بقلم:نبيل زكي |
كل محاولات وجهود المعارضة لتغيير نظام الانتخاب الفردي. وكان السبب واضحاً، وهو ان قيادة ذلك الحزب لم تكن راغبة علي الاطلاق في تقوية النظام الحزبي، وكانت تحرص علي ان تكون الارتباطات العائلية والجهوية (الانتماء الجغرافي إلي قرية أو مدينة أو منطقة معينة) هي العنصرالمؤثر في العملية الانتخابية، فضلاً عن دور المال صاحب التأثير الاكبر في نظام الانتخاب الفردي، الي جانب ان الحزب الحاكم هو الأكثر قدرة علي تقديم الخدمات المحلية والشخصية، حيث ان الوزراء والقائمين علي السلطة علي استعداد لتقديم الرشاوي الانتخابية وتدبير الخدمات المطلوبة.
وظهر لدينا »نواب الخدمات«، الذين لا يقومون بدورهم في الرقابة والتشريع.. ولكنهم يهرولون وراء الوزراء للحصول علي التأثيرات التي تخدم مقاولي الأصوات في دوائرهم الانتخابية.. لضمان الاحتفاظ بالمقعد البرلماني في الانتخابات التالية. واصبح دور عضو مجلس الشعب اقرب ما يكون الي دور عضو المجلس المحلي في أحسن الأحوال.
نظام الانتخاب الفردي.. يعني ان من يحصل علي ١٥ في المائة من الأصوات.. إنما يحصل علي كل الأصوات واصبح يمثل مائة في المائة من الناخبين.. أي ان الفكرة الاساسية لهذا النظام الفردي هي ان الفائز الذي يحصل علي ١.٠٥ من الاصوات يستحق الفوز بمائة في المائة من السلطة. أما مجموع المرشحين الذين يمكن ان يكونوا قد حصلوا علي ٩٤ في المائة هنا وهناك، ولم يكتب لهم الفوز، فإن ناخبيهم لا يجدون من يمثلهم رغم كثرتهم العددية.. وتكون أصواتهم قد ضاعت هدراً!
والتمثيل النسبي، علي خلاف ذلك، يقوم علي مبدأ ان أي جماعة من الناخبين يحق لها ان يكون لها ممثلوها، وأن تفوز بمقاعد في المجلس التشريعي بنفس النسبة التي يحصل عليها من أدلت بأصواتها لصالحهم، وبالتالي يكون حصول مرشح علي مقعد في البرلمان هو تعبير مباشر عن اختيار نسبة من المرشحين.
والتمثيل النسبي يعني ان كل الناخبين الذين يدلون بأصواتهم.. يستحقون ان يكون هناك من يمثلهم، وان كل المجموعات السياسية والأحزاب في المجتمع تجد الفرصة لكي تختار ممثليها في البرلمان بما يتناسب ويتفق مع قوتها التصويتية.. هكذا يكون لكل مواطن الحق في أن يتواجد من يمثله بطريقة عادلة. ولذلك يري البعض ان نظام القائمة النسبية يشجع علي السلام الاجتماعي، لأنه يتيح لكل قطاع من السكان مجالا للتعبير عن نفسه كما أنه يتيح لكل اقلية لها وزنها ان تنتخب بعض من يمثلونها علي الاقل.
وطبقاً لنظام التمثيل النسبي، فإنه يتم توزيع المقاعد، وفقاً لنسبة الاصوات التي حصلت عليها قوائم مرشحي الأحزاب.
فإذا حصل مرشحو حزب سياسي علي اربعين في المائة من الاصوات في عشر دوائر مثلاً، فإنه يحصل علي أربعة من المقاعد العشرة أو ٠٤٪ من المقاعد. وإذا حصل حزب اخر علي عشرين في المائة من الأصوات فإنه يفوز بمقعدين.. وهكذا.
وأنظمة التصويت علي قائمة حزبية هي أكثر الأنظمة شيوعاً في التمثيل النسبي. والمعروف ان أكثر من ثمانين في المائة من أنظمة هذا التمثيل النسبي في العالم هي شكل من أشكال التصويت علي قوائم للأحزاب. وهذا النظام هو الذي يجري تطبيقه في معظم الدول الديمقراطية الأوروبية، حيث يطرح كل حزب قائمة تضم عدداً من المرشحين يساوي عدد مقاعد الدائرة الانتخابية ويدلي الناخبون بأصواتهم لصالح هذه القائمة أو تلك. وتحصل الاحزاب علي عدد من المقاعد يتناسب مع حصتها من الاصوات.
وهناك ما يشبه الإجماع علي أن التمثيل النسبي من شأنه التعامل بطريقة افضل مع أحزاب الاقلية والمرشحين المستقلين الذين يحق لهم أن تكون لهم قائمتهم المنفصلة، كما لو كانوا يشكلون حزباً.. والأصوات »المهدرة« أقل عدداً في هذه الحالة. وكل صوت يساهم بقوة في اختيار من يمثله، كما تتوافر لدي المواطنين فرص أفضل لممارسة حق الاختيار.. الذي يواجه عملية انتخابية تحترم هذا الاختيار الذي يتميز - عندئذ - بفاعلية أكبر. والتمثيل النسبي يمكن ان يشجع علي الاقبال علي التصويت - في ضوء تجارب دول اخري - ويقلل من السلبية واللا مبالاة ويقلص هيمنة الاحزاب الكبري.
هناك ثلاثة انواع رئيسية لنظام التمثيل النسبي الاول: نظام القائمة النسبية، حيث يصوت الناخبون لحزب معين، وبالتالي يتم انتخاب المرشحين من قائمة الحزب. وقد يصوت الناخبون للقائمة كلها، وفقاً للترتيب الذي وضعه الحزب في القائمة، او يختار الناخبون قائمة حزبية، ولكنهم يستطيعون ان يفضلوا مرشحاً علي آخر من نفس القائمة. وهنا يصبح الترتيب في القائمة النهائية متوقفاً علي عدد الأصوات التي يحصل عليها كل مرشح مدرج في القائمة. وهذا يؤدي الي صعود المرشحين الاكثر شعبية الي مركز الصدارة أو الي قمة القائمة مما يعزز فرص فوزهم.
الثاني: النظام المختلط الذي يجمع بين النظامين الفردي والتمثيل النسبي، وبموجب هذا النظام، يدلي الناخب بصوته مرتين: مرة للحزب الذي يختاره، ومرة لمرشح معين يمثل - عادة - الدائرة الانتخابية التي يقطن فيها الناخب. وبذلك يتشكل البرلمان من ممثلي القوائم الحزبية.. وجزئياً.. من ممثلين للناخبين تم انتخابهم بطريقة مباشرة.
الثالث: يختار الناخبون عدة مرشحين ويتولون ترتيبهم وفقاً لأولوية الاختيار. والمرشحون الفائزون - في هذه الحالة - هم الذين يحصلون علي الأصوات التي يقررها النظام السياسي القائم. أما الأصوات التي حصل عليها المرشحون الذين لم يسعفهم الحظ بالفوز، فإنه يتم إعادة توزيعها الي ان يتم شغل جميع مقاعد البرلمان.. وفي كل الأحوال، فإن أنظمة التمثيل النسبي تقوم علي اساس ان نسبة الاصوات تقرر نسبة مقاعد البرلمان.. وعلي التنوع الذي يجعل الأحزاب الأصغر تفوز بالتمثيل البرلماني، وتشكيل حكومات ائتلافية، في أغلب الأحوال، بدلاً من حكومة حزب واحد تملك الأغلبية المطلقة.
وحتي عام ٠٠٠٢ كانت هناك ٠٨ دولة تطبق نظام التمثيل النسبي منها ٨٢ دولة أوروبية و ٧١ دولة في أمريكا الجنوبية والكاريبي ودول آسيوية، مثل اندونيسيا واليابان وسري لانكا، بينما لم تكن هناك سوي خمس دول تطبق نظام الانتخاب الفردي، وبقية الدول تأخذ بالنظام المختلط الذي بدأت ألمانيا الغربية بتطبيقه عقب الحرب العالمية الثانية مباشرة، ويجري الآن تطبيقه في دول أخري مثل بوليفيا وفنزويلا والمجر ونيوزيلنده وسكوتلانده وويلز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق