سقط »نظام مبارك« وبقيت قوانين »الهانم« التي استطاعت تمريرها عن طريق »الزبانية« التابعين لها، بسرعة مرور »السكين في الزبد«،
علي الرغم من اعتراض المشرعين وخبراء القانون عليها، بسبب الآثار السلبية الناتجة عن العمل بها، بالإضافة لمخالفتها للدستور المصري، في كثير من جوانبها، ولكن نفوذ »الست« حال دون ذلك، وارتبط اسمها بالعديد من المجالس الشكلية التي لم يكن لها دور محدد، وإنما تم إنشاؤها لتكون منصة تطل من خلالها علي الجماهير التي يحشدهم رجالها في الحزب الوطني للاستماع إليها مثل المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للأمومة والطفولة، قبل أن يتطور »طبيعياً« ويصبح وزارة للأسرة والسكان، وعندما ورثت »لقب سيدة مصر الأولي« من جيهان السادات حرم الرئيس الراحل أنور السادات، اتجهت سوزان مبارك، قرينة الرئيس السابق حسني مبارك، إلي العمل العام الاجتماعي ونفذت منه إلي الحياة السياسية بكل قوة ونفوذ وحرصت علي ربط اسمها بمجالس وهيئات ومشاريع »قومية«، واتجهت سوزان مبارك وجهة غيرت الحياة الاجتماعية و»لعبت« كثيراً في أركان ودعائم الأسرة المصرية، باستصدار العديد من القوانين التي رآها البعض من معاول هدم »الأسرة« وليس تدعيمها وحل قضاياها، منها: قوانين الأحوال الشخصية وقانون الأسرة وقانون الجنسية المصرية وقانون الطفل، كما شغلت نفسها كثيراً بالمشهد السياسي، فصدر قانون كوتة المرأة الذي خرج بدعم من المجلس القومي للمرأة وبمباركة حاملي الأبخرة ورعاة حملة التوريث، والمدهش أن كل قوانين »سوزان مبارك« تم الاعتراض عليها من قبل كثير من فقهاء القانون والدستور وعلماء الاجتماع وخبراء السياسة، وأكد الكثيرون وقتها عدم دستورية كثير من مواد القوانين التي ستصدر دون أي سند سوي »رغبة السيدة الأولي«، بل إن بعض المواد والقوانين كانت مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية.
صدر بالقرار الجمهوري رقم 90 لسنة 2000
المجلس القومي للمرأة.. قاعدة انطلاق قوانين السيدة الأولي!
نفوذ »السيدة الأولي« لم يترك باباً إلا ودفعه بكل قوة لتستخرج منه ما تشاء، حتي وصل هذا النفوذ إلي السلطة التشريعية، حيث استطاعت الحصول علي قرار جمهوري بإنشاء المجلس القومي للمرأة بالقرار رقم 90 لسنة 2000، وتولت رئاسته، وحصلت علي صلاحيات تعيين الأمين العام، واعتماد مشروع الموازنة العامة والحساب الختامي، وتتكون موارد المجلس (حسب المادة السادسة) من الاعتمادات التي تخصصها الدولة في الموازنة العامة، والتبرعات والمعونات التطوعية التي يقرر المجلس قبولها، وهذه المادة فرضت علي أجهزة الدولة تزويد المجلس وأمينه العام بما يطلبه من بيانات وإحصائيات تتصل باختصاصاته.
واستمد »القومي للمرأة« أهميته من رئاسة »الهانم« له، وأصبح الطفل المدلل لدي أجهزة الدولة، وبدا ذلك واضحاً في حجم وشكلية ندواته، بالإضافة لصفة العديد من سيدات المجتمع من »المحظوظات« اللائي كان يتم اختيارهن بعناية شديدة حتي الصحفيين والإعلاميين، كان يتم اختيارهم بعناية شديدة، لتغطية أخبار المجلس بالطريقة التي تعظم من الدور المخول به، والغريب في الأمر، أن المجلس لم يكن له أي دور إيجابي، يذكر منذ إنشائه وحتي الآن، واكتفي فقط بالاعتراض علي بعض مشاهد الاغتصاب في الدراما المصرية.
أخطر التشريعات التي صدرت برعاية »سوزان مبارك«
في إطار انصياع النظام المباركي وراء الأجندات الأجنبية، والعمل علي خدمة مشروع التوريث، شهدت الأعوام العشرة الأخيرة صدور العديد من القوانين والتشريعات بدون سند قانوني، وبدون تقديم حزمة عمل مسبقة، وتمت الموافقة عليها، بسبب وقوف »السيدة الأولي« ورائها بغرض التواجد علي الساحة السياسية.
الأحوال الشخصية
استطاعت حرم الرئيس تمرير قانون الأحوال الشخصية الذي يقضي بحق النساء في الخلع، الذي يجيز المرأة حق الطلاق بإرادتها المنفردة، دون الحاجة لإثبات سوء معاملة من زوجها، بالإضافة إلي إلغاء القوانين التي تمنع المرأة من الحصول علي جوازات سفر، أو السفر للخارج دون موافقة آبائهن أو أزواجهن، في الوقت نفسه اعترضت اللجنة التشريعية في مجلس الشعب علي المشروع الذي تقدمت به وزارة الداخلية الذي يشترط موافقة الزوج علي استخراج جواز السفر للزوجة وحقه في سحب هذه الموافقة، واعترض المجلس القومي الذي تترأسه »الهانم«، استناداً إلي أن الزوجة يجب أن تلتزم بتقديم موافقة زوجها عند استخراج جواز السفر والحصول علي موافقة الزوج.
وبدا نفوذ »الهانم« واضحاً، عندما اعترض المجلس القومي للمرأة علي حذف مادة من قانون إجراءات التقاضي، وعلي مشروع قانون بإضافة المادة المحذوفة، وقد ألغي القانون إجبار الزوجة علي العودة إلي منزل الزوجية، وهذا القانون قد أثار مشاكل في عهد »جيهان السادات« حال دون صدوره، لكنه في عهد »سوزان مبارك« قرر أنه إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوج من تاريخ الامتناع.
قانون الجنسية المصرية
استطاعت »سيدة القصر« بمساعدة نجلها »جمال مبارك« الذي كانت تؤهله لتولي رئاسة الجمهورية خلفاً لأبيه، لتظل سيدة مصر الأولي طالما ظلت علي وجه الأرض، تمرير قانون الجنسية المصرية الذي يتيح لأبناء المتزوجة من غير مصري »أجنبي« الحصول علي الجنسية المصرية، رغم الاعتراض عليه علي مدار 20 عاماً كاملة، رفضه خلالها كل اللجان التشريعية التي كانت تناقشه، إلي أن استطاع »جمال« حشد نواب الحزب الوطني داخل مجلس الشعب وتمت الموافقة عليه، بالرغم من رفضه من قبل المعارضة والمستقلين داخل المجلس.
قانون الطفل
من أخطر القوانين التي أصرت »الهانم« علي تمريرها رغم خطورته علي تكوين الأسرة المصرية عن طريق »الزبانية« التابعين لها في أروقة الدولة، وخاصة »مشيرة خطاب« التي تولت منصب وزيرة الأسرة والسكان من أجل تنفيذ هذا القانون الذي يدمر مؤسسة الزواج والأسرة في مصر، ويعمل علي نسف القيم المتعلقة بالطفل وبنسبه، وأعلنت »مشيرة« أهم النقاط التي تضمنتها اللائحة التنفيذية لقانون الطفل 162 لسنة 2008، والذي تم إقراره من جانب رئيس الوزراء، ونصت اللائحة علي تخصيص مكاتب صحة بكل منطقة لتمكين الأم من تسجيل طفلها في حالة عدم وجود عقد زواج، حيث يتم كتابة اسم رباعي في خانة الأب دون وجود أي علامة في شهادة الميلاد تبرز أن ذلك الاسم ليس لوالد الطفل الحقيقي، في الوقت الذي يتم إيضاح ذلك لدي مكتب التسجيل.
بالإضافة إلي إعطاء حق كفالة الطفل للأسرة البديلة التي لا يحمل أفرادها الجنسية المصرية، كذلك للأرامل والمطلقات، والذين لم يسبق لهم الزواج علي ألا يقل عمر الكافل عن 45 عاماً، في حين يمكن للأسرة البديلة إعطاء لقب عائلتها الرابع للطفل المكفول في شهادة الميلاد، مع زيادة الإعانات المخصصة لتلك الأسر في حالة زواج الابنة، أو إقامة مشروع للابن عند بلوغه.
كوتة المرأة
تمت الموافقة علي قانون »كوتة المرأة« الذي يقضي بتخصيص 64 مقعداً للمرأة في مجلس الشعب، بعد جلسات »ضرب نار« بين المعارضة والمستقلين من جهة ونواب الحزب الوطني من جهة أخري.
وعلي الرغم من رفض جميع المشرعين للقانون بسبب عدم دستوريته، إلا أنه تم تمريره لخدمة مشروع التوريث من ناحية، ولضمان الحزب الوطني لمقاعده من ناحية أخري، واتضح ذلك خلال الانتخابات البرلمانية الماضية، حيث استحوذت نائبات الوطني علي كل المقاعد، ولم تفز المعارضة بأي منها.
سامح عاشور: "كوتة المرأة" صدر لخدمة التوريث!!
سامح عاشور نقيب المحامين السابق: القوانين التي أشرفت "سوزان مبارك" علي إصدارها، خرجت بنفس الطريقة التي خرجت بها معظم القوانين المصرية، التي خضعت لـ "الضغط" من قبل المستفيدين منها علي المشرعين لإصدارها، وكلها كان وراء اصدارها أغراض سياسية، خاصة أن المسرح السياسي المصري كله كان يعمل في خدمة التوريث، والدليل علي ذلك اصدار قانون "كوتة المرأة" الذي ضمن 64 مقعداً في البرلمان لصالح الحزب الوطني مسبقاً قبل الانتخابات، لخدمة التوريث بشكل غير مباشر.
المستشار محمد حامد الجمل: "الخلع" أخطر قوانين "سوزان مبارك"
المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق: سعت الأسرة "المباركية" الي الحفاظ علي السلطة والعمل من أجل توريث الحكم، عن طريق اتباع اساليب القمع والشدة وانشغال الشعب بقضايا لا تفيده، وانما تضربه، ومن هذه الظواهر الغريبة عن كل مجتمعات العالم انشاء "الهانم" لما يعرف بالمجالس المتخصصة مثل "القومي للمرأة والقومي للطفل، ومجلس السلام".
وأضاف: كل هذه المجالس ليس لها سند في الدستور المصري لأنها انشئت بصفة شخصية، وتم إلصاق كلمة العليا بها، لتضخيم دورها، ولرفع شأن رئيسها "حرم الرئيس" بالاضافة الي رئاستها مجلس ادارة مكتبة الاسكندرية والسيطرة علي احتفالاتها الاقتصادية.
وأكد أن اخطر ما قامت بفرضه هي القوانين التي تتعلق بالاسرة المصرية، وخاصة البند الخاص بـ "الخلع" بمجرد اعلان المرأة عدم قدرتها علي تحمل معيشة زوجها، بالاضافة لرفعها سن الطفولة الي عشرين عاما ودوام الحضانة للبنت، الامر الذي أدي لتفكك الاسرة المصرية.
الدكتورة فوزية عبد الستار: من حق المجلس العسكري إسقاط قوانين "المصالح الشخصية"!
أكدت الدكتورة فوزية عبد الستار - أستاذ القانون بجامعة القاهرة: اصدار العديد من القوانين في العهد السابق بغرض المصالح الشخصية، وليس المنفعة العامة، مثل قوانين "الاحتكار، المصالحة" بالاضافة الي القوانين الخاصة التي اشرفت "سوزان مبارك" علي تنفيذها.
واضافت: ولعل اخطر هذه القوانين التي اصرت "مبارك" علي اصدارها قانون الكوتة الذي يقضي بتخصيص عدد معين من مقاعد البرلمان لصالح المرأة، لعدة اسباب أهمها: عدم دستوريته بسبب تعارضه مع المادة رقم 40 بالدستور والتي تقر مبدأ المساواة، بالاضافة الي أن هذا التخصيص يهدف الي زيادة الأصوات المؤيدة في البرلمان، وليس المصلحة العامة، وأخيراً: اهانة هذا القانون للمرأة، حيث يفترض عدم قدرتها علي منافسة الرجل، والنجاح بدون مساعدات، وأضافت: المجلس العسكري هو الجهة الوحيدة التي تمتلك حل هذه القوانين وانهاء العمل بها عن طريق اصدار مرسوم قانون يقضي بذلك.
وناشدت المشرف علي وضع القوانين المكملة للاعلان الدستوري، ضرورة انهاء العمل بقانون الكوتة نظراً لعدم صلاحيته، لأنه لا يجوز العبث بالقوانين بغرض المصلحة الشخصية.
أحمد عودة المحامي: "التقويم" في قانون الأسرة مخالف لترتيب المحاكم الشرعية
أحمد عودة المحامي ومساعد رئيس حزب الوفد: من الضروري مراجعة كل القوانين التي اشرفت "سوزان مبارك" علي اصدارها، حيث يشوبها العديد من المخالفات الدستورية والتشريعية، وتم تمريرها من قبل "أتباعها" لخدمة اغراضها ومشاريعها الشخصية.
وأضاف: بعض هذه القوانين يشوبها مخالفات شرعية ايضا وليست دستورية فقط، خصوصا قانون الأسرة حيث أصرت "الهانم" علي اضافة نص: تُحسب جميع المواعيد بالتقويم الميلادي، وهذا مخالف لترتيب المحاكم الشرعية التي تتعامل بالتقويم الهجري، وساعدها علي تمريرها محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف السابق وفتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق، بالاضافة الي عدم دستورية قانون "الكوتة" بسبب خروجه عن نص دستور 1971 المعمول به وقت اصداره والذي ينص علي المساواة بين المرأة والرجل وعدم تمييز احدهما علي الآخر، والمخالفة تأتي في تخصيص 64 مقعداً للمرأة في دوائر معينة، يمنع منها الرجل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق