أحمد فنجان
الفساد في الأقصر تخطي كل الحدود، وفاق كل التوقعات.. والمخالفات التي ارتكبها اللواء سمير فرج محافظ الأقصر أصابت أبناء المحافظة الوليدة بخيبة الأمل والإحباط، لأنه لا أحد يحاسب أحداً من المحافظة ورغم قيام الثورة لا يزال الفساد يطل برأسه من ديوان عام المحافظة ليستمر مسلسل الفساد بلا توقف.
بدأت المخالفات المالية عندما باع المحافظ أرض حمام السباحة الأوليمبي إلي رجل الأعمال »ممدوح فيليب« بمبلغ 65 مليون جنيه بعد احتساب سعر المتر بـ 13 ألف جنيه، رغم أن السعر السائد لا يقل عن 30 ألف جنيه لأن الأرض تطل علي نيل الأقصر مباشرة ليهدر المحافظ من وراء عملية البيع حوالي 80 مليون جنيه.
أصدر محافظ الأقصر قراره بإزالة نصف الممشي السياحي الذي يطلق عليه سوق سافوي والذي تكلف بناؤه عشرة ملايين جنيه وإزالة نصف مبني المحافظة والذي تم تطويره أخيراً بحوالي عشرين مليون جنيه وأيضاً هدم فندق إيتاب الأقصر وإزالة بنك الإسكندرية وهدم مبني المعهد الديني الثانوي للبنين وإزالة مبني مدرسة التمريض ونادي ضباط القوات المسلحة ومرافق مباني الصوت والضوء وتقدر قيمة تلك الإزالات بحوالي مائتي مليون جنيه، فمن أجل أي عيون يتم ذلك الخراب والتطوير منه براء.
أما مشروع القرية الصمدية، فالفساد في ذلك المشروع ضارب من الجذور حتي أطراف الأوراق وبدايته عندما تقدم محمود عبدالصمد عامر صاحب شركة مقاولات بمشروع لبناء قرية سياحية بقرية الرواجح بالبر الغربي بالأقصر أطلق عليها اسم »القرية الصمدية« ومنذ ذلك اللحظة بدأت المخالفات تتوالي: أولها محضر الاستلام الصادر من قبل إدارة الاستثمار يفتقد إلي تاريخ التسليم مما يسقط حق مدينة الأقصر في الأموال المتحصلة مقابل حق الانتفاع والتي تتمثل في رسوم النظافة والمباني والمرافق.
وثانيها: هو ما أكدته مستندات من مخالفة صاحب المشروع بالبناء دون ترخيص وتم تحرير جنحة أعمال مباني برقم 159 لسنة 2007 حيث قدرت قيمة المخالفات بمبلغ 177 ألفاً و840 جنيهاً، وأصدر المحافظ قراره رقم 766 لسنة 2007 والذي أقر بمادته الأولي إزالة أعمال السور الذي بني من الطوب الجيري والأسمنتي علي أن تقوم الجهات المختصة بتنفيذ ذلك القرار ورغم كل ذلك ففي اليوم التالي لصدور قرار المحافظ تقدم صاحب المشروع بطلب استخراج ترخيص بالمباني المخالفة والسور الأسمنتي وذلك لإنشاء أبنية، والعجيب أنه ضمن المستندات التي قدمت لاستخراج التراخيص كشفاً رسمياً من الضرائب العقارية بالأرض علي الرغم من أن تلك الأرض تقع خارج الزمام وليس لها كشوف من الضرائب العقارية، وكانت المفاجأة الكبري أن صدر قرار من إدارة الاستثمار بالمحافظة بتاريخ 2007/7/15 بإيقاف أعمال القرية واستدعاء صاحبها بعدما اتضح أن الرسم الهندسي والقائم علي عشرين فداناً مخالف لما هو علي الطبيعة وصدر القرار رقم 925 لسنة 2007 وذلك بتشكيل لجنة معاينة علي الطبيعة لاستيضاح الأمر فاتضح للجنة أن المساحة المقام عليها القرية تبلغ 32 فداناً، فأين كان محافظ الأقصر ومسئولوه عندما تم التعدي علي تلك الأرض وأين مسئولو الوحدات المحلية والقروية؟
كما قام محافظ الأقصر بتوزيع الأراضي الواقعة بالظهير الصحراوي بقرية الحبيل علي بعض رجال الأعمال وطرد الأهالي الذين يقتاتون منها بحجة أنهم غير جادين رغم أن تلك الأراضي كانت مزروعة وقام المحافظ بإصدار قراره رقم ١٩٧ لسنة ٥٠٠٢ الذي يقضي بنزع ٠٠٥٣ فدان بقصد المنفعة العامة وقد تقدمت إحدي شركات استصلاح الأراضي ببلاغ للمستشار النائب العام بذلك الصدد والذي تم قيده تحت رقم ٠٨٥٤ بلاغاً للنائب العام.
وفي وقائع محاولات التعدي علي الأراضي الزراعية كاد محافظ الأقصر أن يودي بأكثر من خمسمائة فدان من أجود الأراضي الزراعية بالمريس لإقامة مرسي سياحي وما يترتب عليه من تدمير ٠٠٣ منزل فبدلاً من الاتجاه للظهير الصحراوي الشرقي الذي يخلو من أي مشاكل لتنفيذ برامج الإعمار فيه اتجه قرار المحافظ ومن يسانده من مسئولين في الإصرار علي نزع تلك الأراضي.
أما عن قصر ثقافة الأقصر الذي احتل موقعاً فريداً بالقرب من نهر النيل والذي بلغت مساحته حوالي ٠٠٠٤ متر والذي اشتمل علي مكتبة بها ٠٧ ألف كتاب وقاعة مسرح شتوي بطاقة ٠٠٥١ مقعد ومسرح صيفي علاوة علي سينما ومرسم فني طالما تردد عليه الفنانون من داخل وخارج مصر بالإضافة إلي مكتبة للطفل وأيضاً المرحلة الثالثة لقصر ثقافة الأقصر والتي تكلف بناؤها ٥١ مليون جنيه عن طريق شركة المقاولون العرب وقبل تسليمه جاء قرار المحافظ بإزالته.
أما الكارثة التي حلت علي الأقصر بدعوي تنفيذ متحف مفتوح تقرر توسيع مدخل ساحة معبد الكرنك وكانت المفاجأة لتنفيذه أن تقرر الاستيلاء علي استاد مركز شباب الكرنك المجاور لساحة المعبد وضرورة ضم ملعب كرة القدم بمدرجاته إلي مساحة الفناء الجديد للمعبد وقد امتدت يد التدمير لتقضي علي ما تبقي من مباني مركز شباب الكرنك مثل: المسجد ونزل الشباب المكون من أربعة طوابق ومركز كمبيوتر وحاسب آلي وصالة أفراح ومبني إداري بتكلفة ٤ ملايين جنيه.
وتنتقل حمي الهدم لتشمل مبني بيوت الشباب الذي يتبع جمعية بيوت الشباب العالمية وهو مكون من ٥ طوابق بسعة ٠٠٤ سرير وأيضاً مبني الإدارة التعليمية ومبني الهيئة العامة للاستعلامات وامتدت يد التدمير إلي الشواهد المعمارية والقلاع التاريخية التي اكتملت بها شخصية الأقصر كمدينة تاريخية والتي انتمت إلي عصور النهضة في حينها وأبرزها: فيلا نفرتاري والتي كان يشغلها معهد ترميم الآثار علاوة علي خمس مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية والمبني التاريخي الذي كانت تشغله مدرسة التجارة والخدمات وأيضاً مسرح حسن فتحي ومبني فندق ونتر بالاس الجديد وفندق مينا بالاس وأيضاً تدمير شارع نهر النيل وهو أشهر شوارع الأقصر. وكان يعتزم المحافظ قبل الثورة بعد زيارة مبارك الأخيرة للأقصر أن يهدم قاعة المؤتمرات الدولية وهي: الصرح المعماري الذي يساهم في تنشيط سياحة المؤتمرات ومقر هيئة الرقابة الإدارية الذي تكلف إنشاؤه ٨١ مليوناً، كل ذلك يتم من أجل إعداد ما يسمي بالمثلث الذهبي الذي يدعو محافظ الأقصر إلي طرحه للاستثمار العالمي.
أما قضية صرف التعويضات للمضارين من أهالي الأقصر الذين تركوا مساكنهم أو هدمتها حمي التطوير، فقد نظم قانون النزع بقصد المنفعة العامة حق المتضررين في الحصول علي تعويض مادي وأوكل القانون لهيئة المساحة العامة بالقاهرة ومديرياتها بالمحافظات اتخاذ إجراءات صرف التعويضات لمستحقيها لكن مستحقي التعويضات يقفون في طوابير إما أمام مبني المساحة وإما أمام ديوان المحافظة في الأقصر مطالبين تعويضاتهم لكن دون جدوي فلماذا يتم الهدم في ساعات ولا يتم صرف التعويضات إلا بعد سنوات، وهناك شق آخر لقضية التعويضات وهو قضية شاغلي الوحدات السكنية كمستأجرين وهم الذين تقرر إخلاؤهم من مساكنهم وفي أسرع وقت حيث يتم تعويضهم في حدود خمسين ألف جنيه عن كل وحدة سكنية وبعدها يصبح علي هؤلاء المستأجرين بعد ذلك أن يتدبروا أمرهم والبحث عن سكن جديد وهنا يصبح هؤلاء المستأجرون فريسة لملاك الوحدات السكنية.
إن قضية تطوير الأقصر تحتاج إلي وقفة من جميع المسئولين وأن تنظر الحكومة الجديدة إلي الأقصر بعين بعيدة عن المصالح الشخصية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق