع الحرص علي خلق مجتمعات زراعية جديدة.
3 ـ تفعيل إستراتيجية وطنية للتنمية الصناعية
إن النهوض بقطاع الصناعة هو أساس بناء اقتصاد قوي ومجتمع قادر علي استيعاب ثقافة العصر وتطبيق مستحدثات العلم. فالصناعة قادرة علي قيادة التنمية الاقتصادية وتحريك القطاعات الأخري بما لها من علاقات تشابكية معها. لذلك يري الوفد ضرورة رسم إستراتيجية للتنمية الصناعية تستهدف رفع كفاءة عوامل الإنتاج، والأخذ بالتقنيات الحديثة، ومواكبة المعايير والمواصفات الدولية لتوفير منتجات عالية الجودة ومنخفضة الأسعار نسبياً في الأسواق المحلية والنفاذ إلي الأسواق الأجنبية.
ويري الوفد أن تتجه الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية في الأساس إلي زيادة معدل الاستثمار في الصناعة، وتوفير الحوافز المناسبة لتوجيه نسب متزايدة من المدخرات المحلية إلي مجالات التصنيع ومضاعفة الاستثمار السنوي في الصناعة لإحداث طفرة كافية في معدل مساهمتها في الناتج القومي الإجمالي. وبذلك يكون علي الدولة ـ ممثلة في قطاع الأعمال العام ـ القيام بدور واضح في تنفيذ إستراتيجية التصنيع لإنشاء صناعات جديدة، حيث لا يمكن الركون فقط إلي مبادرات القطاع الخاص لإنجاز خطة التصنيع، علي أن تتخارج الدولة أو تقلل مساهمتها في تلك المشروعات عند نضوجها.
ويعتبر الوفد أن إعادة هيكلة قطاع الصناعة التحويلية هو من أهم التحديات التي يجب علي إستراتيجية التنمية الصناعية التعامل معها، حيث تسود المصانع متناهية الصغر التي تفتقر إلي أبسط مقومات الصناعة الحديثة ولا تنتج سوي منتجات رديئة لا ترقي لأي مستوي تصنيف معروف. لذا يكون تعديل هذا الهيكل بالسعي لزيادة أعداد المصانع المتوسطة والكبيرة هو أساس جوهري في إستراتيجية الانطلاقة الصناعية المستهدفة لما تتمتع به تلك المؤسسات من قدرة علي تجميع وتوظيف الموارد والإمكانيات المالية والتكنولوجية والخبرات الإدارية، فضلاً عن القدرة علي التعامل مع المؤسسات الصناعية والتجارية الكبري في العالم والتحالف معها أو الاستعانة بها في تطوير منتجاتها وأساليبها التكنولوجية. من جانب آخر، لا بد من إعداد خطة خاصة لتطوير المصانع الصغيرة ومتناهية الصغر مما تتوفر فيها مقومات النجاح، والارتقاء بمستوي إنتاجيتها وجودة منتجاتها.
ومن المهم إعادة دراسة مشكلة توطن الصناعة المصرية وسوء توزيعها علي مناطق مصر ليس فقط بهدف المساعدة علي سرعة تنمية الريف وعلي الأخص الوجه القبلي، ولكن أيضاً للمساهمة في تخفيف الضغط السكاني علي المدن الكبري ومعالجة الآثار السلبية للممارسات الملوثة للبيئة نتيجة عدم الالتزام بالقواعد والنظم المتعارف عليها للمحافظة علي البيئة وحمايتها من مصادر التلوث الصناعية.
كذلك ينبغي مراعاة التوازن بين الاتجاه إلي الصناعات كثيفة رأس المال التي تعتمد علي التقنيات الآلية الحديثة، والصناعات كثيفة العمالة التي تفتح فرصاً أوسع لاستيعاب القوة العاملة ومن ثم تسهم في تخفيض مشكلة البطالة. كما ينبغي الأخذ بمفهوم متسع لفكرة الصناعة لا يقصره علي الصناعات التحويلية أو الاستخراجية، بل لابد من التطرق إلي الصناعات الجديدة ذات المحتوي المعرفي العالي مثل الصناعات الإلكترونية والبيولوجية وصناعات المعلومات والاتصالات فتلك هي التي تحقق أعلي قيمة مضافة في الهياكل الصناعية الحديثة.
ولا يجب الانحصار في حيز زيادة الطاقات الإنتاجية في القطاع الصناعي، بل لابد من توفير متطلبات الانطلاق أيضاً لصناعات الخدمات وثيقة الصلة بالصناعات السلعية. ويأتي في المقدمة صناعات النقل البري والنهري والبحري والسكك الحديدية. ومن المعروف أن من أهم معوقات تصدير المنتجات المصرية إلي الأسواق الإفريقية هو نقص إمكانيات أسطول النقل البحري الوطني وما أدي إليه من الاعتماد علي السفن الأجنبية ومنها الإسرائيلية لنقل المنتجات المصرية إلي موانئ أفريقيا.
ويؤكد الوفد ضرورة تخليص الصناعة المصرية من الاعتماد علي إدخال مكوّنات إسرائيلية في منتجاتها حتي تستطيع التأهل للدخول إلي الأسواق الأمريكية معفاة من الضرائب والتخارج من اتفاقية الكويز لتحرير الصناعة المصرية من الارتباط بمكونات إسرائيلية، علي أن يتم تعويض ما قد تفقده المنتجات المصرية من الإعفاءات الجمركية في الولايات المتحدة برفع مستوي الإنتاجية وتخفيض التكلفة، وطرق الأسواق الأخري في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي القديم.
وينبه الوفد إلي ضرورة الاهتمام بتطوير مشروعات التصنيع الزراعي، ومواجهة منافسة الواردات الأجنبية من السلع الغذائية ذات الأصل الزراعي. ولا شك أن منتجات الألبان والخضاروات والفواكه المحفوظة واللحوم المصنعة وغيرها هي من أهم متطلبات الوفاء باحتياجات الأمن الغذائي للمصريين التي يجب أن تكون علي قائمة أولويات برامج التنمية الصناعية الوطنية.
ويوجه الوفد إلي ضرورة أن تتحمل الحكومة مسئولياتها في دفع حركة إعادة تأهيل وتحديث الصناعة المصرية مع الأخذ في الاعتبار تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة المشاركة في العمليات الصناعية. إن مسئولية الدولة هي التوجيه الإستراتيجي للصناعة ورفع المعوقات وتوفير المساندة للمؤسسات الصناعية، وتشجيع القائمين عليها للاندماج في السوق العالمي والأخذ بمعطيات التقنيات الحديثة والدخول في شراكة وتحالفات إستراتيجية مع مؤسسات صناعية أجنبية توفر لها الدعم التقني، وكذا مع مؤسسات تجارية توفر لها قنوات انسياب منتجاتها إلي الأسواق العالمية.
كما يؤكد الوفد ضرورة الاهتمام بالتدريب الفني المستمر للعاملين في جميع المستويات الإنتاجية والإدارية لرفع كفاءتهم وزيادة إنتاجيتهم وقدرتهم علي استيعاب التقنيات المتجددة والتعامل معها، وتوفير الموارد المالية والبشرية بهذا التدريب.
4 ـ الطاقة ودعم البرنامج النووي وتنمية الطاقة الجديدة والمتجددة
يري الوفد أن الطاقة بمصادرها المختلفة هي المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم فإن أي تهديد بنضوب أو انقطاع مصدر للطاقة يمثل تهديداً مباشراً لفرص تحقيق التنمية الوطنية الشاملة، وبالتالي تهديداً لأمن الوطن ومستقبله. وفي الوقت الحالي، فإن مصادر الطاقة في مصر تنحصر في زيت البترول والغاز الطبيعي والطاقة الكهرومائية. ورغم الاهتمام بتنمية مصادر للطاقة الجديدة والمتجددة عبر سنوات طويلة مضت مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإنها لا تزال في مرحلة غير مؤثرة ولم تصل إلي مستوي الطاقة الأولية التجارية.
وفي مجال الثروة النفطية، يري الوفد ضرورة بذل مزيد من الجهد في أعمال البحث والاستكشاف وتقديم حوافز إضافية للشركات الأجنبية للتوسع في عمليات الاستكشاف والتنمية والإنتاج بغرض تعويض التآكل في الاحتياطي أو لتخفيض معدلاته إن لم يتحقق عنها تحسين لمستواها. من جانب آخر، يدعو الحزب إلي التوسع في استخدام الغاز الطبيعي كوقود بديل للمنتجات البترولية السائلة بقدر الإمكان.
ويعتبر الغاز الطبيعي أحد أهم مصادر الطاقة في مصر الآن إذ يوفر ما يقرب من ثلث الطاقة الأولية المستهلكة، ورغم ما يبدو أنه موقف مطمئن من حيث ضخامة الاحتياطيات المقدرة، إلا أن الوفد يري ضرورة مراجعة سياسات تصدير الغاز وأسس تسعيره حفاظاً علي ثروة الوطن وحماية لحق الأجيال القادمة في هذا المصدر الطبيعي المهم. وعلي سبيل الخصوص فإن حزبنا يرفض تماماً اتفاقيات تصدير الغاز الطبيعي إلي إسرائيل.
علي الجانب الآخر، فإن مصر قد استغلت ما يقارب 90٪ من الطاقة المائية لنهر النيل في توليد الكهرباء، ويدعو الوفد إلي دراسة كافة المواقع البديلة التي يمكن استخدامها لتوليد الطاقة الكهربائية بما في ذلك مراجعة وتحديث الدراسات الخاصة بمشروع منخفض القطارة.
كما يعتبر في حكم المؤكد أن ثروة مصر من الفحم تتناقص وكذا الاحتياطي المؤكد منه فضلاً عن نوعيته، وتلك كلها عوامل تقلل من فرص استخدامه كمصدر للطاقة الأولية يمكن أن يكون لها تأثير يذكر في توفير حجم الطاقة المطلوبة لمصر.
ويؤكد الحزب ضرورة بذل الاهتمام الكبير بالتوسع في استخدام مصادر الطاقة الأخري ومنها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الكتلة الحيوية المستخرجة من المخلفات النباتية الصلبة ومخلفات الحيوانات المختلفة ومخلفات الصرف الصحي والقمامة والمخلفات الصناعية.
* قضية الطاقة النووية
يري الوفد ضرورة دعم وتأمين البرنامج النووي المصري انطلاقاً من قرار وطني للتعامل مع مصادر التكنولوجيا النووية الأفضل والأخذ في الاعتبار أهمية دراسة مسألة تخصيب اليورانيوم في مصر باعتبارها قضية مهمة علي المستويين التقني والسياسي وصولاً إلي الموقف الذي يحقق الطموحات الوطنية ويؤمن المشروع النووي المصري من الوقوع تحت سيطرة دولة معينة في حالة قبول الحصول علي اليورانيوم المخصب منها وعدم تخصيبه محلياً. وفي هذا المجال يؤكد الوفد ضرورة احترام نتائج الدراسات العلمية والالتزام بما توصلت إليه من أفضلية موقع الضبعة لإقامة المحطة النووية المصرية الأولي، وإبعاد القرار في هذا الشأن عن تأثيرات رجال الأعمال والطامعين في الاستئثار بالموقع وتحويله إلي الاستثمار السياحي.
كما يطرح الوفد أنه يمكن استخدام الطاقة النووية في إزالة ملوحة مياه البحر بدلاً من الوقود الأحفوري [البترول والغاز الطبيعي] مما سيكون له انعكاسات إيجابية هائلة علي مشروعات التنمية الزراعية خاصة في مناطق الساحل الشمالي الأمر الذي يدعم التوجه نحو إقامة ظهير زراعي بالمنطقة يوفر قدراً ملموساً من احتياجات مصر للقمح ويحقق تنمية اقتصادية واجتماعية تعظم من فرص الاستفادة بما تم استثماره في بناء القري الساحلية علي طول الساحل الشمالي الغربي من الإسكندرية حتي العلمين وما بعدها
5 ـ تنمية سيناء ومشروعات الخروج من الوادي
يري الوفد أن الحكومات المصرية المتتابعة منذ نصر أكتوبر 1973 قد أهملت قطعة نادرة من الوطن، وأهدرت ثروة وطنية غالية لا تعوّض حين هجرت سيناء بكل أهلها وثرواتها وأهميتها الإستراتيجية لحماية الأمن القومي المصري والعربي. لقد أصبحت سيناء بحكم الإهمال الرسمي لها والانشغال العام عنها وعن قضاياها ثروة ضائعة كما أصبحت مصدراً لتهديد الأمن الوطني بدلاً من أن تكون خط الدفاع الأول عن الوطن.
ولا تعاني سيناء من إهمال وتباطؤ التنمية والتعمير فقط، بل يلاقي أهلها المصاعب من المعاناة في حياتهم ومن اشتداد الحملات الأمنية عليهم منذ أحداث طابا ودهب الإرهابية. كما يشكو أبناء سيناء من نظرة الحكومة إليهم وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، فهم محرومون من حق امتلاك أراضيهم وعقاراتهم، وهم يعاملون معاملة خشنة من الأجهزة الأمنية وينظر إليهم نظرة ريبة تشكك في وطنيتهم وانتمائهم لمصر.
لقد أهملت الدولة في تنفيذ المشروع القومي لتعمير سيناء والذي كانت قد بدأته في العام 1994علي أن ينتهي في عام 2017 بإجمالي استثمارات قدرت وقتها بخمسة وسبعين مليار جنيه. ولكن المشروع توقف فجأة ولم نعد نسمع عنه شيئًا، ولا نجد أي إشارة إليه في وثائق الخطة الخمسية للتنمية الاقتصادية.
إن الوفد يطرح وبقوة أهمية استثمار موارد سيناء التي تبلغ 61000 كيلومتر مربع، أي حوالي 6٪ أو 1/16من مساحة مصر أو ما يقرب من 3 أمثال مساحة الدلتا بينما يعيش فيها أقل من نصف مليون مصري! إن الخروج من الوادي الضيق والانطلاق إلي الآفاق الرحبة لسيناء سيتيح حياة أفضل لما لا يقل عن ثلاثة ملايين مصري وفرصاً مهمة للتنمية الزراعية والصناعية والتعدينية، فضلاً عن التنمية السياحية، كل ذلك بالإضافة إلي تأمين حدود مصر الشرقية وإقامة حاجز بشري صلب يمنع المعتدين والمغامرين من مجرد التفكير في إعادة السيطرة علي سيناء وتهديد الأمن الوطني.
* رفع المعاناة عن أهل سيناء
يري الوفد أن حرمان أهل سيناء من تملك الأراضي وما يقام عليها من مبان هي المشكلة الرئيسية التي تقف حجر عثرة في سبيل إقدام المواطنين علي النزوح إلي سيناء والحياة بها، وذلك إلي جانب المشكلات الكبري الناشئة عن انعدام الاستثمارات واختفاء فرص العمل الحقيقية لأبناء سيناء وتراجع الخدمات العامة وضيق فرص الحياة. ويؤكد الوفد حتمية حل تلك المشكلة ويرفض حرمان أهل سيناء من حق يقرره الدستور لجميع المواطنين المصريين.كما يرفض الوفد كل أشكال التمييز ضد أهل سيناء حين يستبعد أبناؤهم من دخول الكليات العسكرية، وكما يحظر عليهم التعيين في المواقع القيادية بالدولة ومن الوظائف الدبلوماسية والمواقع الإعلامية، وكما يستبعدون عند تجنيدهم من الخدمة في الأسلحة القتالية. ويؤكد الوفد أهمية دمج المجتمع السيناوي في النسيج الوطني المصري.
* مشروعات الخروج من الوادي
إن المطلوب زيادة الرقعة السكانية والإنتاجية إلي ما بين 10 ـ 12٪ من مساحة مصر الكلية وإعادة رسم الخريطة السكانية لمصر وإنشاء مراكز جذب سكاني جديدة في سيناء، الظهير الصحراوي للساحل الشمالي الغربي، الظهير الصحراوي الغربي بطول وادي النيل ليشمل الصعيد وهو الأعلي في نسبة الفقر والتخلف. ويأتي في هذا السياق ضرورة إحياء مشروعات المجمعات النووية الزراعية الصناعية وهي مشروعات سبق دراستها لإقامة تلك المجمعات علي طول الساحل الشمالي الغربي ، وسواحل البحر الأحمر وسواحل سيناء، وهي لا تعتمد علي مياه النيل وإنما تعتمد علي تعذيب مياه البحر وإزالة ملوحتها باستخدام الطاقة النووية. كذلك ينبغي حسم فكرة مشروع الظهير الصحراوي من العلمين إلي وادي حلفا، ومشروع ربط مريوط والقطارة، ومشروع مد فرع للنيل من أسوان إلي بحيرة قارون لزراعة وتعمير الصحراء الغربية. ويؤكد الوفد أهمية وضع مشروع وطني شامل لإزالة الألغام من منطقة العلمين وغيرها من المناطق التي زرعت بها ملايين الألغام وإعدادها للحياة وتحويلها إلي مجتمعات عمرانية تستوعب ملايين المصريين وتنشأ بها مشروعات اقتصادية زراعية صناعية متكاملة.
6 ـ إحياء التكامل المصري السوداني وتفعيل مشروعات أعالي النيل
إن الوفد يؤكد أهمية إحياء برامج ومشروعات التكامل المصري السوداني في إطار إستراتيجية مشتركة تضع العلاقات المصرية السودانية في مكانها الصحيح باعتبارها مصلحة قومية حيوية وليست مجرد مجموعة من التوجهات أو المصالح الاقتصادية الآنية محدودة الأثر. ويرتبط بذلك ضرورة إزالة المعوقات التي عطلت تنفيذ مشروعات أعالي النيل وفي مقدمتها مشروع قناة جونجلي. ويؤكد الوفد أهمية وضع برامج شاملة لحماية النيل من التعديات ومصادر التلوث.
7 ـ المقومات اللازمة للتنمية الاقتصادية المستدامة
إن تحقيق النهضة الاقتصادية التي يدعو إليها الوفد يتطلب توفير مقومات أساسية في مقدمتها:
* حماية البيئة
يري الوفد ضرورة العناية بالبيئة وتكثيف الجهود للتخلص من مشكلة السحابة السوداء بتطبيق أساليب علمية للتعامل مع مصادرها، وكذلك التعامل مع مشكلة تراكم القمامة وتلوث المصارف والقنوات المائية المتخللة في المدن والقري. ويؤكد الوفد أهمية إعداد الدراسات واتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة لحماية المناطق الساحلية التي تشير التقارير الدولية إلي احتمالات تعرضها للغرق نتيجة ارتفاع مستوي سطح البحر نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويعتبر الوفد أن التعامل مع مشكلة العشوائيات يمثل ضرورة وطنية لحماية المواطنين قاطني تلك المناطق العشوائية التي لا تتوفر بها أي مقومات للحياة الإنسانية الكريمة. ويري الوفد ضرورة زيادة الاعتماد المخصص لصندوق التعامل مع العشوائيات.
* تطوير الإدارة المحلية وتطبيق اللامركزية الإدارية
يري الوفد أن تطوير الإدارة المحلية وتعميق اللامركزية يمثل دفعة قوية في اتجاه تدعيم الحكم الديمقراطي وإشاعة العدل والمساواة بين مناطق الجمهورية ومحافظاتها بحيث لا تتركز الخدمات ومصادر النمو في القاهرة الكبري والدلتا، بينما تحرم محافظات الصعيد وجنوب الوادي والمناطق الريفية عامة من فرص النمو المتكافئة.
ويري الوفد أن التوجه لتطبيق اللامركزية ليس هدفاً في ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق غايات محورية تتمثل في تحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وتمكينهم لمباشرة قدراتهم وطاقاتهم وإبداعاتهم في خدمة الأهداف والقضايا العامة، وكذلك تحقيق أهدافهم ومصالحهم الخاصة من دون تعارض بين الاثنين.كما تحقق اللامركزية تأمين مستقبل الوطن، بتوزيع السلطات والصلاحيات وحق اتخاذ القرارات لتجنب الانحصار والتجمد فيما يتاح لسلطة مركزية من خبرات وقدرات.
إن الغاية من تطوير نظام الإدارة المحلية تتركز في تخفيض سيطرة الحكومة المركزية علي شئون المحليات التي يكون مواطنوها أعرف بمشكلاتها ويجب أن يكون للأجهزة الإدارية ومقدمي الخدمات بها الصلاحيات الكافية لإدارة شئونهم باستقلال يتناسب مع طبيعة الظروف المحلية التي تتباين من محافظة لأخري ولا يستقيم معها فرض ذات النظم والإجراءات والقواعد التي تحددها الحكومة المركزية علي جميع تلك المحافظات والوحدات المحلية. ويؤكد الوفد أن مجرد اتخاذ بعض القرارات لتفويض جانب من سلطات الوزراء المركزيين إلي المحافظين لن يحقق الطفرة المطلوبة في التنمية المحلية حيث لا يملك المحافظون السيطرة الكاملة علي الأجهزة التنفيذية المحلية التي تدين بالولاء والطاعة للوزارات المركزية التي يتبعونها. ويؤكد الوفد ضرورة تفعيل نظام الأقاليم الاقتصادية الصادر به القانون رقم 475 لسنة 1977 وتعديلاته، بهدف تحقيق التكامل والتناسق بين عمليات ومشروعات التنمية المتكاملة فيما بين المحافظات التي يتكون منها كل إقليم اقتصادي.
* تطوير ورفع كفاءة الجهاز الإداري للدولة
يري الوفد أن عيوباً كثيرة قد أصابت الجهاز الإداري للدولة وساد الفساد وسوء الإدارة كثيراً من وحداته، الأمر الذي ينعكس سلباً علي المواطنين وجودة ما يمكنهم الحصول عليه من الخدمات العامة. ويركز برنامج الوفد علي أهمية تطوير ذلك الجهاز ورفع كفاءته من خلال العناصر التالية:
1 ـ إعادة هيكلة النظام الإداري في الدولة من منظور إستراتيجي يتكامل ويتزامن مع عملية إصلاح مجتمعي شامل بأبعاده الدستورية والسياسية والاقتصادية والثقافية وفق إستراتيجية شاملة تحدد أسس ومعايير التشكيل الوزاري وتحقق درجة كافية من الاستقرار الإيجابي في تكوين واختصاصات الوزارات وتمنع عمليات الفك والدمج والإحداث والإلغاء المتعاقبة مع كل تشكيلة وزارية جديدة، وتضع قواعد لتوجيه عمل الحكومة بكل وزاراتها وهيئاتها ومجالسها.
2 ـ التنسيق بين أنشطة الجهاز الإداري للدولة ومبادرات ومشروعات وبرامج الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة بما يضمن الترابط والتكامل بينها، والالتزام بمنهجية التخطيط لحزم من البرامج وليس لمشروعات منفصلة وغير مترابطة.
3 ـ مراجعة الدور الذي ينهض به جهاز الدولة - في ضوء الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الجديد الذي نعيشه ـ والذي نري أن يتركز في وضع الإستراتيجيات العامة والسياسات الرئيسية لتنظيم حركة المجتمع ووضع معايير وأولويات إدارة الموارد الوطنية وتنسيق مساهمات وعلاقات وأدوار طوائف المجتمع المختلفة في القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والأنشطة الأهلية وتحقيق التكامل بينها وبين دور الدولة في استثمار موارد المجتمع وتحقيق غايات التنمية.
4 ـ الاختيار الديمقراطي الحر في شغل الوظائف القيادية بأجهزة الدولة وهيئاتها المركزية والمحلية تكون قادرة علي الأداء الأفضل وإخضاعهم للمحاسبة والمساءلة عن النتائج.
5 ـ التحول من نمط الموازنة الحكومية الحالية كونها موازنة اعتمادات ونفقات موزعة إلي أبواب، إلي موازنة للبرامج والأداء توزع فيها الاعتمادات علي برامج لها أهداف قابلة للقياس، ومن ثم تتحول طريقة متابعة الإنفاق إلي قياس لمدي تحقيق الأهداف.
6 ـ إعادة تصميم مشروع الحكومة الإلكترونية اعتماداً علي رؤية جديدة تماماً للجهاز الحكومي وما يجب أن يقوم به وأن تركز بالأساس علي تصفية وتنقية وتطوير نمط التعاملات البينية بين الوزارات والهيئات الحكومية ذاتها وهي الأساس في أغلب ما يعانيه المواطنون في تعاملاتهم مع جهاز الحكومة سواء علي المستوي المركزي أو المحلي.
7 ـ تحسين الرواتب للعاملين في الجهاز الإداري للدولة ووضع آليات لمراجعتها دورياً لضمان تناسبها مع مستويات الأسعار ومؤشرات تكلفة المعيشة. كذلك توفير مستوي لائق من ظروف العمل ومقومات الرعاية الاجتماعية والصحية لهم ولأسرهم.
8 ـ تفعيل إستراتيجية متكاملة للتدريب المستمر والتنمية المتكاملة لقدرات ومهارات العاملين، وتطوير القيادات الإدارية. وتوفير الموارد اللازمة لذلك.
ثالثاً: تطوير التعليم ودعم البحث العلمي والتنمية التكنولوجية والثقافة
1 ـ تطوير التعليم قبل الجامعي
يتعرض التعليم في مصر لحالة شديدة من النقد المجتمعي وعدم الرضا عن نظمه وآلياته ومخرجاته علي كافة المستويات. ومن أخطر النتائج المترتبة علي هذا التدهور في المنظومة التعليمية - والتي قد تكون أيضاً من أسبابه - تغير نظرة المواطنين إلي التعليم من كونه مصدراً للعلم والمعرفة وتمكين الفرد من اكتساب المهارات اللازمة لمواجهة متطلبات الحياة العملية، إلي اعتباره وسيلة للحصول علي شهادة تعتبر مسوغاً للتعيين في وظيفة حكومية أو أداة للبحث عن وظيفة خارج البلاد. وبذلك تدنت نظرة المواطنين إلي المؤسسات التعليمية- خاصة الرسمية أو الحكومية - وشاعت بينهم ظواهر سلبية تستهدف تعويض ما يستشعرونه من نقص في تلك المؤسسات مثل الدروس الخصوصية والغش في الامتحانات والذي قد يتخذ شكلاً جماعياً.
وقد تجلي فقدان المواطنين ذ خاصة من الطبقات العليا وفريق من الطبقة الوسطي - للثقة في مؤسسات التعليم الرسمية في زيادة إقبالهم علي إلحاق أولادهم بالمدارس والمعاهد العليا والجامعات الخاصة. وشاع الإقبال علي ما يسمي " مدارس اللغات" التي يجري التعليم فيها بلغة أجنبية وبعضها يقدم المناهج التعليمية الأجنبية المؤدية للحصول علي شهادات أجنبية مثل الشهادة البريطانية والدبلومة الأمريكية والشهادة الألمانية والكندية وغيرها.
كذلك يتجلي تدني المستوي التعليمي في افتقاد المؤسسات التعليمية لأي صلات ذات معني مع المجتمع المحلي، وبذلك تزايدت الفجوة بين ما يقدمه النظام التعليمي من مناهج ومقررات وبين ما تحتاجه مؤسسات المجتمع ومتطلبات الاحتياجات المهنية المعاصرة.
ويسود النظام التعليمي المصري الآن مجموعة من الظواهر غير الصحية تتركز في غلبة الدراسات النظرية في التعليم الثانوي العام وفي الجامعات والمعاهد العليا، وتفاقم الثنائيات التعليمية حيث يوجد جنباً إلي جنب تعليم رسمي/ تعليم خاص، تعليم عام/ تعليم فني، تعليم وطني/ تعليم أجنبي، تعليم مدني/ تعليم ديني، مما يفقد مرفق التعليم لدوره الاساسي في تحقيق الانتماء الوطني والتجانس الاجتماعي.
إن تدني مستوي جودة المنظومة الوطنية للتعليم هو أحد أبرز ملامح الهم الوطني العام والشغل الشاغل لملايين الأسر المصرية التي تعاني من مشكلات عدم قدرة المنظومة الحالية علي الوفاء بمتطلبات تعليم أبنائها بمستوي الجودة والجدية المأمولة، وما يسببه ذلك من قلق ألا يحقق هؤلاء الأبناء المجموع المناسب في امتحان شهادة الثانوية العامة مما يهدد فرصهم في الالتحاق بالجامعات.
وترتب علي تدهور منظومة التعليم الوطنية نتائج خطيرة بالنسبة لفكرة التعليم في ذاتها، فضلاً عن تأثيراتها السلبية علي الاقتصاد والمجتمع.
*** رؤية »الوفد« لتطوير المنظومة الوطنية للتعليم
يتطلب تطوير واستمرار فعالية المنظومة التعليمية توفير مقومات رئيسية من إستراتجيات وتوجهات وطنية تحدد الأولويات وترتب ممارسات الدولة وطوائف المجتمع المتعددة في منظومة التعليم. كما يحتاج تطوير نظم التعليم توفر الموارد البشرية المدربة ذات الكفاءة والقدرة علي ممارسة مختلف الأنشطة التعليمية والتربوية، والتقنيات التعليمية والتربوية الحديثة، والأجهزة والمعدات اللازمة للعمليات التعليمية علي اختلاف أنواعها. ويكون توفر الموارد المالية عنصراً ضرورياً لتدبير تلك الاحتياجات بالكميات ومستويات الجودة المناسبة لحجم ومعدلات الطلب المجتمعي علي الخدمات التعليمية والتربوية.
وفضلاً عن كل ذلك فلا بد من توفر الإدارة الكفء لتطوير العملية التعليمية والوصول بها إلي المستويات المعتمدة في نظم التعليم العالمية.
ويقوم برنامج الوفد لتطوير التعليم علي أساس ضرورة التعامل مع المنظومة التعليمية بكامل عناصرها وليس التركيز فقط علي بعضها - كالثانوية العامة - حيث إنه من الثابت علي سبيل المثال أن هدف مرحلة التعليم الابتدائي هو تمكين التلميذ من إجادة القراءة والكتابة والحساب، فإن لم يتحقق ذلك تصبح جميع المراحل التعليمية التالية بناء علي غير أساس. ومن ثم يتعين تحقيق التكامل والترابط بين عناصر المنظومة.
ويري الوفد:
1 ـ إعطاء أولوية قصوي لتدريب المعلمين ورفع كفاءتهم وإكسابهم الثقافة الديمقراطية.
2 ـ تطوير المناهج التعليمية والمقررات الدراسية لتتضمن قيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والمواطنة والتسامح وقبول الآخر.
3 ـ زيادة موازنة التعليم بما يكفل تطوير المدارس وتجهيزها بما يتناسب وتوفير مناخ تعليمي صحي ومحابي لإطلاق طاقات الطلاب وإبداعاتهم، ويؤدي إلي تقليل كثافة الفصول لتصل إلي المعايير المقبولة عالميا.
4 ـ التوسع في تطبيق وسائل التعليم الحديثة المستندة إلي تقنيات الاتصالات والمعلومات.
5 ـ إعطاء أهمية قصوي للأنشطة المدرسية واعتبارها جزءاً محورياً في العملية التعليمية والمساعدة علي بناء الشخصية المتكاملة.
*** قضية مجانية التعليم
لقد كانت مجانية التعليم إحدي منجزات حكومات الوفد قبل 1952، وكانت عبارة الدكتور طه حسين وزير المعارف في حكومة الوفد" التعليم كالماء والهواء" هي الترجمة الحقيقية لرؤية الوفد لقضية حق المواطن في التعليم بغض النظر عن قدرته المالية. وينص دستور 1971 في المادة رقم 18علي أن التعليم حق تكفله الدولة كما نصت المادة 20علي أن التعليم في مؤسسات الدولة التعليمية مجاني في مراحله المختلفة. وقد تصاعدت أصوات كثيرة تنادي بإلغاء مجانية التعليم باعتبار أن الدولة غير قادرة علي توفير الموارد اللازمة لتمويل التعليم المجاني وفي نفس الوقت الإنفاق علي تطوير وتحسين المنظومة التعليمية والارتقاء بمستواها.
ويري الوفد أن المجانية بشكلها الحالي قد أفرغت من محتواها حيث يتحمل أولياء الأمور نفقات باهظة في تدبير الدروس الخصوصية لأولادهم نتيجة التردي في أوضاع المؤسسات التعليمية علي كافة المستويات. ومن ثم فحقيقة الأمر أن ما يقرب من 20 مليار جنيه توجهها الدولة سنوياً للتعليم قبل الجامعي لا تحقق العائد المستهدف منها مما يتطلب مراجعة شاملة للقضية مع تأكيد التزام الدولة بمبدأ مجانية التعليم في جميع مراحله، علي أن يكون التعليم الأساسي متاحاً للجميع مجاناً دون قيد أو شرط، أما في المراحل اللاحقة تكون المجانية حقاً يحصل عليه التلميذ متي التزم بمستويات أداء محددة ، وفي حالة فشله توفر له الدولة مسارات تعليمية موازية تتناسب وقدراته . وفي جميع الأحوال تلتزم الدولة بتوفير برامج تعليمية مساعدة للفئات الاجتماعية الضعيفة لتضمن لهم المساواة في سعيهم للحصول علي التعليم.
*** قضية الأمية
تعتبر مشكلة الأمية من أكبر التحديات التي تهدد مسيرة التنمية والتقدم في مصر. وحسب التقديرات الرسمية يقترب عدد الأميين من 16مليونا، ونسبة الأمية 26٪ ويري الوفد ضرورة تكثيف جهود الدولة ومؤسسات المجتمع المدني للقضاء علي وصمة الأمية، وضرورة تخصيص الموارد المالية والتجهيزات التقنية للانطلاق ببرامج محو الأمية وتأمين من تمحي أميتهم من الارتداد إلي الأمية. ولا يوافق الوفد علي ما اتجهت إليه الحكومة من نقل المسئولية عن مشروعات محو الأمية ـ بدعوي اللامركزية ـ إلي المحافظين، وما ترتب علي ذلك من تفتيت اعتمادات الهيئة القومية لتعليم الكبار علي المحافظات، وبذلك تحولت مسئولية تنفيذ مشروعات وبرامج محو الأمية من هيئة واحدة إلي ثمانية وعشرين محافظاً فضلاً عن رئيس مدينة الأقصر. كما يؤكد الوفد علي ضرورة التنسيق الكامل بين مشروعات وبرامج محو الأمية وبين سياسات التعليم ووضع ضمانات للحد من ظاهرة التسرب من مؤسسات التعليم والتي تعتبر من أهم مصادر الأمية.
2 ـ تطوير التعليم الجامعي والعالي
إن الجامعات ومعاهد التعليم العالي هي المسئولة عن إعداد الشباب وتأهيله علمياً وفكرياً وسياسياً وثقافياً كي يكون قادراً علي العمل بكفاءة وعلي مواجهة أعباء الحياة ومتطلباتها الاقتصادية والاجتماعية وليشارك بفعالية في الارتقاء بمستوي المجتمع الذي يعيش فيه.. ويري الوفد أن الجامعات والمعاهد العليا الحكومية تعاني من مشكلات خطيرة تحد من قدرتها علي أداء وظائفها العلمية والبحثية وتعوّق تحقيق رسالتها في بناء صرح العلم والبحث العلمي لمساندة جهود ومشروعات التنمية الوطنية الشاملة والتطوير المجتمعي المستمر.
ويؤكد الوفد أن غاية التعليم الجامعي والعالي هي تكوين الموارد البشرية تكويناً علمياً وتقنياً وفكرياً وثقافياً متكاملاً ومتوافقاً مع متطلبات العصر ومتغيراته ومرتكـزاً إلي تقنياته، وتوفير سبل التنمية المستمرة لتلك الموارد بما يهيئها للمشاركة الفاعلة المتميزة في تفعيل ثروات المجتمع وتحقيق نموه وتطوره ودعم قدراته. لذلك نري ضرورة التزام الدولة والمجتمع بالتطوير العلمي لمنظومة التعليم الجامعي والعالي باعتباره حق للطالب القادر علي مواصلة التعليم بتميز والذي تتوفر فيه الشروط الموضوعية للنجاح في الدراسة، وأنه خدمة مجتمعية تلبي مطلباً إنسانياً متجددا لا يقتصر فقط علي سنوات الدراسة المحددة في نظم التعليم الحالية، وإنما يستمر ويتصل علي مدي حياة الإنسان ورغبته المتجددة في العلم والمعرفة.
ويري الوفد أهمية إصدار قانون موحد للتعليم الجامعي والعالي يشمل كافة منظمات التعليم الجامعي والعالي الحكومية والخاصة ، وينص فيه علي المبادئ العامة والقواعد الإستراتيجية الحاكمة لعمليات إنشاء وإدارة وتقييم الجامعات والمعاهد العليا، علي أن يكون لكل جامعة ومعهد عال لائحة خاصة تصدر من السلطة المختصة بها تبين كافة القواعد والإجراءات التفصيلية في تشغيل وإدارة الجامعة / المعهد العالي وتدبير الموارد والتصرف فيها. ويتضمن القانون كل المسائل المتعلقة بشئون الجامعة أو المعهد العالي ويكون شاملاً لكافة المبادئ المنظمة لها من مختلف القوانين الأخري، بحيث يكون هو القانون الوحيد الذي ينظم شئون التعليم الجامعي والعالي ومنظماته. ومن المهم أن ينص القانون علي تطوير أسلوب القبول بالجامعات والمعاهد وفق نظام يقوم علي تفعيل سلطة الجامعات والمعاهد العليا في إدارة عمليات القبول، مع خضوعها للمراقبة من هيئة الاعتماد وضمان الجودة للتحقق من سلامة معايير وأساليب وقرارات القبول. كما يجب أن يؤكد المناخ الديمقراطي داخل الجامعات واحترام حرية التعبير والإبداع لأعضاء هيئات التدريس والطلاب، وفتح قنوات التعبير لهم للمشاركة بالرأي في المسائل الجامعية والقضايا الوطنية والسياسية.
كما يري الوفد أن أعضاء هيئات التدريس بالجامعات والمعاهد العليا عنصر فاعل ورئيسي في العمل الجامعي ولهم الحق في مباشرة الإبداع والابتكار العلمي والبحثي دون قيود، كما يشاركون في الإدارة الأكاديمية للجامعات والمعاهد العليا وفق لوائحها ونظمها المعتمدة. ويتم اختيارهم وفق المعايير والأساليب الأكاديمية المتعارف عليها عالمياً، وهم متفرغون للعمل الجامعي مع تعويضهم التعويض العادل و المكافئ لجهودهم و خبراتهم.
ويؤكد الوفد أهمية الاختيار الديمقراطي بانتخاب القيادات الجامعية من رؤساء الجامعات ونوابهم وعمداء الكليات وفق معايير موضوعية معلنة.
كما يركز الوفد علي أهمية تطوير الدراسات العليا ومراكز البحث العلمي في الجامعات والمعاهد العليا، وإعادة هيكلة برامج الدراسات العليا في الجامعات الحالية في ضوء توفر المقومات والموارد المناسبة ومستوي القدرات العلمية والموارد الأكاديمية والبشرية المتاحة بها.
كما يؤكد الوفد ضرورة رسم سياسة واضحة لإرسال بعثات علمية في الخارج سواء للحصول علي درجة الدكتوراه للمعيدين أو المشاركة في البحث العلمي بالنسبة لباقي أعضاء هيئات التدريس بالجامعات.
3 ـ تطوير منظومة البحث العلمي والتنمية التكنولوجية
يؤكد الوفد أهمية إعادة هيكلة المنظومة الوطنية للبحث العلمي والتنمية التكنولوجية لتكون أداة رئيسية في تحريك وقيادة التنمية الوطنية الشاملة في جميع مجالات الحياة ولصالح كل المواطنين، بالارتكاز إلي المنهجية العلمية وباستثمار الإمكانات التي تتيحها التطويرات التكنولوجية المتجددة وتوظيفها في حل المشكلات وتطوير وسائل الإنتاج ونظم إدارة المجتمع. ويري الوفد:
1 ـ إنشاء »المجمع الوطني للعلوم والتكنولوجيا« ليضم النخبة العلمية والبحثية في مصر من شوامخ العلماء والباحثين وأصحاب المدارس العلمية والإنجازات الأكاديمية والتطبيقية المشهودة علي المستويين الوطني والدولي. وأن تلتزم الدولة بما يصدر عن المجمع من سياسات وتوجيهات لترقية المستوي العلمي والبحثي والتكنولوجي بالبلاد وتأكيد مواكبته للتقدم في العالم.
2 ـ الوصول إلي نسبة لا تقل عن 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي لتمويل أنشطة البحث العلمي والتنمية التكنولوجية.
3 ـ تأكيد الاستقلال العلمي والإداري والمالي لجميع مراكز ومعاهد البحث العلمي والتنمية التكنولوجيــة التابعة لمختلف الوزارات والجهات الحكومية والجامعات ومؤسسات التعليم العالي، علي أن تنظم شئونها لوائح خاصة تصدرها السلطة المختصة في كل مركز ومعهد.
4 ـ ضمان التنسيق بين مؤسسات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي وربطها بمؤسسات الإنتاج والخدمات في المجتمع.
5 ـ تقديم حوافز ضريبية لمؤسسات الإنتاج والخدمات لتشجيعها علي استخدام خدمات مؤسسات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي لحل مشكلات الإنتاج وتطوير المنتجات والخدمات ورفع قدراتها التنافسية.
6 ـ تطبيق نظام لضمان الجودة والاعتماد وفق المعايير العالمية علي كافة مؤسسات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي الحكومية والخاصة واعتبار الحصول علي الاعتماد شرط لاستمرار الترخيص بمزاولة النشاط.
4 ـ دعم الثقافة:
كانت مصر في العصور القديمة والوسيطة والحديثة منارة للثقافة في العالم. عرفت عصور ازدهار كما عرفت دائمًا استيعاب ما يرد إليها من ثقافات وافدة وإعادة انتاجها نبتًا مصرىًا صميمًا. فالعقل المصري في خصوبة الأرض المصرية ما إن ترتوي حتي تنتج أطيب الثمار.
وحرية الفكر في أيامنا هذه هي المياه التي تحيي الزرع. لقد جددت مصر اللغة العربية بعد عصور الانحطاط. وكانت مع لبنان أول من خاض غمار الحداثة دون أن تفقد الاصالة. فكانت صاحبة لواء التجديد في الشعر والأدب والمسرح والموسيقي والفن التشكيلي وكانت أول من أقام صرح فن السينما في الشرق.
ولكن شهدنا في العقود الأخيرة شيئًا من التراخي في هذه الريادة علي أكثر من صعيد. والسبب الرئيسي في هذا يرجع إلي سنوات طويلة تعرضت فيها حرية الفكر لانتكاسة كبري. فتوقف المد الثقافي. وتراجع الذوق العام. وتخلت الدولة عن دورها الطبيعي في دعم النشاط الثقافي بعد أن افرطت في محاولة السيطرة علي العقل المصري.
ويري الوفد أن هذا الخطأ المزدوج لابد من اصلاحه أولاً بحماية حرية الفكر ورفع القيود البيروقراطية والايديولوجية ايا كانت طبيعتها.
وثانيًا علي الدولة أن توفر الوسائل اللازمة لدعم الأنشطة الثقافية باعتبارها استثمارا بشريًا لا غني عنه لتحقيق التنمية الشاملة.
رابعًا: دعم مقومات العدالة الاجتماعية وشبكة الضمان الاجتماعي
1 ـ مواجهة الفقر وتأمين الحق في الغذاء للجميع
تمثل مشكلة الفقر أحد أهم المشاكل التي تحظي بعناية البرنامج الاقتصادي للوفد، إذ تؤكد الدراسات الدولية التزايد المطرد لأعداد الفقراء في مصر. وتشير أكثر الدراسات تفاؤلاً إلي أن 7.16٪ من المواطنين 13 مليون مصري يعيشون عند خط الفقر القومي الأدني [ما يعادل 1 دولار في اليوم] و أن 42٪ من المصريين أي 32 مليونًا يعيشون تحت خط الفقر القومي الأعلي [2ما يعادل دولار يوميا]، وأن أعلي معدلات الفقر يتركز في الوجه القبلي .
ويتواكب مع مشكلة الفقر ويؤثر فيها تزايد أعداد المتعطلين عن العمل، إذ تبلغ نسبة البطالة وفقاً للأرقام الرسمية ما يقرب من 10٪ من قوة العمل، وتتزايد هذه النسبة إذا أخذنا في الاعتبار أعداد الذين يعملون في أعمال هامشية غير منتجة أو في أعمال لا تتناسب ومؤهلاتهم العلمية.
لذا يري الوفد ضرورة صياغة إستراتيجية واضحة وملزمة تهدف إلي تخفيض نسبة الفقر إلي النصف في عام 2015، وتتضمن هذه الإستراتيجية ما يلي:
1 ـ ضرورة اعتبار وزارة الضمان الاجتماعي [أو الوزارة المسئولة عن إدارة شبكات الضمان الاجتماعي ومقاومة الفقر] هي الجهاز الوطني المسئول عن وضع وتنفيذ إستراتيجية شاملة للقضاء علي الفقر تركز علي تحقيق المساواة وتمكين الفقراء وخلق فرص العمل لهم، وترشيد استثمار الموارد المتاحة والمحتملة لبرامج تخفيض الفقر، وتطوير الإدارة و الرقابة الفعالة في تلك البرامج.
2 ـ تتولي وزارة الضمان الاجتماعي تنسيق جهود كافة الوزارات والأجهزة الحكومية ذات العلاقة، وحشد مساهمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، فضلاً عن قطاع الأعمال العام، والتأكيد علي إشراكهم جميعاً في صياغة إستراتيجية مواجهة الفقر وتطوير برامجها، وتحديد أدوار كل منها بأسلوب يضمن التناغم ويتجنب التضارب أو التصادم بين ما تقوم به تلك الجهات.
3 ـ إيجاد مزيد من الفرص الاقتصادية للفقراء من خلال إعادة توجيه الصندوق الاجتماعي للتنمية إلي هدفه الأصيل الذي أنشئ من أجله وهو المساعدة في تخفيف مشكلة الفقر.
4 ـ حفز القطاع الخاص علي التوسع في الاستثمار من أجل خلق المزيد من فرص العمل.
5 ـ مراجعة وترشيد برامج الدعم التي تقدمها الدولة لتحقيق مزيد من الضبط بحيث تتجه فعلاً إلي المستحقين ويتم التخلص من أشكال الهدر والفاقد نتيجة سوء الإدارة وعدم التحديد الدقيق للمستهدفين بالدعم، وكذا افتقاد الضوابط الدقيقة للتحقق من فعالية هذا الدعم.
6 ـ تنمية مهارات الفقراء حتي يستطيعوا رفع قدراتهم المهنية وتحسين فرصهم للحصول علي عمل منتج وذلك بتطوير برامج التعليم خاصة للإناث.
7 ـ تحسين مستوي الخدمات الصحية وبرامج مكافحة الأمراض خاصة في المناطق الريفية. 8 ـ توجيه نسبة متزايدة من الاستثمارات الحكومية للتطوير الاقتصادي وخلق فرص العمل في الريف وصعيد مصر حيث تبلغ معدلات الفقر أعلاها.
9 ـ تفعيل شبكات الضمان الاجتماعي للمساعدة في مواجهة الاضطرابات المتوقعة وغير المتوقعة في الدخل/الاستهلاك للفقراء وذلك بزيادة المبالغ المخصصة لبرنامج المعونات الغذائية، وتوفير المزيد من الإعانات النقدية التي تقدمها وزارة الضمان الاجتماعي.
10 ـ تصميم برنامج وطني لتحسين تغذية الفئات المهمشة مع التركيز علي حماية الأطفال، ودعم جهود المجتمع المدني في مشروعات بنك الطعام.
11 ـ الربط الموضوعي بين إستراتيجية مكافحة الأمية وتعليم الكبار وإستراتيجية القضاء علي الفقر نظراً للتفاعل الشديد بين حالات الفقر وانخفاض مستوي التعليم أو الأمية.
12 ـ توفير نظام للإعانات الاجتماعية للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا تتوفر لهم فرص العمل ولا يوجد لهم عائل يرعاهم. ويتم احتساب قيمة الإعانة الشهرية بما يعادل الحد الأدني من الدخل اللازم لتوفير احتياجات الإنسان فوق خط الفقر مضافاً إليه التكلفة التقديرية للعلاج ومقابل الأجهزة التعويضية التي قد يحتاجها المواطن.
13 ـ توفير نظام متطور لتوفير السكن البديل لمن يعيشون في المناطق العشوائية، أو الذين تنهار مساكنهم أو تتقرر إزالتها كونها آيلة للسقوط. وينص النظام علي توفير السكن البديل أو سداد قيمة إيجاريه معادلة لقيمة الإيجار المحتسبة للسكن البديل. ويتم تحديد الترتيبات الخاصة بمدة الاستفادة من هذه الخدمة وشروط الاستمرار في الحصول عليها.
14 ـ تطوير نظام دعم المواد الغذائية وإحلال نظام بديل يقوم علي فكرة تسليم المواطن المستحق للدعم بطاقة ذكية تشحن دورياً بقيمة الدعم المستحق للمواطن، وتستخدم في شراء احتياجاته من السلع التي يحتاجها من فروع شركات التجارة الداخلية المملوكة لقطاع الأعمال العام أو من متاجر مماثلة في القطاع الخاص متعاقد معها وفق نظام وشروط الضمان الاجتماعي. وتتحدد قيمة الدعم للفرد باحتساب متوسط تكلفة سلة الغذاء العادية للمواطن العادي والتي توفر له الحد المعقول من احتياجاته الغذائية.
*** تطوير سياسة الحد الأدني للأجور
يري الوفد ضرورة تطوير سياسة الحد الأدني للأجور نظراً لارتباطها الوثيق بقضية القضاء علي الفقر وتأمين الحق في الغذاء. لا سيما وأن الحد الأدني الحالي للأجر سواء للعاملين في الحكومة أو القطاع العام أو الخاص ضئيل ويجب مراجعته في ضوء معدلات التضخم المرتفعة التي سادت الأسواق المصرية في السنوات الأخيرة.
ويري الوفد ضرورة تصويب سياسة الحد الأدني للأجور بإعمال المقترحات التالية:
1 ـ تنشيط المجلس القومي للأجور - المنشأ بموجب قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 لمباشرة مهامه في وضع الحد الأدني للأجور علي المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة، وإيجاد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، وإعادة النظر فيه بصفة دورية لا تجاوز ثلاث سنوات، فضلاً عن باقي المهام المكلف بها حسب وثائق إنشاءه.
2 ـ رفع الحد الأدني للأجور بما يتلاءم مع تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ووفقاً لمعدلات التضخم المعلنة رسمياً منذ عام 1987 الذي بدأت فيه الدولة منح علاوات خاصة للعاملين بها، أو رفعه ليمثل 50٪ من متوسط الأجور الشهرية للعاملين في الحكومة والقطاعين العام والأعمال العام.
3 ـ ربط الحد الأدني للأجور بإستراتيجية تخفيف حدة الفقر، وبذلك ينبغي زيادته بالنسبة للعاملين في المناطق الريفية بالصعيد حيث تشتد حدة الفقر.
4 ـ ربط الأجر بالإنتاجية، بحيث يجري تعديل الحد الأدني للأجر بالزيادة بنفس نسبة تحسن الإنتاجية، مما يحفز العاملين علي التجويد في أعمالهم.
*** تأكيد الحق في الغذاء
يري الوفد أهمية وضع برنامج وطني لتأمين حق الإنسان المصري في الغذاء الكافي الآمن، وذلك بالنظر إلي الحالة المتدنية التي وصل إليها مستوي ونوعية الغذاء المتداول في كثير من المناطق بالبلاد والتي يعتمد عليها غالبية المواطنين مما يؤثر سلباً علي المستوي الصحي ويهدد بتأثيرات سلبية علي كفاءة وقدرات رأس المال البشري والذي يمثل الدعامة الرئيسية للتنمية.
ويبدي الوفد مزيد القلق من تأثير عدم توفر الغذاء الكافي والآمن علي نمو الأطفال وصحتهم، وما يؤدي إليه سوء التغذية من تأثير سيئ علي القدرات الذهنية للأطفال ومدي قابليتهم للتحصيل الدراسي، ويري أن النهوض بمستوي التغذية هو خطوة مهمة في سبيل القضاء علي الفقر بتحسين قدرات الفرد المصري وتمكينه من مواجهة متطلبات العمل مما يساعد علي إخراجه من دائرة الفقر.
ويؤكد الوفد أن قضية توفير الغذاء الكافي والآمن للإنسان المصري مسئولية مشتركة تتحملها قطاعات متعددة في الدولة، يجب أن تخضع للتخطيط والتنسيق، مضافة إليها جهود ومبادرات المجتمع المدني والأسر والأفراد في جميع أنحاء مصر.
وفي سبيل تهيئة أفضل الظروف للمساعدة في نجاح البرنامج الوطني لتوفير الغذاء الكافي والآمن، يتبني الوفد الدعوة إلي إنشاء وحدة خاصة بالرقابة علي الغذاء ضمن منظومة الهيئة المصرية للرقابة الدوائية حتي تكتمل حلقات الرقابة علي الأغذية والأدوية وخاصة من حيث السلامة والجودة. كما يتبني الحزب اقتراح إصدار قانون موحد للغذاء في مصر يحدد الجهات المسئولة عن هذه القضية الوطنية ويضع أسس التنسيق بين فعالياتها، ويقرر المعايير اللازم توافرها لسلامة الغذاء المصري.
2 ـ مواجهة البطالة وتنمية المشروعات الصغيرة
تمثل البطالة أخطر مشكلة تواجه الاقتصاد المصري وتهدد استقرار الوطن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. فقد بلغت نسبة المتعطلين وفقاً لآخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ما يقرب من 10٪ من قوة العمل البالغ حجمها 26 مليونًا، كما تؤكد الأرقام انتشار البطالة بين الشباب من خريجي الجامعات والمعاهد المتوسطة والعليا.
وقد حاولت الحكومة التصدي لهذه المشكلة بخلق وظائف في الأجهزة الحكومية لاستيعاب طالبي العمل فتضخم الجهاز الإداري والحكومي وتفاقم حتي بلغ قوامه 5.6 مليون عامل وأصبح يشكل عبئاً ثقيلاً علي موازنة الدولة وبيروقراطية تعوق عجلة الإنتاج.
ولعله كان من الأفضل ما دامت الدولة قد خصصت أموالاً لمواجهة مشكلة البطالة أن توجه هذه الأموال لإستثمار إنتاجي لخلق فرص عمل حقيقية منتجة بدلاً من زيادة أعداد البطالة المقنعة.
وفي جميع الأحوال يري حزب الوفد أن مواجهة مشكلة البطالة تتطلب:
1 ـ زيادة معدلات الاستثمار ومعدلات النمو لخلق أكثر من 750000 فرصة عمل سنوياً لاستيعاب الداخلين الجدد في سوق العمل وتخفيض عدد المتعطلين تدريجياً.
2 ـ تدريب العمالة الفنية ورفع كفاءتها الإنتاجية وزيادة قدرتها التنافسية لفتح مجالات عمل لها في الدول المستوردة للعمالة خاصة العربية منها.
3 ـ ترشيد التوزيع الجغرافي للاستثمارات وإنشاء وحدات إنتاجية قريبة من مراكز التجمعات السكانية خاصة في الريف.
4 ـ تنمية المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر.
*** تنمية المشروعات الصغيرة للحد من البطالة
تعتبر تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من أهم الأساليب التي تصلح كوسيلة مناسبة في سبيل التعامل مع قضية البطالة في مصر، ويري الوفد ضرورة التزام الدولة بتيسير فرص بدء مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر وفق المحاور التالية:
1 ـ نقل الاهتمام بتنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من حيز الشعارات والأقوال المرسلة إلي مجال التفعيل من خلال إستراتيجية وطنية شاملة واضحة الأهداف وبرامج عمل محددة الأولويات والتوقيتات الزمنية ومصادر واضحة ومستمرة للتمويل، مع توفير الفرص الحقيقة لتدريب المستفيدين من تلك المشروعات ومساندتهم للتغلب علي ما قد يصادفهم من مشكلات.
2 ـ إنشاء شركة مساهمة كبري لتوفير خدمات الدعم الإداري ومصادر التمويل والمساندة التكنولوجية وتسويق المنتجات لأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
3 ـ تطوير دور الصندوق الاجتماعي للتنمية ليتوسع في إعداد دراسات الجدوي للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتجهيزها في شكل يمكن للباحثين عن فرص العمل المنتج الاستفادة بها في إقامة مشروعات لها جدوي.
4 ـ زيادة مساهمة الصندوق الاجتماعي في تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وفق شروط ميسرة وبفائدة تمويل رمزية.
5 ـ تشجيع البنوك التجارية الوطنية علي توفير التمويل اللازم للتوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتقديم المساندة الفنية للحاصلين علي القروض.
6 ـ تشجيع إنشاء جمعيات أهلية تتولي رعاية أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتوفير الدعم اللوجيستي لهم في تسويق منتجاتهم وتنظيم المعارض والأنشطة الترويجية المناسبة.
7 ـ توجيه المؤسسات الحكومية وشركات قطاع الأعمال العام إلي تطبيق نظام التعهيد وذلك بطرح ما تحتاجه من خدمات بسيطة [أعمال نقل العاملين، إدارة المطاعم والكافيتريات، أعمال النظافة،....] في مناقصات بين أصحاب المشروعات الصغيرة التي يرشحها الصندوق الاجتماعي للتنمية، وبذلك تتخفف من أعباء إدارة تلك الأنشطة الهامشية في نفس الوقت الذي تخلق فيه سوقاً مهمة للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر.
8 ـ تحفيز رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص علي مساندة إنشاء وتنمية المشروعات الصغيرة في مجالات الصناعات المغذية والخدمات الإنتاجية البسيطة وذلك بتخصيص نسبة من أرباحها لتمويل ومساندة تلك المشروعات وخصم تلك النسبة من وعائها الضريبي.
3 ـ تطوير منظومة الخدمات الصحية
يبدي »الوفد« مزيداً من القلق لما يعانيه المواطنون من سلبيات النظام الحالي للرعاية الصحية والعلاجية، فهم يتحملون العبء الأكبر من نفقات العلاج [61٪ تقريبا]، بينما تساهم الدولة بنسبة 34٪ من إجمالي تمويل العلاج، وتساهم جهات التأمين الصحي الاجتماعي وشركات التأمين الخاصة وجهات العمل بنسبة آخذة في الانخفاض، كما تسهم المنح والمعونات الخارجية بنسبة ضئيلة من إجمالي التمويل.
من جانب آخر، فإن النظام الحالي للرعاية الصحية يفتقد الترتيب المنطقي لأولويات الإنفاق علي الخدمات الصحية التي تقوم علي إدارتها وزارة الصحة، إذ يتم توجيه الجزء الأكبر من الإنفاق علي الرعاية الصحية العلاجية عالية التكلفة بدلاً من الاهتمام بالرعاية الصحية الوقائية والأساسية، وذلك فضلاً عن ارتفاع المصروفات الإدارية وانخفاض كفاءة الإدارة. كذلك يتوجه أكثر من ثلث الإنفاق علي شراء الدواء وهي نسبة تفوق المعدلات العالمية التي تتراوح بين 20٪ ـ 25٪ من الإنفاق الكلي علي الصحة. وأخطر تلك السلبيات عدم التمييز بين الأغنياء والفقراء في تقديم الدعم الصحي فيتحمل الفقراء عبئًا مادىًا يفوق نسبيًا ما يتحمله الأغنياء.
من ناحية أخري، يبدي الوفد القلق نتيجة انخفاض نسبة تغطية التأمين الصحي الاجتماعي، حيث يشمل أقل من نصف السكان فقط، ولا يغطي فئات كبيرة من المجتمع مثل الفلاحين وربات المنازل والعمالة غير المنتظمة وغير العاملين وممن لا يتوفر لهم مصادر دخل ثابتة.
ولمواجهة تلك السلبيات يهدف برنامج الوفد إلي إعادة هيكلة المنظومة الوطنية للخدمات الصحية لتحقيق أعلي مستويات الرعاية الصحية والخدمات العلاجية للمواطنين واستثمار الموارد المتاحة أفضل استثمار ممكن. ويقوم البرنامج علي تأكيد مسئولية الدولة عن توفير المستوي اللائق من الخدمات الصحية والعلاجية بما يحقق للمواطنين القدر المناسب من الحياة الآمنة. ويري الوفد ضرورة إحداث أعلي درجات التنسيق والترابط بين عناصر المنظومة الوطنية للخدمات الصحية وتحقيق التكامل بين عناصرها سواء الأجهزة الحكومية المختصة بالتخطيط والتنظيم والرقابة أو مقدمي الخدمات الصحية من أفراد ومؤسسات في القطاعين العام والخاص. كما يؤكد الوفد أهمية دور هيئات المجتمع المدني ذات العلاقة بقطاع الخدمات الصحية من جمعيات أهلية ومراكز رعاية المعاقين ذهنياً أو عضوياً، والنقابات المهنية القائمة علي تنظيم ممارسة المهن الطبية والصيدلانية والمهن الطبية المساعدة.
ويري الوفد ضرورة بناء إستراتيجية وطنية تتولي وضعها "هيئة وطنية للصحة" لتوفير الاستقرار للسياسات والبرامج الصحية، التي تتغير بتغير الوزراء، للارتقاء بمستويات الصحة العامة، علي أن تلتزم الدولة وجميع مقدمي الخدمات الصحية والعلاجية بتلك الإستراتيجية وتكون أساساً لتقييم الأداء.
*** عناصر محورية في برنامج الوفد لإعادة هيكلة منظومة الخدمات الصحية
1 ـ إعادة ترتيب أولويات الإنفاق علي قطاع الصحة والسعي لزيادة الإنفاق علي الخدمات الصحية الوقائية والأساسية، وتخفيف الأعباء المالية عن المواطنين مع مراعاة العدالة في توزيع الأعباء بين الفقراء والأغنياء.
2 ـ تطوير نظام التأمين الصحي الاجتماعي ليغطي جميع فئات المجتمع ويضمن لكل مواطن الحصول علي مجموعة الخدمات الأساسية.
3 ـ الاستمرار في تقديم العلاج المجاني للفقراء، وتنسيق الإفادة من المساهمات المجتمعية في تمويل برامج الرعاية الصحية.
4 ـ تعظيم الاستفادة من البنية الأساسية والطاقات الصحية والعلاجية المتاحة حالياً لدي جميع مقدمي الخدمات الصحية والعلاجية في قطاعات الخدمة الحكومية والخاصة والتنسيق بينها لمنع تكرار الخدمات أو الازدواج في شراء المعدات والتجهيزات.
5 ـ تنسيق توزيع مصادر الرعاية الصحية والعلاجية توزيعاً متناسباً بين جميع مناطق الجمهورية وعدم تركزها في مناطق بعينها وافتقاد مناطق أخري تلك الخدمات.
*** نظام جديد للتأمين الصحي الاجتماعي
يري الوفد أن يتم تطوير النظام الحالي للتأمين الصحي بدمجه في قانون التأمين الاجتماعي مما يحقق التنسيق والتكامل بين النوعين من التأمين، ويجعل الرعاية والخدمات الصحية عنصراً أساسياً في منظومة الرعاية الاجتماعية المتكاملة للمواطن، علي أن يكون التأمين الصحي الاجتماعي إلزامياً لجميع الخاضعين لقانون التأمين الاجتماعي الحالي من العاملين في الحكومة وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، فضلاً عن الفئات من غير العاملين مثل الطلاب وربات المنازل وغيرهم من الفئات الذين يري الوفد ضرورة ضمهم للاستفادة من نظام التأمين الصحي الاجتماعي وتلافي أوجه القصور الحالية.
ويري الوفد ضرورة إصدار قانون جديد للتأمين الصحي الاجتماعي يوحد التشريعات الحالية ويكفل تحسين مصادر التمويل ويمنح الهيئات المسئولة عن تنفيذه قدراً كافياً من المرونة.
*** إنشاء الصندوق الوطني للرعاية الصحية
ينشأ "الصندوق الوطني للرعاية الصحية" ضمن هيكل "الهيئة الوطنية للصحة" ليتولي إدارة الأموال التي تخصصها الدولة لتمويل الخدمات الصحية والعلاجية للمواطنين، واشتراكات المواطنين وما تتحمله مؤسسات الأعمال وهيئات المجتمع المشاركة في نظام التأمين الصحي عن العاملين بها والمؤمن عليهم وفقاً للنظام، وأي موارد أخري ينجح في الحصول عليها لتغطية نفقات العلاج للمواطنين. ويجري التعاقد بين الصندوق - وبين مقدمي الخدمات الصحية والعلاجية من مستشفيات ومستوصفات ومعامل متخصصة ومراكز علاجية متخصصة وأطباء وإخصائيين علي أساس قوائم أسعار معتمدة لمختلف الخدمات وشروط معيارية لجودة الخدمات، وبحيث يتقدم المواطنون المنتفعون بنظام التأمين الصحي إلي تلك الجهات للحصول علي الخدمات المطلوبة بناء علي إحالة من طبيب الأسرة أو طبيب الرعاية الأولية الذي تحدده هيئة التأمين الصحي لكل مجموعة من المواطنين حسب التوزيع الجغرافي. وتتم الإحالة إلي مقدمي الخدمات للرعاية الصحية من المستويات المختلفة حسب النظام المعتمد من هيئة التأمين الصحي. ويتولي فرع الصندوق في كل محافظة سداد قيمة المطالبات المقدمة من مقدمي الخدمات الصحية والمعتمدة من هيئة التأمين الصحي بالمحافظة.
ويري الوفد أن تكون الخدمات الصحية مجانية لجميع المواطنين الذين يقل دخل الفرد منهم سنوياً عن 3000 جنيه ويشارك المواطنون الذين يزيد الدخل السنوي للفرد منهم علي هذا الحد الأدني بنسبة من تكلفة العلاج تتراوح بين 5٪ ـ 30٪ بحسب مستويات الدخل والتي يصدر بتحديدها قرار من الهيئة الوطنية للصحة، علي أن تتحمل الدولة [ ممثلة في الصندوق الوطني للرعاية الصحية ] ومؤسسات الأعمال وهيئات المجتمع المشاركة في نظام التأمين الصحي باقي التكلفة وفق نسب يصدر بها أيضا قرار من الهيئة الوطنية للصحة.
4 ـ تطوير التأمين الاجتماعي وتأمين عمال الزراعة
يري الوفد أن التنمية الاقتصادية ليست نزهة بلا ألم، فهناك دائما ثمن يدفع وآلام يتحملها الكثيرون في مسيرة التنمية. فضلا عن أن نقطة البدء ليست خالية من المظالم والقسوة. ولذلك فإن برنامج الحزب يركز علي ضرورة إفساح المجال لتعويض وعلاج أوضاع الفئات المهشمة. ولا يقتصر الأمر علي النظر إلي الجيل الحالي بل ينبغي أخذ مستقبل الأجيال القادمة في الاعتبار. كذلك فإنه من الضروري عدم الوقوع في الخطأ بالاعتقاد إن زيادة الناتج الإجمالي والدخل الفردي هو المعيار الوحيد للتقدم، فإلي جانب ما يتحقق عنه من زيادة في "كم" السلع والخدمات التي تطرح ولها أثمان في الأسواق، فإن هناك معاني لا تقل أهمية في سعادة الفرد ورفاهيته والتي يجب توفيرها للإنسان المصري وفي مقدمتها الحرية والعدل والكرامة وفرص الإبداع وهي قيم لا تقدر بثمن.
ويري الوفد أن قوانين التأمينات الاجتماعية تمس مصالح ملايين المصريين المؤمن عليهم وذويهم المستحقين للمعاشات من بعدهم، الأمر الذي يحتم أن يتم التعامل مع تلك القوانين بالتعديل أو التغيير بحرص شديد وشفافية تامة، وأن تتاح الفرص كاملة لجميع طوائف المجتمع ذوي العلاقة لدراسة أي مقترحات في هذا المجال والاستجابة بكل الاحترام والإيجابية لرغباتهم وتفضيلاتهم، مع مراعاة الاتفاقيات والتوصيات الدولية المتعلقة بالتأمينات الاجتماعية والصادرة عن المؤتمرات السنوية لمنظمة العمل الدولية منذ عام 1918، وحتي الآن والتي تحكم المبادئ العامة لتلك النظم ذات الطابع العالمي لتعاملها مع أخطار يتعرض لها كافة البشر في جميع دول العالم.
وبذلك يكون ضرورياً تطوير شبكة متكاملة من آليات الضمان الاجتماعي تحافظ علي كرامة المواطنين وتوفر لهم المساندة الاقتصادية والرعاية الاجتماعية مع احترام خصوصياتهم وحقهم في الحياة الكريمة علي أن تشتمل علي الآليات التالية:
1 ـ نظام متطور للمعاشات يوفر للمواطنين دخلاً مناسباً بعد التقاعد ويتم تمويله بمساهمات مشتركة من العاملين وأصحاب الأعمال. ويجري صرف المعاشات المستحقة من خلال شبكة البنوك ومكاتب البريد المنتشرة في جميع أنحاء البلاد من دون تحميل المواطنين أية أعباء مالية إضافية.
2 ـ نظام متطور لتأمين البطالة يوفر للمتعطلين عن العمل والقادرين عليه تعويضاً شهرياً مناسباً يعادل نسبة لا تقل عن 65٪ من الراتب الذي يحصل عليه المشتغل والذي يتصف بنفس مواصفات المتعطل من حيث مستوي التعليم والخبرة والتخصص المهني. ويستمر حصول المتعطل علي هذا التعويض إلي حين يتم تشغيله بواسطة مكاتب التوظيف الحكومية التابعة لوزارة القوي العاملة، أو حصوله علي عمل نتيجة جهده الشخصي.
3 ـ نظام متطور لمعاشات كبار السن الذين لم يسبق لهم الاشتغال بوظيفة منتظمة في الحكومة أو القطاع الخاص. ويتم احتساب قيمة المعاش الشهري بما يعادل الحد الأدني من الدخل اللازم لتوفير احتياجات الإنسان فوق خط الفقر.
*** المحاور الرئيسة في نظام التأمينات الاجتماعية المستهدف
يري الوفد أن يقوم نظام التأمينات الاجتماعية المستهدف علي أساس المحاور التالية:
1 ـ أن المعاش حق لا يجب أن يرتبط بدخل المؤمن عليه وهو ما يوفره النظام التأميني القائم علي أساس التكافل، ومن ثم يجب تجنب تحويل نظام التأمينات إلي نظام ادخار يعتمد في تمويله بالكامل علي اشتراكات الممولين.
2 ـ ينبغي أن يكون النظام التأميني متعدد الركائز يضم نظاماً للتأمين الإجباري تديره الدولة، ونظم معاشات إلزامية مكملة تعتمد علي فكرة الحسابات الشخصية والمساهمات المحددة تدار بواسطة وحدات القطاع الخاص لحساب العاملين بها ويخضع لإشراف الهيئة القومية للتأمينات والهيئة المصرية للرقابة علي التأمين، ثم برامج لضمان حد أدني من المساعدات الاجتماعية التي لا تعتمد علي الاشتراكات وتمول من الموازنة العامة للدولة.
3 ـ الفصل بين النظام التأميني كنظام اقتصادي يقوم علي أسس فنية وحسابات اكتوارية تجعله قادراً علي تمويل التزاماته ذاتياً، وبين نظم الضمان الاجتماعي لإعادة توزيع الدخل ومواجهة مشكلة الفقر باعتبارها وظائف أصيلة للدولة يجب تمويلها مباشرة من موارد الخزانة العامة.
4 ـ أن يتضمن النظام آلية مستمرة ومنتظمة لزيادة المعاشات دورياً ما يتناسب مع مستوي الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة.
5 ـ ضرورة التغطية التأمينية لعمال الزراعة والصيد وخدم المنازل وذوي الأعمال المماثلة والذين يبلغ عددهم حوالي خمسة ملايين مواطن يمثلون ثلث حجم القوي العاملة. وهذه الفئة من المواطنين لا يمكن لغير الدولة تحمل أعباء التأمين عليهم، فأغلبهم إن لم يكن جميعهم مستثنون من قوانين العمل ولا توجد لديهم القدرة المالية علي تمويل معاشاتهم أو مجرد المساهمة في التمويل حيث هم جميعاً ينتمون إلي فئة الـ40٪ من السكان الأكثر فقراً.
6 ـ أن يتم احتساب المعاشات علي أساس الأجر المتوسط علي أن يكون لذوي الأجور الأعلي التمتع بنظم التأمين التكميلية التي يمولونها هم.
7 ـ الحرص علي تنمية فرص التراكم الرأسمالي لإجمالي اشتراكات المؤمن عليهم والتي تسمح بتكوين فوائض يجري استثمارها لصالحهم مع حمايتها من استيلاء الدولة عليها لتمويل عجز الموازنة العامة.
8 ـ أهمية ضمان كفاءة استثمار أموال المعاشات في أصول أكثر تنوعاً والسعي إلي تعظيم العائد الحقيقي عليها بأقل قدر ممكن من المخاطر بما يحقق مصلحة المشتركين في النظام، وأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم، والاقتصاد الوطني في مجموعة.
9 ـ ضمان معاش أساسي لجميع المواطنين الذين يبلغون سن الخامسة والستين دون اشتراط الاشتراك في النظام، علي أن يحتسب بواقع 15٪ علي الأقل من متوسط الأجر السنوي علي المستوي القومي في يوليو من كل عام وبحد أدني ثلاثمائة جنيه شهرياً وتتحمل به الخزانة العامة. كما يجب تضمين معادلة احتساب المعاش معاملاً يعكس نسب التضخم حتي تكون قيمة المعاش المحتسبة علي هذا الأساس صحيحة ومعبرة عن واقع تكلفة المعيشة في المجتمع.
10 ـ تجنب تعدد الأجهزة والهيئات والمجالس في نظام التأمينات والمحافظة علي بساطة الإطار التنظيمي للنظام، مع كفالة الاستقلال المالي والإداري لهيئات التأمينات الاجتماعية وإبعادها عن سيطرة وزارة المالية وغيرها من الأجهزة الحكومية.
ويري الوفد ضرورة وفاء الدولة بالتزاماتها المالية تجاه نظام التأمينات الاجتماعية وخاصة المديونية المتراكمة علي الخزانة العامة نتيجة قيام صندوقي المعاشات بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بصرف الزيادات السنوية في المعاشات التي تقررها الحكومة، بينما هي شريك مسئول دولياً عن تدعيم وتمويل التأمينات وفقاً للتوصيات الدولية. كما يجب علي الحكومة سداد أموال التأمينات التي حصلت عليها من بنك الاستثمار القومي وأصدرت مقابلها صكوكاً.
5 ـ تنمية المورد البشري ورفع الكفاءة الإنتاجية
نحن نؤمن بأن الثروة الحقيقية في مصر هم أبناؤها إذ يمثلون رأسمالها الحقيقي، فهم القوة المنتجة لكل السلع والخدمات والقيم، وهم القوة الفكرية المبدعة الخلاقة في المجتمع، وهم الأداة المحورية في تفعيل واستثمار موارد المجتمع المادية والطبيعية وتحقيق القيمة المضافة ، وباختصار هم أصحاب الوطن ومصدر قوته وأداة بناءه ونموه.
ويري الوفد ضرورة التعامل مع الأبعاد الأربعة للهيكل السكاني؛ حيث البعد الأول هو الزيادة العددية، والبعد الثاني هو الخصائص والصفات المميزة من النوع والفئات العمرية والخصائص النفسية والاجتماعية ومستويات المعرفة والمهارة. ثم يتعلق البعد الثالث بالتوزيع الجغرافي للهيكل البشري أي توزع السكان في المحافظات والتقسيمات الإدارية المختلفة للدولة، وأخيراً فإن البعد الرابع هو توزيع السكان علي مجالات النشاط الاقتصادي المختلفة من الصناعة، الزراعة، التجارة، قطاعات الخدمات، وكذلك توزيعهم بين العمل في الجهاز الحكومي وقطاعات الأعمال الخاصة والعامة. كما يهتم هذا البعد بنسبة العاطلين من السكان الراغبين في العمل والقادرين عليه ولكنهم لا يجدون فرص العمل.
إننا نري ضرورة تطوير نظم تنمية وتفعيل دور الثروة البشرية بالتوافق مع المعايير المتعارف عليها عالمياً، والسعي لتنمية مهارات ومعارف وتوجهات السكان علي أسس تواكب حركة العلم والتقنية وتجعلهم قادرين علي التعامل في السوق العولمية الجديدة. إن الشفافية والمصداقية واحترام حقوق الإنسان وبناء الديمقراطية الصادقة كلها ركائز أساسية في تنمية الثروة البشرية وفق مفاهيم ومعايير عصر العولمة.
ومن اللافت للنظر غياب إستراتيجية وطنية لتنمية وتطوير الموارد البشرية رغم إيجاد ما يسمي بوزارة السكان والأسرة.
ومما لا شك فيه أن كل الجهود التي بذلت طوال العقود الأربعة الأخيرة لتنظيم الأسرة والسيطرة علي المعدل الرهيب للزيادة السكانية قد باءت بالفشل، ومما زاد الأمر خطورة هو أن الزيادة السكانية تزامنت مع معدلات تنمية اقتصادية منخفضة ومعدلات تضخم متزايدة.
وغني عن البيان أن الحلقة المفرغة التي تتكون من زيادة معدلات الفقر وارتفاع معدلات الزيادة السكانية تؤدي حتما إلي مزيد من تآكل المرافق العامة، وانتشار الجريمة المنظمة، وتزايد العنف وتمكين الفساد الكبير والصغير.
لذلك يري الوفد ضرورة اعادة النظر في الوسائل المتبعة سابقًا لتحقيق السيطرة علي ظاهرة الانفجار السكاني، مع التأكيد علي ضرورة إعادة الثقة بين الدولة والأمة لنجاح هذه الجهود.
ويطالب الوفد بضرورة وضع إستراتيجية متكاملة للتنمية البشرية تتوافق وتتكامل مع الإستراتيجية العامة للتنمية الوطنية الشاملة باعتبارها شرطًا ضرورىًا ومسئولية محورية يجب أن تلتزم بها الدولة وتعمل علي تفعيلها من خلال نظم متطورة للتعليم والإعداد والتأهيل والتدريب والتنمية المستمرة.
إن الوفد يطالب بتخصيص نسبة لا تقل عن 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً توجه للاستثمار في إنشاء وتشغيل مراكز التدريب والتطوير المهني ورفع كفاءة المورد البشري.
ويري الوفد أهمية حفز شركات القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام علي إنشاء مراكز للتدريب تهتم بإعداد وتنمية مهارات أبناء العاملين بها والمواطنين الباحثين عن فرص للعمل، علي أن تخصم تكاليف تلك المراكز من الوعاء الضريبي لتلك الشركات.
كما يطالب الوفد بإعفاء جميع الأنشطة التدريبية الموجهة لإعداد العمالة ورفع كفاءتها الإنتاجية من جميع الرسوم والضرائب.
6 ـ الشباب
يري الوفد أن الشباب هو الأقدر علي صنع التغيير، والأصلح لتقديم فكر المستقبل.. والتعامل مع الشباب تلزمه إستراتيجية قومية متكاملة تقوم علي محاور عدة:
أولاً: تعميق روح الانتماء المفقودة ومواجهة رغبة الشباب في الهجرة غير المنضبطة التي تعرضهم للمخاطر، بدعم الروابط بين الشباب والأسر، والحي، والمدرسة، والجامعة وصولاً إلي الوطن في النهاية.
ثانياً: تطوير المناهج والمقررات التعليمية لمسايرة التقدم العالمي، مع التأكيد علي الهوية المصرية والثوابت الاجتماعية والدينية، والموروثات الوطنية التي لا تتعارض مع عقل أو دين.
ثالثاً: الاهتمام بدعم مراكز الشباب خاصة في المناطق الأكثر فقراً وحرماناً لتكوين الأبطال الرياضيين، مع الاهتمام بالنابهين رياضياً وإعادة تنشيط مشروع البطل الأوليمبي.
رابعاً: تشجيع روح البحث العلمي لدي الشباب وتشجيعهم علي الابتكار والاختراع.. وتيسير إجراءات تسجيل اختراعات الشباب، وتحفيزهم علي الحصول علي الشهادات العلمية، والمشاركة في المؤتمرات والمحافل العلمية العالمية.
خامساً: مشاركة أجهزة الإعلام ـ خاصة التليفزيون ـ في تنشئة الشباب، وإمدادهم بالمعلومات الصحيحة التي تسهم في بناء شخصياتهم.
سادساً: تشجيع الشباب علي المشاركة السياسية وذلك بدعوتهم لحضور أنشطة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، وتشجيعهم علي الانضمام إلي هذه المؤسسات خاصة المؤسسات الحزبية.
سابعاً: تنشيط إرادة الاختيار لدي الشباب ودعمها من خلال تشجيعهم علي المشاركة في الانتخابات الطلابية المدرسية والجامعية دون وصاية أو تدخل، مع ضرورة إلغاء اللائحة المشبوهة للاتحادات الطلابية.
ثامناً: إعفاء مشروعات الشباب الجادة ، خاصة الصغيرة منها، من الضرائب وفوائد القروض البنكية للقضاء علي البطالة، ولتكوين جيل من المستثمرين الجدد، لإحداث توازن بين كبار المستثمرين وصغارهم.
تاسعاً: التوسع في إنشاء المدن الشبابية وتيسير حصول الشباب علي مسكن إنساني ملائم لاحتياجاتهم وإمكاناتهم.
كما يري الوفد أنه يجب إطلاق حرية التعبير للطلاب وذلك بإلغاء أي قيد عليهم في إصدار صحفهم ومجلاتهم الجامعية وعقد ندواتهم ومؤتمراتهم. وأن تقتصر مهمة الحرس الجامعي ومكاتب الأمن علي المحافظة علي سلامة المنشآت الجامعية دون التدخل في الشئون والأنشطة الطلابية.
7 ـ المرأة والطفل
يؤمن الوفد بأن المرأة هي نصف المجتمع، ولها دور رئيسي في حياة الأسرة والمجتمع والوطن، ولذلك يري الوفد ما يلي:
1 ـ كفالة حق المرأة في التعليم تماماً مثل الرجل حتي تتمكن من ممارسة دورها في إعداد أجيال صالحة.
2 ـ للمرأة الحق الكامل في ممارسة كافة الحقوق السياسية من الانتخاب والترشيح وتولي المناصب الإدارية المختلفة.
3 ـ للمرأة دور مهم في العمل المدني، وبخاصة في مؤسسات رعاية الأمومة والطفولة ورعاية الأطفال الذين حرموا من الحياة الكريمة داخل أسرة.
4 ـ تبني التشريعات والقوانين التي تكفل حقوق المرأة، وتنظم علاقتها بالعمل في حالة الولادة وتربية الأطفال.
5 ـ دعم مؤسسات رعاية الأطفال.
6 ـ التوعية اللازمة لضمان حصول كل طفل علي نصيبه كاملاً من التطعيم ضد الأمراض المختلفة.
7 ـ التركيز علي صحة الطفل وبنائه عقلياً وجسدياً وفكريا.
8 ـ الاهتمام ببرامج رعاية الأطفال خلال فترات الإجازات الصيفية من المدارس.
خامساً: دور المواطن في تحقيق النهضة الوطنية الشاملة
يؤكد"الوفد" ضرورة مشاركة المواطنين بفعالية في تنفيذ برنامج إعادة تملك الوطن وحل مشاكله ويري أن المصريين جميعاً مطالبون بالمشاركة في تحقيق النهضة الوطنية الشاملة من خلال:
* الالتزام بالواجبات المفروضة عليه والتمسك بحقوقه المشروعة.
* الحرص علي الحـق العـام والمحافظة علي الممتلكات العامة وعناصر الثروة الوطنية.
* المشاركة في تنفيذ مهام التغيير في موقع عمله وعلي مستوي الحياة الشخصية وفي النطاق الأسري والعلاقات المجتمعية المباشرة.
* الحرص علي قيد اسمه في جداول الانتخاب والتأكد من صحة المعلومات الخاصة به وفق النظام المعمول به، والحرص علي الإدلاء بصوته في كافة عمليات الانتخابات والاستفتاء الجماهيرية وعلي كل المستويات.
الخاتمة
إن البرنامج الانتخابي الذي يتقدم به الوفد برنامج طموح يتطلب تنفيذه توفير الموارد المالية لتمويل المشروعات الكبيرة والإنفاق لرفع كفاءة البنية الأساسية والارتقاء بمستوي الخدمات العامة وعلي رأسها التعليم والصحة والتدريب والنقل والمواصلات .
ويري الوفد أنه في الامكان تدبير الموارد المالية المطلوبة إذا تم تنفيذ برنامج للإصلاح المالي يهدف إلي:-
أولا: زيادة الإيرادات العامة من خلال:ـ
أ ـ تحسين نسب تحصيل الضرائب سواء كانت ضرائب دخل أو مبيعات أو ضرائب جمركية.
ب ـ إصلاح الهيكل المالي للهيئات العامة ورفع كفاءة إدارتها حتي تحقق أرباحا.
ثانيا: ترشيد الإنفاق العام من خلال :-
أ ـ الأخذ بموازنة البرامج والأداء لضمان فعالية النفقة.
ب ـ الكف عن الإنفاق المظهري غير المبرر.
ج ـ ترتيب أولويات الإنفاق علي أساس الأهداف المنشودة.
ثالثا: مشاركة الحكومة للقطاع الخاص في تنفيذ بعض المشروعات الخدمية خاصة في قطاعات التعليم والتدريب والصحة وغيرها.
رابعا: تهيئة المناخ لتحفيز الاستثمارات الوطنية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
خامسا:إنشاء صندوق استثمار يغذي من حصيلة بيع الأصول المملوكة للدولة بما فيها بيع الأراضي الصحراوية لتمويل المشروعات الكبري إنتاجية كانت أم خدمية.
إنما أهم من كل ذلك فإن تنفيذ هذا البرنامج الطموح يتطلب إرادة سياسية قوية وقدرة مستندة علي تأييد شعبي لمواجهة فساد استشري في المجتمع ومصالح استقرت منذ عشرات السنوات، وذلك لن يتحقق إلا في إطار مناخ ديمقراطي وتوافق وطني يستهدف الاصلاح والنهضة.
********
ضميرالأمة وهو الابن الشرعى لثورة 1919 وهى الثورة الأم التى الهمت كل الانتفاضات والحركات الشعبية التى قامت من أجل الحرية وحقوق الإنسان والوحدة الوطنية, وحماية الطبقات الكادحة والمحرومة من أبناء هذا الشعب, وحتى ثورة الضباط الأحرار سنة 1952, هى امتداد للثورة الأم التى فجرها الشعب المصرى سنة 1919.
من هذا المنطلق.. فإن وجدان وقلب الوفد يتسع لكل مصرى مخلص للوطن, بغض النظر عن ديانته أو جنسيته أو عقيدته, نحن نحترم الجميع ونتعاون مع الجميع دون استثناء من أجل رفعة الوطن.
وإيمانا بحق مصر ومواطنيها فى حياة كريمة, وبما يفرضه الوطن على أبنائه من العمل الدائب والجهد المتواصل لتقدمه وازدهاره, يتقدم حزب الوفد الجديد بهذا البرنامج ويعاهد الله والمواطنين على العمل الجاد لتنفيذه, لا يعارض ولا يؤيد إلا ابتغاء وجه الوطن وتحقيق المصلحة العامة.
ويؤمن حزب الوفد بأن الاصلاح الحقيقى يبدأ بالانسان المصرى, وإقامة ما انهار من بنيانه, ليعيد إليه ثقته بنفسه وبحكامه, فيعود سيرته الأولى فى العمل والانتاج والالتزام والتفانى فى خدمة وطنه. والخطوة الواجبة فى هذا السبيل أن يحاط المواطن علماً بالحقائق كاملة حلوها ومرها, حتى ينطلق منها بلا خوف لمناقشة الحاكم ومساءلته إن حاد عن الصواب. ويؤمن الوفد بسيادة القانون وإقرار أحكامه وفرض احترامه على جميع المواطنين دون تمييز, فلا يفلت منه أحد أياً كان موقعه الرسمى أو مركزه الاجتماعى.
كما يعلن تمسكه بالقيم والمبادىء والمفاهيم التى استقرت فى ضمير الشعب, وتتمثل فى الديمقراطية والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والحريات العامة, وضمان حقوق الفئات الكادحة من عمال وفلاحين والعمل على دعمها والاستزادة منها.
ويرى الوفد أن استمرار التفاوت الكبير القائم حالياً بين مستوى الدخول العليا والدنيا يشكل خطرا جسيما على أمن المجتمع, فحتى القادرون فيه لن يهنأ لهم عيش أو يستقر لهم أمن إلا إذا كفل المجتمع للفئات الكادحة ذات الدخل المحدود حداً أدنى من الحياة الكريمة.
وقد أصدر الوفد برنامجه الأول فى نوفمبر سنة 1977 والآن وبعد مضى نحو 28 عاماً وما طرأ على الحياة المصرية من تغيرات يصدر الوفد هذا البرنامج الجديد ليواجه هذه المتغيرات التى لا تمس المبادىء الاساسية والأسس العامة فى برنامجه الأول.
ويرى الوفد أن الديمقراطية السياسية بما تكفله للفرد والمجتمع من حريات أساسية.. ومن قدرة على اختيار حكامه ومحاسبتهم عند الاقتضاء هو المدخل الطبيعى لكل إصلاح اقتصادى واجتماعى, ومن ثم فإن التقدم والارتقاء رهين بمنظومة سياسية رشيدة تفرض سيادة الأمة وتؤكد قدرتها على التحكم فى مصيرها وصياغة حاضرها ومستقبلها فى عالم متفتح تتسارع متغيراته وتتعاظم تحدياته.. وتتحدد رؤية الوفد فى هذا البرنامج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق