لا أظن أن حزبا من الأحزاب, طوال تاريخ الأحزاب المصرية, وحتي أحزاب الأقليات, قد فعل بوطنه ما فعله الحزب الوطني عبر تاريخه الطويل نسبيا, بالقياس إلي حزب الاتحاد الذي قاده وفبركه زيور باشا رئيس الديوان الملكي في عهد الملك فؤاد, أو حزب الشعب الذي صنعه صدقي باشا
مزورا الانتخابات, وملفقا دستور1930 الذي رفضته القوي الوطنية, وحاربته إلي أن أعادت دستور1923 الذي صاغته لجنة الثلاثين التي أطلق عليها سعد زغلول اسم لجنة الأشقياء لأنها لم تكن تضم ممثلين من حزب الوفد, ولكن هذه اللجنة صاغت الدستور العظيم الذي اضطر الملك فؤاد إلي إصداره بمرسوم ملكي, بعد أن لم تنجح محاولاته في السيطرة علي اللجنة, أو تقييد نزاهتها أو الانحراف ببعض النصوص, فكانت النتيجة أفضل دستور عرفه التاريخ المصري الحديث.
وبرغم كل ما وجهه البعض من انتقاد إلي نصوصه, فيكفي هذا الدستور أنه كان وراء الانتخابات النزيهة التي أدت إلي الانتصار الساحق للوفد في الانتخابات, واكتساحه بقية الأحزاب, وتولي الزعيم سعد زغلول الحكم علي أساس من الدستور الذي صاغته لجنة أخطأ سعد زغلول في تسميتها لجنة الأشقياء بينما كان الأجدر به أن يسميها لجنة الحكماء الذين نرجو أن يكون لدينا مثلهم في هذا الزمن الصعب أما الحزب الوطني فقد فاق في أفعاله وتبريره الحكم التسلطي الذي ابتليت به مصر, ومارس الحزب بنفسه من أشكال القمع, ما عاشت به مصر أصعب مرحلة في تاريخها الحديث ويمكن لي, بوصفي مثقفا وطنيا مستقلا, لا ينتمي إلي أي حزب, أن أقرر أن ممارسات الحزب الوطني أدت إلي الكوراث التالية:
أولا: إفساد الحياة السياسية باحتكار السلطة, وما لازم ذلك واقترن به من تزوير إرادة الأمة, والتلاعب الفاضح بانتخابات مجلسي الشعب والشوري وآخر كوارث هذا التلاعب التزوير المشين الذي حدث في كارثة الانتخابات الأخيرة لمجلسي الشعب والشوري, الأمر الذي أدي إلي إلغاء المعارضة, ومن ثم انتقالها من تحت قبة البرلمان إلي الشارع الذي وصل غضبه إلي درجة الانفجار الجماهيري الذي أشعله شباب وطني, كان طليعة لثورة25 يناير وقلبها النابض وعقلها اليقظ, وذلك علي نحو يذكرني- والقياس مع الفارق- بثورة1919 التي بدأت طليعتها من كلية الحقوق التي تبعتها بقية الجامعة المصرية, فانتقلت العدوي إلي كل طوائف الشعب الذي تيقظ حسه الوطني وإرادته في الحرية والاستقلال والعدالة الاجتماعية.
ثانيا: محاولة إضعاف الأحزاب المعارضة علي نحو مستمر ومتزايد, فضلا عن التآمر لإجهاضها من داخلها, والتضييق القمعي علي حرياتها وحقوقها السياسية, وذلك بما أدي إلي ضعف أحزاب المعارضة الشرعية, ومن ثم نزوعها السلبي وميلها إلي التصالح مع حكومات الحزب الوطني المتعاقبة, واكتفائها بدور الديكور أو التصالح مع السلطة بأساليب مباشرة وغير مباشرة, وأضيف إلي ذلك انتقال عدوي التسلط من الحزب الوطني إلي الأحزاب الرسمية المعارضة, ومن ثم انتقال البنية البطريركية التراتبية من السلطة القائمة إلي الأحزاب التي غدت لا تختلف في بنياتها الداخلية عن بنية السلطة القائمة في الأغلب, سواء من حيث البناء الهرمي أو التراتب العمري الذي يضع الشباب في الذيل, أو يجعل هذه الأحزاب في حال من الجمود الغالب, فبدت كأنها صورة مماثلة للنظام الحاكم.
ثالثا: إفساد الممارسة الديمقراطية بتقليص الحريات إلي أقصي درجة, واحتكار وسائل التعبير والإعلام, ومنها الصحافة التي أطلق عليها اسم قومية كما لو كان غيرها يفتقد هذه الصفة النبيلة, فكان الوضع أشبه بتسمية جماعة الإخوان المسلمين التي توهم أن أعضاءها هم المسلمون وغيرهم لا ينتمي إلي الإسلام مثلهم وأضف إلي ذلك وسائل الإعلام وأصحاب الفكر الحر فيها, سواء كان الإعلام حكوميا أو خاصا, وما حدث لكل من حمدي قنديل وعمرو أديب ومحمود سعد مثال يدل علي حالات أخري من القمع المباشر وغير المباشر, المعلن وغير المعلن, في كل وسائل الإعلام, وكانت النتيجة أن تحولت وزارة الإعلام إلي وزارة دعاية للحزب وحكومته, وتحولت الجرائد والمجلات القومية في أغلبها إلي جرائد ومجلات يغلب عليها النفاق والملق والمداهنة, واقترن التعيين فيها بالولاء للحزب الوطني والطاعة الكاملة له, فضلا عن التبرير لأفعاله والتخييل بصادق وطنيته إلا من عصم الله.
رابعا: تشجيع التحالف الشائن بين السلطة ورأس المال, وتبنيه والدفاع عنه للأسف وهو الأمر الذي تسبب في نهب المال العام وأراضي الدولة معا, سواء من أصحاب الثروة الذين أوصلهم الحزب إلي الوزارة, أو الذين عينهم وزراء, أو الذين استغلوا علاقاتهم ومراكزهم القوية حزبيا في المتاجرة بأمراض المواطنين, وذلك بما انقلب بمهنة الطب من رسالة إنسانية إلي وسيلة للتربح وتكديس الملايين, فظهر أباطرة التجارة بصحة المواطنين في موازاة إمبراطور صناعة الحديد الذي كان لسوء ذمته المالية والسياسية ما أدي به إلي احتكار صناعي, حدث تحت أعين الشعب ورغم أنفه, أضف إلي ذلك الذين تسببوا في كوارث أودت بحياة الآلاف من الأرواح البريئة, ابتداء من كارثة العبارة الشهيرة, وليس انتهاء بالمتاجرة بمستلزمات طبية فاسدة, أو نهب الأموال المخصصة لعلاج المواطنين الذين فقدت أغلبيتهم الرعاية الصحية, في موازاة فقد التعليم السليم, والتكافل الاجتماعي الذي هو قرين العدالة الاجتماعية ولن ننسي نواب القروض, أو الذين استغلوا عضويتهم في مجلس الشعب أو الشوري في تعيين الأقارب والمحاسيب والتسابق في مخالفة القانون.
خامسا: الإسهام في خلق أوضاع غير إنسانية من التمييز الاجتماعي والطبقي بين أغلبية ساحقة من الفقراء الذين ازدادوا فقرا وجوعا, والأغنياء الذين ازدادوا ثراء وفحشا وفجورا, يعف قلمي عن ذكر أمثلته المعروفة, وهو الأمر الذي وصل بالتمييز الطبقي إلي ذروته الوحشية التي اقترنت بوصول أكثر من أربعين في المائة إلي خط الفقر, ووصول ملايين إلي ما دون خط الفقر بكثير, في أوضاع غير مسبوقة من المهانة, غاب فيها حتي رغيف الخبز, وشرب المعذبون في الأرض من مياه مختلطة بأوساخ الصرف الصحي, وأكلوا خضراوات مروية بمياه المجاري, وسمعنا للمرة الأولي, في التاريخ المصري الحديث, عن من ماتوا في طوابير التزاحم علي رغيف خبز, ناهيك عن إنفلونزا الخنازير التي كان شباب الإخوان المسلمين أكثر فاعلية في مقاومتها من شباب الحزب الوطني, وقس علي ذلك غيره.
ومع ذلك كله, كانت حكومة الحزب الوطني وأمانة سياساته تتباهي بمعدلات تنمية, لم ينل المحرومون شيئا منها, وقد صدق الفريق أحمد شفيق, رئيس الوزراء الذي أحترمه وأثق في نزاهته وجديته, عندما سخر من أوهام قادة هذا الحزب وأمانة سياساته عندما تخيلوا أن خطتهم في التنمية أشبه بزراعة شجرة تفاح علي الشعب الفقير الانتظار الطويل إلي أن تثمر وتتساقط ثمارها, لكن الثمار لم تسقط علي المحرومين, فقد قطفها الذين يملكون ما يكنزون الثروة, ولم تصل إلي الفقراء من الأغلبية المعذبة في الأرض, فكان الغضب المكتوم قرين العنف الذي لم يكف عن ممارسته الذين لا يجدون ما يأكلون أو ينفقون, خصوصا في العشوائيات وعزب الصفيح التي لا تزال محتدمة بالغضب والحقد علي سكان المدن السياحية والـCompounds الراقية واعتصر الألم قلوب الشرائح الدنيا من أبناء الطبقة الوسطي الذين لم يجدوا سوي التعليم الحكومي المجاني( ؟!) بالغ السوء والتخلف بينما أبناء غيرهم يدخلون مدارس راقية مثل أسرهم, وتتراوح تكاليف التعليم في بعضها ما بين ثلاثين ألفا, وما يزيد عن المائة ألف جنيه, حيث توجد حمامات السباحة الفاخرة إلي جوار مسارات الخيول وما أشبه مما لا يعلمه ابن من أبناء الطبقة الوسطي مثلي, فأصبح التعليم موازيا للتناقض الطبقي الرهيب بين أكثرية محرومة وأقلية محدودة جدا وكان ذلك نتيجة امتلاك حوالي خمس وعشرين أسرة في مصر للثروة والسلطة, الأكثرية الغالبة منها مقربة من سدنة الحزب الوطني.
وكان ذلك نتيجة انفراد عدد بالغ القلة من الأسر التي امتلكت الثروة واحتكرت السلطة بفضل عضوية الحزب الوطني, والصعود الانتهازي السريع لدرجاته, فانقسم المجتمع انقساما عدائيا ما بين أكثرية أضناها الفقر, ظلت أسيرة مساكنها البائسة وعشوائيتها المحتشدة بالعنف والجهل والمرض والعقائد الخرافية, التي ضحك بها علي عقولهم من يماثلونهم في الجهل بأمور دينهم الذي يأمر بالبر والتقوي والتكافل الملازم للعدل الاجتماعي الذي ضاع تحت أقدام الذين كدسوا المليارات, ونهبوا ثروات الشعب بلا رحمة.
مزورا الانتخابات, وملفقا دستور1930 الذي رفضته القوي الوطنية, وحاربته إلي أن أعادت دستور1923 الذي صاغته لجنة الثلاثين التي أطلق عليها سعد زغلول اسم لجنة الأشقياء لأنها لم تكن تضم ممثلين من حزب الوفد, ولكن هذه اللجنة صاغت الدستور العظيم الذي اضطر الملك فؤاد إلي إصداره بمرسوم ملكي, بعد أن لم تنجح محاولاته في السيطرة علي اللجنة, أو تقييد نزاهتها أو الانحراف ببعض النصوص, فكانت النتيجة أفضل دستور عرفه التاريخ المصري الحديث.
وبرغم كل ما وجهه البعض من انتقاد إلي نصوصه, فيكفي هذا الدستور أنه كان وراء الانتخابات النزيهة التي أدت إلي الانتصار الساحق للوفد في الانتخابات, واكتساحه بقية الأحزاب, وتولي الزعيم سعد زغلول الحكم علي أساس من الدستور الذي صاغته لجنة أخطأ سعد زغلول في تسميتها لجنة الأشقياء بينما كان الأجدر به أن يسميها لجنة الحكماء الذين نرجو أن يكون لدينا مثلهم في هذا الزمن الصعب أما الحزب الوطني فقد فاق في أفعاله وتبريره الحكم التسلطي الذي ابتليت به مصر, ومارس الحزب بنفسه من أشكال القمع, ما عاشت به مصر أصعب مرحلة في تاريخها الحديث ويمكن لي, بوصفي مثقفا وطنيا مستقلا, لا ينتمي إلي أي حزب, أن أقرر أن ممارسات الحزب الوطني أدت إلي الكوراث التالية:
أولا: إفساد الحياة السياسية باحتكار السلطة, وما لازم ذلك واقترن به من تزوير إرادة الأمة, والتلاعب الفاضح بانتخابات مجلسي الشعب والشوري وآخر كوارث هذا التلاعب التزوير المشين الذي حدث في كارثة الانتخابات الأخيرة لمجلسي الشعب والشوري, الأمر الذي أدي إلي إلغاء المعارضة, ومن ثم انتقالها من تحت قبة البرلمان إلي الشارع الذي وصل غضبه إلي درجة الانفجار الجماهيري الذي أشعله شباب وطني, كان طليعة لثورة25 يناير وقلبها النابض وعقلها اليقظ, وذلك علي نحو يذكرني- والقياس مع الفارق- بثورة1919 التي بدأت طليعتها من كلية الحقوق التي تبعتها بقية الجامعة المصرية, فانتقلت العدوي إلي كل طوائف الشعب الذي تيقظ حسه الوطني وإرادته في الحرية والاستقلال والعدالة الاجتماعية.
ثانيا: محاولة إضعاف الأحزاب المعارضة علي نحو مستمر ومتزايد, فضلا عن التآمر لإجهاضها من داخلها, والتضييق القمعي علي حرياتها وحقوقها السياسية, وذلك بما أدي إلي ضعف أحزاب المعارضة الشرعية, ومن ثم نزوعها السلبي وميلها إلي التصالح مع حكومات الحزب الوطني المتعاقبة, واكتفائها بدور الديكور أو التصالح مع السلطة بأساليب مباشرة وغير مباشرة, وأضيف إلي ذلك انتقال عدوي التسلط من الحزب الوطني إلي الأحزاب الرسمية المعارضة, ومن ثم انتقال البنية البطريركية التراتبية من السلطة القائمة إلي الأحزاب التي غدت لا تختلف في بنياتها الداخلية عن بنية السلطة القائمة في الأغلب, سواء من حيث البناء الهرمي أو التراتب العمري الذي يضع الشباب في الذيل, أو يجعل هذه الأحزاب في حال من الجمود الغالب, فبدت كأنها صورة مماثلة للنظام الحاكم.
ثالثا: إفساد الممارسة الديمقراطية بتقليص الحريات إلي أقصي درجة, واحتكار وسائل التعبير والإعلام, ومنها الصحافة التي أطلق عليها اسم قومية كما لو كان غيرها يفتقد هذه الصفة النبيلة, فكان الوضع أشبه بتسمية جماعة الإخوان المسلمين التي توهم أن أعضاءها هم المسلمون وغيرهم لا ينتمي إلي الإسلام مثلهم وأضف إلي ذلك وسائل الإعلام وأصحاب الفكر الحر فيها, سواء كان الإعلام حكوميا أو خاصا, وما حدث لكل من حمدي قنديل وعمرو أديب ومحمود سعد مثال يدل علي حالات أخري من القمع المباشر وغير المباشر, المعلن وغير المعلن, في كل وسائل الإعلام, وكانت النتيجة أن تحولت وزارة الإعلام إلي وزارة دعاية للحزب وحكومته, وتحولت الجرائد والمجلات القومية في أغلبها إلي جرائد ومجلات يغلب عليها النفاق والملق والمداهنة, واقترن التعيين فيها بالولاء للحزب الوطني والطاعة الكاملة له, فضلا عن التبرير لأفعاله والتخييل بصادق وطنيته إلا من عصم الله.
رابعا: تشجيع التحالف الشائن بين السلطة ورأس المال, وتبنيه والدفاع عنه للأسف وهو الأمر الذي تسبب في نهب المال العام وأراضي الدولة معا, سواء من أصحاب الثروة الذين أوصلهم الحزب إلي الوزارة, أو الذين عينهم وزراء, أو الذين استغلوا علاقاتهم ومراكزهم القوية حزبيا في المتاجرة بأمراض المواطنين, وذلك بما انقلب بمهنة الطب من رسالة إنسانية إلي وسيلة للتربح وتكديس الملايين, فظهر أباطرة التجارة بصحة المواطنين في موازاة إمبراطور صناعة الحديد الذي كان لسوء ذمته المالية والسياسية ما أدي به إلي احتكار صناعي, حدث تحت أعين الشعب ورغم أنفه, أضف إلي ذلك الذين تسببوا في كوارث أودت بحياة الآلاف من الأرواح البريئة, ابتداء من كارثة العبارة الشهيرة, وليس انتهاء بالمتاجرة بمستلزمات طبية فاسدة, أو نهب الأموال المخصصة لعلاج المواطنين الذين فقدت أغلبيتهم الرعاية الصحية, في موازاة فقد التعليم السليم, والتكافل الاجتماعي الذي هو قرين العدالة الاجتماعية ولن ننسي نواب القروض, أو الذين استغلوا عضويتهم في مجلس الشعب أو الشوري في تعيين الأقارب والمحاسيب والتسابق في مخالفة القانون.
خامسا: الإسهام في خلق أوضاع غير إنسانية من التمييز الاجتماعي والطبقي بين أغلبية ساحقة من الفقراء الذين ازدادوا فقرا وجوعا, والأغنياء الذين ازدادوا ثراء وفحشا وفجورا, يعف قلمي عن ذكر أمثلته المعروفة, وهو الأمر الذي وصل بالتمييز الطبقي إلي ذروته الوحشية التي اقترنت بوصول أكثر من أربعين في المائة إلي خط الفقر, ووصول ملايين إلي ما دون خط الفقر بكثير, في أوضاع غير مسبوقة من المهانة, غاب فيها حتي رغيف الخبز, وشرب المعذبون في الأرض من مياه مختلطة بأوساخ الصرف الصحي, وأكلوا خضراوات مروية بمياه المجاري, وسمعنا للمرة الأولي, في التاريخ المصري الحديث, عن من ماتوا في طوابير التزاحم علي رغيف خبز, ناهيك عن إنفلونزا الخنازير التي كان شباب الإخوان المسلمين أكثر فاعلية في مقاومتها من شباب الحزب الوطني, وقس علي ذلك غيره.
ومع ذلك كله, كانت حكومة الحزب الوطني وأمانة سياساته تتباهي بمعدلات تنمية, لم ينل المحرومون شيئا منها, وقد صدق الفريق أحمد شفيق, رئيس الوزراء الذي أحترمه وأثق في نزاهته وجديته, عندما سخر من أوهام قادة هذا الحزب وأمانة سياساته عندما تخيلوا أن خطتهم في التنمية أشبه بزراعة شجرة تفاح علي الشعب الفقير الانتظار الطويل إلي أن تثمر وتتساقط ثمارها, لكن الثمار لم تسقط علي المحرومين, فقد قطفها الذين يملكون ما يكنزون الثروة, ولم تصل إلي الفقراء من الأغلبية المعذبة في الأرض, فكان الغضب المكتوم قرين العنف الذي لم يكف عن ممارسته الذين لا يجدون ما يأكلون أو ينفقون, خصوصا في العشوائيات وعزب الصفيح التي لا تزال محتدمة بالغضب والحقد علي سكان المدن السياحية والـCompounds الراقية واعتصر الألم قلوب الشرائح الدنيا من أبناء الطبقة الوسطي الذين لم يجدوا سوي التعليم الحكومي المجاني( ؟!) بالغ السوء والتخلف بينما أبناء غيرهم يدخلون مدارس راقية مثل أسرهم, وتتراوح تكاليف التعليم في بعضها ما بين ثلاثين ألفا, وما يزيد عن المائة ألف جنيه, حيث توجد حمامات السباحة الفاخرة إلي جوار مسارات الخيول وما أشبه مما لا يعلمه ابن من أبناء الطبقة الوسطي مثلي, فأصبح التعليم موازيا للتناقض الطبقي الرهيب بين أكثرية محرومة وأقلية محدودة جدا وكان ذلك نتيجة امتلاك حوالي خمس وعشرين أسرة في مصر للثروة والسلطة, الأكثرية الغالبة منها مقربة من سدنة الحزب الوطني.
وكان ذلك نتيجة انفراد عدد بالغ القلة من الأسر التي امتلكت الثروة واحتكرت السلطة بفضل عضوية الحزب الوطني, والصعود الانتهازي السريع لدرجاته, فانقسم المجتمع انقساما عدائيا ما بين أكثرية أضناها الفقر, ظلت أسيرة مساكنها البائسة وعشوائيتها المحتشدة بالعنف والجهل والمرض والعقائد الخرافية, التي ضحك بها علي عقولهم من يماثلونهم في الجهل بأمور دينهم الذي يأمر بالبر والتقوي والتكافل الملازم للعدل الاجتماعي الذي ضاع تحت أقدام الذين كدسوا المليارات, ونهبوا ثروات الشعب بلا رحمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق