الاثنين، أبريل 11، 2011

نحو نظام‮ ‬انتخابي جديد

بقلم‮:‬نبيل زكي
عارض الحزب الحاكم في ظل النظام السابق‮..
 ‬كل محاولات وجهود المعارضة لتغيير نظام الانتخاب الفردي‮. ‬وكان السبب واضحاً،‮ ‬وهو ان قيادة ذلك الحزب لم‮  ‬تكن راغبة علي الاطلاق في تقوية النظام الحزبي،‮ ‬وكانت تحرص علي ان تكون الارتباطات العائلية والجهوية‮ (‬الانتماء‮  ‬الجغرافي إلي قرية أو مدينة أو منطقة معينة‮) ‬هي العنصرالمؤثر في العملية الانتخابية،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن دور المال صاحب التأثير الاكبر في نظام الانتخاب الفردي،‮ ‬الي جانب ان الحزب الحاكم هو الأكثر قدرة علي تقديم الخدمات المحلية والشخصية،‮ ‬حيث ان الوزراء والقائمين علي السلطة علي استعداد لتقديم الرشاوي الانتخابية وتدبير الخدمات المطلوبة‮.‬
وظهر لدينا‮ »‬نواب الخدمات‮«‬،‮ ‬الذين لا‮ ‬يقومون بدورهم في الرقابة والتشريع‮.. ‬ولكنهم‮ ‬يهرولون وراء الوزراء للحصول علي التأثيرات التي تخدم مقاولي الأصوات في دوائرهم الانتخابية‮.. ‬لضمان الاحتفاظ بالمقعد البرلماني في الانتخابات التالية‮. ‬واصبح دور عضو مجلس الشعب اقرب ما‮ ‬يكون الي دور عضو المجلس المحلي في أحسن الأحوال‮.‬
نظام الانتخاب الفردي‮.. ‬يعني ان من‮ ‬يحصل علي ‮١٥ ‬في المائة من الأصوات‮.. ‬إنما‮ ‬يحصل علي كل الأصوات واصبح‮ ‬يمثل مائة في المائة من الناخبين‮.. ‬أي ان الفكرة الاساسية لهذا النظام الفردي هي ان الفائز الذي‮ ‬يحصل علي ‮١.٠٥ ‬من الاصوات‮ ‬يستحق الفوز بمائة في المائة من السلطة‮. ‬أما مجموع المرشحين الذين‮ ‬يمكن ان‮ ‬يكونوا قد حصلوا علي ‮٩٤ ‬في المائة هنا وهناك،‮ ‬ولم‮ ‬يكتب لهم الفوز،‮ ‬فإن ناخبيهم لا‮ ‬يجدون من‮ ‬يمثلهم رغم كثرتهم العددية‮.. ‬وتكون أصواتهم قد ضاعت هدراً‮!‬
والتمثيل النسبي،‮ ‬علي خلاف ذلك،‮ ‬يقوم علي مبدأ ان أي جماعة من الناخبين‮ ‬يحق لها ان‮ ‬يكون لها ممثلوها،‮ ‬وأن تفوز بمقاعد في المجلس التشريعي بنفس النسبة التي‮ ‬يحصل عليها من أدلت بأصواتها لصالحهم،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يكون حصول مرشح علي مقعد في البرلمان هو تعبير مباشر عن اختيار نسبة من المرشحين‮.‬
والتمثيل النسبي‮ ‬يعني ان كل الناخبين الذين‮ ‬يدلون بأصواتهم‮.. ‬يستحقون ان‮ ‬يكون هناك من‮ ‬يمثلهم،‮ ‬وان كل المجموعات السياسية والأحزاب في المجتمع تجد الفرصة لكي تختار ممثليها في البرلمان بما‮ ‬يتناسب ويتفق مع قوتها التصويتية‮.. ‬هكذا‮ ‬يكون لكل مواطن الحق في أن‮ ‬يتواجد من‮ ‬يمثله بطريقة عادلة‮. ‬ولذلك‮ ‬يري البعض ان نظام القائمة النسبية‮ ‬يشجع علي السلام الاجتماعي،‮ ‬لأنه‮ ‬يتيح لكل قطاع من السكان مجالا للتعبير عن نفسه كما أنه‮ ‬يتيح لكل اقلية لها وزنها ان تنتخب بعض من‮ ‬يمثلونها علي الاقل‮.‬
وطبقاً‮ ‬لنظام التمثيل النسبي،‮ ‬فإنه‮ ‬يتم توزيع المقاعد،‮ ‬وفقاً‮ ‬لنسبة الاصوات التي حصلت عليها قوائم مرشحي الأحزاب‮.‬
فإذا حصل مرشحو حزب سياسي علي اربعين في المائة من الاصوات في عشر دوائر مثلاً،‮ ‬فإنه‮ ‬يحصل علي أربعة من المقاعد العشرة أو ‮٠٤‬٪‮ ‬من المقاعد‮. ‬وإذا حصل حزب اخر علي عشرين في المائة من الأصوات فإنه‮ ‬يفوز بمقعدين‮.. ‬وهكذا‮.‬
وأنظمة التصويت علي قائمة حزبية هي أكثر الأنظمة شيوعاً‮ ‬في التمثيل النسبي‮. ‬والمعروف ان أكثر من ثمانين في المائة من أنظمة هذا التمثيل النسبي في العالم هي شكل من أشكال التصويت علي قوائم للأحزاب‮. ‬وهذا النظام هو الذي‮ ‬يجري تطبيقه في معظم الدول الديمقراطية الأوروبية،‮ ‬حيث‮ ‬يطرح كل حزب قائمة تضم عدداً‮ ‬من المرشحين‮ ‬يساوي عدد مقاعد الدائرة الانتخابية ويدلي الناخبون بأصواتهم لصالح هذه القائمة أو تلك‮. ‬وتحصل الاحزاب علي عدد من المقاعد‮ ‬يتناسب مع حصتها من الاصوات‮.‬
وهناك ما‮ ‬يشبه الإجماع علي أن التمثيل النسبي من شأنه التعامل بطريقة افضل مع أحزاب الاقلية والمرشحين المستقلين الذين‮ ‬يحق لهم أن تكون لهم قائمتهم المنفصلة،‮ ‬كما لو كانوا‮ ‬يشكلون حزباً‮.. ‬والأصوات‮ »‬المهدرة‮« ‬أقل عدداً‮ ‬في‮ ‬هذه الحالة‮. ‬وكل صوت‮ ‬يساهم بقوة في اختيار من‮ ‬يمثله،‮ ‬كما تتوافر لدي المواطنين فرص أفضل لممارسة حق الاختيار‮.. ‬الذي‮ ‬يواجه عملية انتخابية تحترم هذا الاختيار الذي‮ ‬يتميز‮ - ‬عندئذ‮ - ‬بفاعلية أكبر‮. ‬والتمثيل النسبي‮ ‬يمكن ان‮ ‬يشجع علي الاقبال علي التصويت‮ - ‬في ضوء تجارب دول اخري‮ - ‬ويقلل من السلبية واللا مبالاة ويقلص هيمنة الاحزاب الكبري‮.‬
هناك ثلاثة انواع رئيسية لنظام التمثيل النسبي الاول‮: ‬نظام القائمة النسبية،‮ ‬حيث‮ ‬يصوت الناخبون لحزب معين،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يتم انتخاب المرشحين من قائمة الحزب‮. ‬وقد‮ ‬يصوت الناخبون للقائمة كلها،‮ ‬وفقاً‮ ‬للترتيب الذي وضعه الحزب في القائمة،‮ ‬او‮ ‬يختار الناخبون قائمة حزبية،‮ ‬ولكنهم‮ ‬يستطيعون ان‮ ‬يفضلوا مرشحاً‮ ‬علي آخر من نفس القائمة‮. ‬وهنا‮ ‬يصبح الترتيب في القائمة النهائية متوقفاً‮ ‬علي عدد الأصوات التي‮ ‬يحصل عليها كل مرشح مدرج في القائمة‮. ‬وهذا‮ ‬يؤدي الي صعود المرشحين الاكثر شعبية الي مركز الصدارة أو الي قمة القائمة مما‮ ‬يعزز فرص فوزهم‮.‬
الثاني‮: ‬النظام المختلط الذي‮ ‬يجمع بين النظامين الفردي والتمثيل النسبي،‮ ‬وبموجب هذا النظام،‮ ‬يدلي الناخب بصوته مرتين‮: ‬مرة للحزب الذي‮ ‬يختاره،‮ ‬ومرة لمرشح معين‮ ‬يمثل‮ - ‬عادة‮ - ‬الدائرة الانتخابية التي‮  ‬يقطن فيها الناخب‮. ‬وبذلك‮ ‬يتشكل البرلمان من ممثلي القوائم الحزبية‮.. ‬وجزئياً‮.. ‬من ممثلين للناخبين تم انتخابهم بطريقة مباشرة‮.‬
الثالث‮: ‬يختار الناخبون عدة مرشحين ويتولون ترتيبهم وفقاً‮ ‬لأولوية الاختيار‮. ‬والمرشحون الفائزون‮ - ‬في هذه الحالة‮ - ‬هم الذين‮ ‬يحصلون علي الأصوات التي‮ ‬يقررها النظام السياسي القائم‮. ‬أما الأصوات التي حصل عليها المرشحون الذين لم‮ ‬يسعفهم الحظ بالفوز،‮ ‬فإنه‮ ‬يتم إعادة توزيعها الي ان‮ ‬يتم شغل جميع مقاعد البرلمان‮..  ‬وفي كل الأحوال،‮ ‬فإن أنظمة التمثيل النسبي تقوم علي اساس ان نسبة الاصوات تقرر نسبة مقاعد البرلمان‮.. ‬وعلي التنوع الذي‮ ‬يجعل الأحزاب الأصغر تفوز بالتمثيل البرلماني،‮ ‬وتشكيل حكومات ائتلافية،‮ ‬في أغلب الأحوال،‮ ‬بدلاً‮ ‬من حكومة حزب واحد تملك الأغلبية المطلقة‮.‬
وحتي عام ‮٠٠٠٢ ‬كانت هناك ‮٠٨ ‬دولة تطبق نظام التمثيل النسبي منها ‮٨٢ ‬دولة أوروبية و ‮٧١ ‬دولة في أمريكا الجنوبية والكاريبي ودول آسيوية،‮ ‬مثل اندونيسيا واليابان وسري لانكا،‮ ‬بينما لم تكن هناك سوي خمس دول تطبق نظام الانتخاب الفردي،‮ ‬وبقية الدول تأخذ بالنظام المختلط الذي بدأت ألمانيا الغربية بتطبيقه عقب الحرب العالمية الثانية مباشرة،‮ ‬ويجري الآن تطبيقه في دول‮ ‬أخري مثل بوليفيا وفنزويلا والمجر ونيوزيلنده وسكوتلانده وويلز‮.‬


ليست هناك تعليقات: